غزل اليزيدي

بعد الفوز.. هل يصبح ترامب رئيسا؟

الأربعاء - 18 يناير 2017

Wed - 18 Jan 2017

يوم التاسع من نوفمبر الماضي كان نقطة تحول في حياة الشعب الأمريكي بصفة خاصة والعالم بصفة عامة.



في هذا اليوم تم إعلان فوز دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبذلك يكون الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، خلفا للرئيس الديمقراطي باراك أوباما، لفترة رئاسية تمتد أربع سنوات من عام 2017 حتى عام 2021.



إعلان فوز ترامب بالرئاسة، والمخالف للتوقعات، أنهى حملة انتخابية رئاسية أمريكية امتدت من منتصف عام 2015 وانتهت بإعلان اسم المرشح الفائز يوم التاسع من نوفمبر 2016. في بداية الحملة الانتخابية كان هناك اعتقاد بانحصار أسماء مرشحي الحزبين بين هيلارى كلينتون وجيب بوش، نظرا لخبرتهما في المجال السياسي، وذلك قبل إعلان جيب بوش انسحابه من الانتخابات أمام منافسه في الحزب الجمهوري دونالد ترامب.



وصلت تكلفة الحملة الانتخابية الأخيرة، لما يقارب 1.8 مليار دولار أمريكي، كان نصيب هيلاري كلينتون منها 1.2 مليار دولار متجاوزة دونالد ترامب والذي كلفته حملته 600 مليون دولار، وهو مبلغ تجاوز ما سبقه من الحملات الانتخابية، 70% من هذا المبلغ تم صرفه على الإعلانات. للمال دور لا يمكن إنكاره في دعم الحملات الانتخابية، لكن لا يقل أهمية عنه تواصل المرشح المباشر أو غير المباشر مع ناخبيه، هنا يكمن الدور الحقيقي للاستعانة المثلى بالإعلام في دعم المرشح.



نتيجة التصويت كانت غير متوقعة للكثيرين داخل وخارج أمريكا، وذلك نظرا لأن ترامب لم يمارس العمل السياسي أو الحكومي قبل الآن. فقد تقدم المرشح الجمهوري دونالد ترامب على الديمقراطية هيلاري كلينتون بعد أن كسب 274 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي البالغة 538 صوتا، والتي يكفي أن يفوز أحد المرشحين بعدد 270 صوتا منها على أقل تقدير للفوز بمنصب الرئاسة الأمريكية.



بالرغم من أن كلينتون فازت بأصوات ناخبين أكثر من ترامب بما يقارب مليونين ونصف المليون صوت على مستوى الولايات المتحدة، إلا أن ترامب هو الفائز، وذلك بسبب نظام «المجمع الانتخابي». ما حصل في انتخابات عام 2016 مشابه لما حدث في انتخابات عام 2000، فقد فاز جورج بوش الابن مرشح الحزب الجمهوري بالانتخابات بالرغم من حصوله على أصوات أقل من منافسه مرشح الحزب الديمقراطي آل جور بفارق 540 ألف صوت، وذلك لأن جورج بوش الابن حصل على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي والمتمثل في 271 صوتا، ليصبح رئيسا للولايات المتحدة.



المجمع الانتخابي (Electoral College) هو هيئة انتخابية رسمية مهمتها انتخاب الرئيس التنفيذي للولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة لهذا، فالمجمع الانتخابي، هو مثال للانتخابات غير المباشرة، بمعنى أن الشعب الأمريكي فعليا ليس هو من يقرر رئيسه المنتخب عن طريق التصويت المباشر، بل يتم التصويت لصالح أعضاء المجمع الانتخابي والذين بدورهم يختارون المرشح الرئاسي الأنسب من وجهة نظرهم.



كل ولاية لها عدد معين من الأصوات في المجمع الانتخابي بم يتناسب مع عدد سكانها. فعلى سبيل المثال، تعتبر ولاية كاليفورنيا من أكبر الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان لها 55 صوتا، بينما تملك ولاية فيرمونت ثلاثة أصوات فقط.



مالا يعلمه الكثير، أنه وبالرغم من استحواذ ترامب على أصوات أعضاء المجمع الانتخابي والتي أهلته للفوز على هيلاري وإعلان أنه الفائز بالرئاسة الأمريكية، إلا أن الحسم الرئاسي لم ينته حتى 19 ديسمبر، وكان هناك احتمال أن يخسر ترامب وتكون كلينتون هي الرئيسة المقبلة.



أحد هذه الاحتمالات أن يغير مندوبو المجمع الانتخابي اسم مرشحهم، فالدستور الأمريكي لا ينص على أن يصوت مندوبو المجمع الانتخابي للمرشح الفائز في الولاية التي فاز فيها بأصوات الناخبين. فالمندوبون، يوم 19 ديسمبر، أعادوا التصويت رسميا لانتخاب رئيس للولايات المتحدة واعتمدوا ترشيحاتهم النهائية، التي جاءت تأكيدا لفوز ترامب، بعدها أقر الكونجرس الأمريكي نتائج التصويت يوم 6 يناير، وذلك قبل أن يتم تنصيب دونالد ترامب، ويتولى مهام عمله في 20 يناير 2017. أي أنه كانت هناك فرصة مواتية لهم لتغيير اختيارهم السابق لصالح المرشحين الرئاسيين الآخرين.



المعارضون لفوز ترامب شنوا حملات مكثفة لحث المندوبين في المجمع الانتخابي على تغيير أصواتهم السابقة، التي كسبها دونالد ترامب تلقائيا في الولايات التي فاز بها، ومخالفة رغبات ولاياتهم عن طريق التصويت لهيلاري كلينتون يوم 19 ديسمبر الماضي. الجدير بالذكر، أن كلينتون كانت تحتاج لأن تحصل على 37 صوتا إضافيا من المجمع الانتخابي بالإضافة لمن صوت لها سابقا، وبذلك تكون الفائزة بالرئاسة.



الاحتمال الآخر، ليتم تغيير اسم المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية، أن يتم إثبات عدم نزاهة الانتخابات، هذا الأمر متداول الآن بعدما أعلن البيت الأبيض فتح تحقيق بسبب خروقات أمنية طالت النظام الالكتروني للتصويت، تشير النتائج الأولية بأن روسيا تقف خلفها، مما يعني أن النتيجة المعلنة قد لا تعكس الرغبة الحقيقية للناخب الأمريكي.



ختاما، فوز ترامب قد يكون منطقيا عند التعمق في الأساليب التي استخدمها للفوز بالرئاسة. طبقا للعديد من التحليلات التي أعقبت فوزه، تبنى ترامب نهجا مختلفا اعتمد فيه على توجيه رسائل واضحة ومباشرة إلى فئات الشعب كل بما يخدم قضاياه. على سبيل المثال، إن السياسات الاقتصادية وسياسات الهجرة التي اتبعها الديمقراطيون لفترات طويلة لم تنتج عنها إصلاحات ترضي طموحات الشعب الأمريكي. فقد عانت الطبقة الوسطى البيضاء من خسارة لوظائفها نتيجة لازدياد أعداد المهاجرين الذين بدؤوا بالسيطرة على مناصب مهمة، قابله انخفاض ملحوظ في أعداد الأمريكيين البيض وتحولهم إلى أقلية عددية خلال العقود الثلاثة الماضية، مما شكل تهديدا للناخبين البيض. أيضا فنتيجة للوضع الاقتصادي المتردي، عمدت نسبة كبيرة من الناخبين على اختيار مرشح ذي خبرة اقتصادية أملا في إنعاش الوضع الاقتصادي غير المستقر.