من خطب الجمعة

السبت - 21 يناير 2017

Sat - 21 Jan 2017

الخطايا الثلاث

«كم للخطيئة من دروب يدأب الشيطان على إقامتها، والإغراء بها، والحث عليها؛ لعرقلة سير السالك إلى ربه، الكادح إليه، المقبل عليه، يريد بذلك تكثير حزبه، وتقوية جنده، وإهلاك عدوه ومحسوده، ومن دروب الخطيئة ومن أشدها خطرا على العبد: ثلاث خصال جاء الوعيد الشديد لمن اقترف إثم واحدة منها، هي رذيلة البخل والشح والأثرة في أبشع صورها، والثانية غش إمام المسلمين، والغدر به، بنكث بيعته؛ لمجرد الهوى والمطامع الدنيوية، من هبات ومنح وغيرها مما يجعله الغاش منتهى أمله، وغاية مقصده،

والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق، ويقيم الحدود، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فمن جعل مبايعته لمال يعطاه، دون ملاحظة المقصود في الأصل؛ فقد خسر خسرانا مبينا، ودخل في الوعيد المذكور، وحاق به، إن لم يتجاوز الله عنه وفيه: أن كل عمل لا يقصد به وجه الله، وأريد به عرض الدنيا، فهو فاسد، وصاحبه آثم، وكفى بهذا الغدر والنكث سوءا وقبحا أن أعداء المسلمين ما وجدوا عليهم سبيلا إلا من طريق الغادرين، في مختلف ضروبهم وألوانهم ومسالكهم في الغدر، يتخذون منهم صنائع وأدوات تهدم ولا تبني، وتفرق ولا تجمع، وتضل ولا تهدي، وتفسد ولا تصلح، وتحرض على الإثم والعدوان، وتنشر الأراجيف والبهتان، وكفى الغادر الناكث خزيا فضيحته على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، وثالث الخصال المرذولة المقبوحة الغش في البيع والشراء، بإعمال طرق وحيل يحتال بها الغاش؛ ليكسب الصفقة، ويربح المغنم، ويزيد ثروته، وأخبث الغش وأعظمه جرما: ما كان الحلف بالله فيه وسيلة لترويج السلعة البائرة».



أسامة خياط - الحرم المكي



طاقة الاستبشار

«الاستبشار يولد الطاقة ويحفز الهمم ويدفع إلى العمل ويصنع المستقبل، وكلما تأججت مآسي المسلمين في بعض بقاع الأرض تأكدت الحاجة لاستحضار البشائر، فهذا هدي رسول الأمة صلوات الله وسلامه عليه، فقلب المحنة منحة وأيقظ الأمل في جوف الألم، وأعظم دواعي الفرح وأسباب البشارة في حياة المؤمن هو انتشار دين الله عز وجل واهتداء غير المسلمين بالإسلام، فهذا الانتشار السريع من خصائص الإسلام الثابتة التي تنبع من ذاته مهما قل أتباعه أو تساهل أنصاره أو قسى أعداؤه، والإسلام بدأ في مكة بفئة قليلة مستضعفة عانت ألوان البطش والإيذاء وفي غضون سنوات عم الإسلام جزيرة العرب، فتشكل جيل حمل رسالة الإسلام ونشرها، وانتشر الإسلام لأنه الدين الذي ارتضاه الله للناس وتكفل بحفظه، والناس أحبت الإسلام لأنه عقيدة إيمانية تشبع فراغ القلوب وتهذب حيرة الأرواح، وتلبي حاجة النفوس وتمنح الأمن وتروي الظمأ، وانتشاره كان بسبب تمجيده للعلم وتكريمه للعلماء وثنائه على العقل والفكر فاطمأنت الناس إليه لأنه يحقق العدالة الاجتماعية في جميع مظاهر الحياة، ومهمة نشر الإسلام من أعظم الفضائل وأجل المراتب، والعنصر الأبرز في انتشار الإسلام على يد السلف سيرتهم النقية وعدلهم في أحكامهم وسلوكهم، وللإعلام أهمية في الحديث واستثمار وسائل التقنية في نشر الإسلام لإبراز سماحته ويسره والتصدي لمن يحاول تشويه صورته وتحجيره، ويقع بعض المسلمين جهلا في تشويه صورة الإسلام بسلوك طرق ضالة ومذاهب منحرفة ومناهج مختلفة تشتت الأمة وتفرق جمعها وتضعف وحدتها، وعلى المسلمين في بلاد الحرمين مسؤولية كبيرة في العمل على نشر هذا الدين بوصفها قبلة المسلمين ومثوى خير رسل الله».



عبدالبارئ الثبيتي- الحرم النبوي