الترفيه والترشيد في الميزان

الأربعاء - 11 يناير 2017

Wed - 11 Jan 2017

تابعت مثل غيري الجدل الذي أثير في وسائل التواصل الاجتماعي حول شعار الهيئة العامة للترفيه الذي قيل إنه يكاد أن يكون صورة طبق الأصل لشعار (إكسبو 2012) في كوريا الجنوبية. وللحق أني لم أكن مدافعا عن جواز اقتباس الشعار دون مراعاة لحقوق الملكية الفكرية، بقدر ما كنت مدافعا عن ضرورة ابتعادنا عن الأحكام المسبقة وعن التركيز على المظهر لا الجوهر.



حيث أدت قضية اقتباس الشعار ببعض المناقشين إلى الحكم المسبق بالفشل ونسيان الرؤية والرسالة والأهداف والمسؤوليات والمهام المنوطة بهيئة الترفيه الوليدة التي تستلزم التأني لمنحها الفرصة الزمنية المناسبة لتقييم النجاح والفشل فيما تقدمه للناس.



وفي ظل الترشيد الحكومي الذي تأثر به المواطنون، قد لا تجد البرامج الترفيهية جدواها الاقتصادية فنكون أمام مبدأ «حفظ القرش الأبيض لليوم الأسود»، وبما أن الأمر كذلك فلا يمكن الجمع بين الترفيه والترشيد في وقت واحد، حيث إن البحث عن وسائل الترفيه تعني انتهاء الفرد من تأمين حاجاته الضرورية، وهذا أمر صعب مستقبلا على الأفراد ذوي الدخل المحدود وأسرهم؛ نتيجة للوضع العام.



يضاف إلى ذلك استمرار وجود الحاجز النفسي أمام جودة الترفيه المحلي، وبالتالي تكون لدينا معادلة من شقين: الأول هو مدى نجاح خطط الهيئة العامة للترفيه في جذب المستثمرين وكذلك الباحثين عن الترفيه من خلال الخروج عن التقليدية والرتابة، والثاني هو مدى القدرة على تغيير قناعة الرأي العام بأن وسائل الترفيه المناسبة توجد خارج الحدود بجودة أفضل، وسعر أنسب لحاجة الفرد والأسرة، وخاصة أن السياحة والترفيه وجهان لعملة واحدة في عصرنا الحالي.



وهنا يبدو أن دور هيئة الترفيه المأمول سوف يصطدم بجبل الجليد مثل السفينة (الأيقونة) تيتانك، التي رغم كل الاحتياطات ووسائل السلامة لم تستطع مقاومة الغرق؛ ذلك أن بعض المواطنين أبدوا صراحة عدم ثقتهم بالبرامج التي ستقدمها الهيئة في ظل وجود «ممانعة» صريحة من قبل فئة مؤثرة في المجتمع.



وانطلاقا من هذه القناعة يدخل عامل مقارنة المصروفات بين الداخل والخارج تلقائيا في الذهن، حيث لا تقارن الأنشطة الترفيهية المتعددة والشاملة لكل الأذواق والمشارب والحاجات في بعض الدول القريبة منا، ببرامج الهيئة المزمع عقدها التي يعتقد أنها لن تتسم بالجودة والأهمية ذاتها بالنسبة للمواطن والمقيم نتيجة للتباين الثقافي بين المجتمعات.



ولهذا، فإن هنالك طريقة لتجاوز هذه العقبة بوضع برامج ترفيه مجانية -انطلاقا من المسؤولية الوطنية للهيئة- وكذلك وضع برامج مجدية التكلفة للأسر المخملية التي قد لا ترغب (وهذا احتمال بعيد) في قضاء عطلاتها في الداخل بعيدا عن باريس أو جنيف أو فيينا، حيث يرغب المخمليون في مجتمعنا بقضاء أوقات الترفيه والراحة والاستجمام خارج البلاد؛ نتيجة عامل مهم هو توفر الحرية والبعد عن الأعين الفضولية والمضايقات.



وفي ظل هذه الصعوبات التي تعترض طريق الترفيه، فإن تنظيم المهرجانات العامة في المجمعات التجارية وغيرها، لا يغني عن دعم إنشاء مؤسسات مجتمع مدني متخصصة بالترفيه وتنظيم المشاركات المجتمعية، وخاصة أن برامج الجمعيات الخيرية وأندية الأحياء لا تقدم وسائل ترفيه مناسبة.



أما إذا أردنا سلوك طريق آخر معقول فإن البحر قد يكون هو الحل، من خلال رحلات الـ «كروز» في البحر الأحمر والخليج العربي التي توجه برامجها الترفيهية للعائلات والأطفال على وجه الخصوص، وسواء أدير هذا المشروع عن طريق مستثمرين محليين أو أجانب، فإنه يكون وفقا لشروط خاصة تقرها الهيئة العامة للترفيه ليناسب ثقافة مجتمعنا السعودي واحتياجاته.