الفراسة بين الخيال والحقيقة

الاثنين - 16 يناير 2017

Mon - 16 Jan 2017

قد يعتقد البعض أن استباق الأحداث وإطلاق الأحكام نوع من أنواع الفراسة أو هو الفراسة بعينها، وهذا خطأ آخر يضاف إلى الخطأ الأكبر الذي يتمحور في عدم التيقن من المعلومة، بالإضافة إلى مسالة أخرى ألا وهي ادعاء الفراسة بالرغم من أن الفراسة ليست تأويل أحاديث الآخرين وتفسيرها بشكل أو بآخر، ومن يعتقد بأن هذه هي الفراسة فاعتقاده في هذه الحالة يكون (خارج التغطية) أو بصريح العبارة خاطئا فالفراسة هي استشعار الأمان والخير من شخص معين والعكس توقع السوء منه في أي لحظة وهذا كما جاء في الأثر «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بعين الله».



وهذه دلالة على أن الفراسة هي تلك الشفافية المطلقة التي تمتلك القدرة الفائقة على قراءة الحقيقة المندسة والمختبئة خلف الأقنعة والفراسة هي الوحيدة القادرة على كشف تلك الأقنعة وتعريتها على حقيقتها لأنها تقرأ تلك الأقنعة وبوضوح كأنها تلك الشمس الساطعة في رابعة النهار بلا رتوش أو ما يشوبها من غمام، وهذا ما يجعل حكم صاحب الفراسة أكثر مصداقية من غيره فيما يقوله ويحذر منه، بعكس من يستبق الأحداث ويفسرها على حسب أهوائه ورغباته ومصالحه الشخصية أو كما هو يعتقد وليس كما هي الحقيقة والتي تكتشف لاحقا فتكون عكس تلك التأويلات والأحكام المتسرعة على شيء لم يثبت حدوثه أو قوله أصلا.

وهذا ما يأخذنا ومباشرة إلى قول المولى عز وجل «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». (الحجرات: الآية 6).



والكارثة أن هناك الكثير من أمثال هؤلاء القوم يعبثون ويظنون أنهم يفسرون ويعبرون، بينما هم في حقيقة الأمر لا يفعلون سوى شيئا واحدا لا ثاني له ولا ثالث ألا وهو إطلاق العنان لمخيلتهم العبثية في أشياء لا تحتاج إلى الخيال بقدر ما تحتاج إلى التبين والتيقن منها، بينما هؤلاء القوم وفي الغالب يعتمدون على (التخمينات) واجتهادات يجب أن لا تكون في نهاية الأمر أحكاما، كما يظن أولئك الذين يستندون على التكهنات والخيال للوصول إلى الخبر الصحيح أو الحقيقة الغائبة بسبب خفي أو بفعل فاعل يحاول أن يمرر بعض الإشاعات بغرض غالبا ما يكون غير نزيه أو بمعنى أصح غير شريف لغاية أكثر خبثا ودمارا.