إسماعيل محمد التركستاني

سيناريو المشهد الصحي.. كيف ومن؟

السبت - 07 يناير 2017

Sat - 07 Jan 2017

عندما قال الممثل الراحل الشهير يوسف وهبي: وما الدنيا إلا مسرح كبير، كان صادقا من وجهة نظري. نعم، نحن نعيش يوميا في مشهد مسرحي حي، يسير فيه كل إنسان وقد أوكل إليه دور معين في هذه الحياة، ولا بد أن يؤديه بالكلمات والحركات التي توحي إلى فعل معين ورد فعل معين، فهناك من ينجح في أداء الدور الموكل إليه، وهناك من يفشل!



مثلا، في الخدمات الصحية، الطبيب يقوم بعمله كطبيب، ومطلوب أن يقوم بما أوكل إليه بامتياز، ولكن هل كل طبيب ناجح في أداء دوره؟ وهذا الحال يكون نفسه مع الفئات المهنية الأخرى من العاملين في القطاع الصحي، كل موكل إليه دور معين لا بد أن يقوم به.

وفي بيئة العمل الصحي ندرك أيضا أن الجمهور المتابع هم المرضى الذين يحكمون (سواء بالإعجاب أو الاستهجان) على أعمالنا، هل أديناها بصورة صحيحة، أم تقمصنا أدوارا نحن لسنا مؤهلين لها؟



مرة أخرى كيف؟ عندما يكلف أحد العاملين في الرعاية الصحية بمنصب قيادي، وهو غير مؤهل للقيام بذلك الدور (ومثال ذلك الكثير من مدراء المراكز الصحية الأولية)، حيث إنه لا يمتلك خبرة كافية في إدارة حشود الموظفين (وهم كما نعلم ذوو ثقافات وميول عاطفية مختلفة مثل اختلاف ألوان قوس قزح)، أو إدارة خدمات مختلفة من الرعاية الصحية (تحتاج إلى علم وخبرة)، كيف يكون دور هذا الشخص الذي أعطي دورا لا يستطيع أن يتقنه، وهو لا يمتلك من الخلفية العلمية والتدريبية إلا القليل!



طبعا، هذا مثال واحد، وهناك أمثلة عديدة وعديدة. إذن، خروج المريض من المنشأة الصحية، وهو غير راض عن الأداء الذي قدم له من قبل العاملين داخل المنشأة الصحية (والذي يكون مثل خروج الجمهور من المسرح)، سوف ينعكس سلبا عليه، ومن ثم ينقل هذا المريض هذا الانعكاس السلبي إلى المجتمع الذي يعيش فيه، إذن كيف يكون حال المجتمع عندما يتولد لديه مثل ذلك الشعور، شعور عدم الرضا من الرعاية الصحية؟!



ولكي نصل إلى المشهد الصحي الملائم في تقديم الرعاية الصحية من قبل العاملين في القطاع الصحي يأتي الدور المهم والرئيسي لمعايير الجودة الشاملة وتطبيقاتها المختلفة (حيث إنه من وجهة نظري، يعتبر السيناريو الأمثل في تقديم أفضل الخدمات الصحية)، حيث إن تدريب العاملين وتلقينهم تلك المبادئ والمعايير أمر مهم وضروري. إن مختلف التطبيقات التي هدفها كسب رضا المريض أمر مشاهد وملموس من قبل القطاع الصحي الخاص، والذي يسعى إلى كسب كل شخص يدخل إلى المنشأة الصحية الخاصة، لماذا؟ لكي يعود إليهم مرة أخرى.



باختصار.. لا بد أن يدرك كل مقدم للخدمة الصحية أن عليه دورا معينا لا بد أن يقوم به بطريقة صحيحة (تلائم إمكاناته الشخصية)، وإذا أراد أن يلعب دورا آخر، أو أن يأخذ دورا أكبر من الدور الذي أوكل إليه (دور البطولة مثل القائد الصحي) فلا بد أن يجهز نفسه للدور الجديد الذي يريد أن يلعبه.



ومن الضروري أن يكون مؤهلا علميا (شهادة علمية)، ويمتلك ثقافة مهنية (السلوك، الأخلاق وكيفية التواصل مع من حوله)، وتدريبيا (دورات وورش إتقان العمل المهني)، وذلك لكي يقوم بدور القائد الصحي بطريقة صحيحة ترضي من حوله من مشاهدين (من زملاء ومرضى). أما إذا كان يعتقد أن معرفته أو صلته مع قائد صحي أعلى (بالبلدي تم تعيينه بالواسطة!) سوف تساعده في تولي وإدارة المنصب القيادي فلا بد أن يعلم أن الفشل سوف يكون قريبا جدا منه، ولكن هذا الفشل لن يلحقه فقط، بل بالمشهد الصحي بأكمله.



إذن، كيف نكتب سيناريو المشهد الصحي؟ ومن يقوم بأداء الأدوار يحتاج إلى كاتب (قائد صحي) متقن في كتابة سيناريو المشهد الصحي المقدم في مسرح الحياة.



إسماعيل محمد التركستاني - استشاري وباحث في سلامة المرضى