العالم العربي عام 2017

الخميس - 12 يناير 2017

Thu - 12 Jan 2017

العام المنصرم 2016، كان عاما سيئا بكل معنى الكلمة للعالم العربي، فقد كان عاما دمويا لكثير من الدول العربية، مليئا بالحروب الأهلية والنزاعات الداخلية، والانهيارات الاقتصادية، ما أدى إلى أن يلقي اليأس وفقدان الأمل بظلالهما على هذا الجزء من العالم.



والربيع العربي المزعوم لم يفعل شيئا بخلاف أنه ألقى بالسفينة العربية في محيط متلاطم تتقاذفها الأعاصير الهوجاء التي تنذر بالمزيد من التمزق والاختلالات التي تصعب معالجتها.



وقد أوصلتنا إلى هذه الحالة المزرية سنوات طويلة من إهمال التنمية الاجتماعية، والديكتاتورية، وحكم العسكر ومغامرة الحكام، ما أدى بنا إلى الوقوع في هذه الهوة السحيقة التي لا يعلم إلا الله وحده متى سنخرج منها.



وفي فلسطين المحتلة، هذا الجرح النازف، يقتل جنود الاحتلال الصهيوني مئات الأطفال والنساء الفلسطينيين بينما العالم في غفلة تامة أو مشغول بمتابعة رسائل تويتر التي يكتبها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.



لقد انشغل العالم ونسي فلسطين وحتى قرار إدانة المستوطنات اليهودية وتجريم بنائها لن يردع إسرائيل لكنه سيظل فقط في أضابير الأمم المتحدة ضمن قرارات أخرى كثيرة أدينت فيها دولة العدو الصهيوني.



والسؤال هنا: هل سنظل نحن العرب مكتوفي الأيدي ومحبطين أم إننا سنعدل الوضع ونأتي ببرنامج عمل يجعل عام 2017 نقلة فارقة في تاريخنا ويخرجنا من حالة البؤس التي ظللنا نرزح تحتها ردحا طويلا من الزمن؟



إننا في حاجة إلى وضع خطة أو برنامج عمل ننفذه خلال العام الجديد لنجعله مختلفا وحتى يكون عام خير علينا جميعا.

وينص هذا البرنامج أولا على أن التنمية الاقتصادية المستدامة لن تتحقق إلا إذا اختفت النزاعات وسكتت أصوات المدافع وتحققت اللحمة الوطنية التي لن تقصي أحدا. ولن تكون هناك أية تنمية حقيقية في ظل النزاعات والاختلافات.



ويستلزم هذا البرنامج، بالضرورة، إعادة بث الحياة في أوصال جامعة الدول العربية وأن نوفر لها من الصلاحيات ما يجعلها قادرة على أن تكون لها رسالة جديدة ورؤية مختلفة وألا تضيع أموالها في عقد القمم والاجتماعات الوزارية التي لم تحقق شيئا منذ إنشائها قبل نحو 72 عاما.



والتحدي الحقيقي أمام هذا البرنامج، إذا توافقنا عليه، هو كيفية احتواء القضايا الساخنة التي تواجهنا وتحد من تقدمنا وتقعدنا عن القيام بواجباتنا لكن لن يكون هذا عملا سهلا ولن يكون طريقنا إليه مفروشا بالورود والرياحين.



ويجب أن تعمل كافة قطاعات المجتمع وأطيافه للإسهام في بناء الأوطان وتحقيق تفاهم عالمي حول قضايانا الأساسية التي هي لب حياتنا ومنتهى آمالنا وغاية مطمحنا.



ولا بد أن يأخذ هذا البرنامج، الذي سنتفق عليه ليكون لنا نبراسا خلال العام الجديد، في الاعتبار أن لدنيا ملايين الشباب الذين يوصمون بأنهم إرهابيون أو متخلفون في أفضل الأحوال ويكون واجبنا نحوهم هو التوعية والقيادة بالمثل حتى نقودهم إلى جادة الطريق ونخرج منهم طاقاتهم المعطلة لكن هذا لن يتحقق في وجود العقليات المتحجرة وأساطين الروتين والبيروقراطية، وفي هذا السياق من حق المرء أن يتساءل: من أعطى هؤلاء الناس حق التحكم في حياتنا؟

إن الروح العظيمة للأجيال الجديدة كثيرا ما تصطدم بالمعارضة العنيفة من أصحاب العقول الضيقة والنظرة القاصرة من أصحاب السلطة الحاليين الذين كبلوا انطلاقة الشباب وحرموهم من الانطلاق نحو آفاق أرحب من الحرية والانعتاق.



إننا يجب أن نركز على الشباب وأن نتيح لهم حرية التعبير وحرية الحركة وأن نمهد لهم الطريق نحو تحقيق آمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم، لأن تجاهلهم سيعني ببساطة أننا سنغرق في الجهل والتخلف وأن عامنا الجديد لن يكون مختلفا عن سابقه.



إننا نحتاج إلى أن نوفر لأجيالنا الحالية والقادمة بيئة تعليمية صحيحة ومعافاة، وأن نعلمهم قبول الآخر وأن نستمع إليهم بإصغاء مهما اختلفت أفكارهم وآراؤهم عنا.



ويجب ألا ننسى أو يغيب عن عقولنا أن مشكلة الشباب الذين تحركهم الأيدولوجيات الضالة أن هذه الأفكار ستعم وتنتشر في كل الاتجاهات وأنها لن تساعدنا في الوصول إلى مجتمعات سليمة وراقية تتوفر فيها حرية التعبير وتحترم فيها حقوق الإنسان.



[email protected]