خطب الجمعة

الجمعة - 06 يناير 2017

Fri - 06 Jan 2017

مكارم بالمكاره



«إنما تعلو أقدار الناس وترتفع منازلهم بحسن علو هممهم وشريف مقاصدهم، والمؤمن العاقل الرشيد يحرص على ما ينفعه وما فيه خيره وصلاحه، ويسعى في طلب الرتب العليا في الخير والسبق إلى ما يدعون إليه الله تعالى، ومن لم يطلب الكمال بقي في النقص، ومن لم تكن له غاية سامية قصر في السعي وتوانى في العمل، وقد أخبر الله سبحانه في كتابه الكريم عن فئة مؤمنة مباركة علت نفوس أصحابها وقويت عزائمهم، ذكرهم الله مشيدا بهم، ومثنيا عليهم بقوله «والسابقون السابقون أولئك المقربون».



والسابقون هم الذين وحدوا الله ولم يقع في عملهم شرك ثم أدوا الفرائض والواجبات وزاد نشاطهم فأدوا النوافل والمستحبات زيادة على الواجبات، وإن أصحاب الطموحات الراقية والهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهة فتشغلهم عن معاليها، ويستثمرون أوقاتهم فيما ينفعهم ويظنون بها أن تضييع سدى دون فائدة، وأصحاب الهمة العالية يجيدون بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايتهم وتحقيق بغيتهم لأنهم يعلمون أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يعبر إليها إلا على جسر من تعب».



فيصل غزاوي - الحرم المكي



سنة الابتلاء


«إن الامتحان والابتلاء سنة من سنن الله سبحانه في هذا الكون (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) ومقتضى من مقتضيات فتنته عز وجل في الصراع بين الحق والباطل للتمييز بين الصالحين والكاذبين (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)، وهو تمحيص واختبار لقياس مدى قوة ورسوخ الإيمان واليقين وتصفية للمندسين في صفوف المؤمنين، ومنهج تربوي ينقذ الله من كتب له الهداية فيستيقظ من غفلته ويقبل على ربه ويعود إلى دينه، وفي خضم الامتحانات والابتلاءات قد يعظم الخطب ويشتد الكرب ويتأخر الفرج حتى تخيم ظنون اليأس والقنوط، وهنا يتحتم اللجوء إلى الله وحسن الظن به، فعنده من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا، وهو عند حسن ظن عباده المؤمنين فلا يخيب من أحسن الظن به، وإن بث الطمأنينة والبشرى وبث الأمل في القلوب ساعة القل منهج قرآني وهدي نبوي، وتربية الرسول عليه الصلاة والسلام كانت وفق هذا المنهج القرآني، فكان إذا هم غم أو توجس الخوف والقلق في نفوسهم أخذ يذكي روح الأمل ويبث الطمأنينة والثقة بالله في نفوسهم».



عبدالله البعيجان - المسجد النبوي