درس جوانتانامو

الجمعة - 06 يناير 2017

Fri - 06 Jan 2017

العائدون اليمنيون من جوانتانامو الذين وافق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على استقبال السعودية لهم لدواع إنسانية، مهما حاولوا إخفاء حجم المعاناة التي خلفتها مشاركتهم في معارك أفغانستان على ذويهم، إلا أنها كانت بادية وبوضوح تام في سخونة استقبال أسرهم لهم، وكأن لسان حالهم يقول «نحن أولى بكم من معارك لا ناقة لكم فيها ولا جمل».



كل التعبيرات التي سيطرت على انطباعات العائدين اليمنيين كانت غارقة في عبارات الندم على ما مضى من أعمارهم خلف أسوار المعتقل الأمريكي، عادين تحررهم من القيد الذي ظل يغل أيديهم وأرجلهم طيلة 15 عاما مضت حياة أخرى كتبت لهم من جديد.



العائدون اليمنيون كانوا متعافي الجسد ظاهريا، إلا محمد باوزير، كان يتكئ على عصا، غير أن مشيته لا تشي بأنه يعاني من أي إصابات. ومعروف عن باوزير بأنه شديد التعلق بوالدته، غير أن الظروف لم تسعفها لتكون حاضرة في استقبال ابنها أمس الأول، لكونها تعيش في حضرموت.



مأساة مضاعفة

أبلغ المشاهد في لحظة استقبال الأسر اليمنية لأبنائها العائدين، كان مشهد فتاتين إحداهما تبلغ 15 عاما والأخرى 14 عاما، حينما تعلقتا برقبة أبيهما العائد سالم بن كناد، وأخذتا تقبلانه بحرارة. وتكمن المفارقة في أن والدهما غادر بعد ولادة الكبرى بأشهر وقبل ولادة الصغرى بأشهر، وظلتا طيلة الـ15 عاما الماضية بدون عائل، بعد أن قررت والدتهما الانفصال عن أبيهما.



عقد ونصف العقد

أما عن أكثر المشاهد تأثيرا في نفوس الحاضرين، كان من نصيب والدة العائد عبدالله الشبلي، والتي لم تتمالك نفسها بمجرد معانقة ابنها، وانهارت ولم تتمكن من إكمال الوقوف على قدميها، قبل أن تحظى بمساعدة من حولها وتمكينها من الجلوس، وانهمكت تتحسس وجه ولحية ونبضات قلب ابنها الذي لم تره منذ نحو عقد ونصف العقد، وكأناه تود التأكد بأنها لا تحلم.



أخت وحيدة

العائد محمد رجب أبوغانم الذي كان من أوائل المعتقلين الذين أودعوا في المعتقل الأمريكي سيئ السمعة، على حد قوله، لم يكن في استقباله سوى أخته كونها تعيش في الرياض، وكان مشهد لقائهما مؤثرا كذلك.

العائدون الأربعة الذين كانوا منفتحين في الحديث مع وسائل الإعلام بحدود المشاعر الانطباعية، بدوا متكتمين عن الحديث عن أي من الأمور المتعلقة بظروف وملابسات اعتقالهم.



حياة جديدة

«مكة» طلبت من العائد سالم بن كناد وصف الأجواء التي كان يعيشها في المعتقل الأمريكي بشكل مختصر، فقال «يبدو أن الذاكرة مشوشة لدي قليلا.. لا يمكنني الحديث»، مكتفيا بالقول هو وبقية زملائه بأن خروجهم من المعتقل كتب لهم حياة جديدة بامتياز.



المناصحة تغير قناعات 9 عائدين سابقين

امتدح المحامي اليمني وكيل عشرات المعتقلين اليمنيين في جوانتانامو بندر القطاع النتائج المذهلة التي خلصت إليها عمليات إعادة تأهيل اليمنيين التسعة الذين استقبلتهم السعودية في أبريل الماضي، ومن بينهم شقيقه منصور، لافتا إلى أن الأشهر العشرة الماضية شهدت تغييرا دراماتيكيا في طريقة تفكيرهم وقناعاتهم، حتى أنهم بدؤوا ينظرون للمرأة كشريك أصيل في الحياة، لها حق التعليم والعمل وغيرهما من أمور الحياة الأخرى، لافتا إلى أنهم

جميعا أتموا مراسم خطبتهم، ويستعدون للزواج بمجرد انتهاء برامج تأهيلهم.

وقال القطاع إن السعودية وسلطنة عمان والإمارات هي الدول التي نجحت فعليا في التعاطي مع عمليات إعادة تأهيل اليمنيين العائدين الآن لم تستطع إحراز تقدم يذكر في هذا الملف، بل إن من هم في جورجيا وطاجكستان لم يروا أهاليهم بعد رغم مرور أشهر على تسليمهم.

وأوضح أن أول خطوات المعالجة التي انتهجتها السعودية في ملف العائدين كانت لم شملهم بذويهم من اللحظات الأولى التي وطئت بها أقدام العائدين أراضي المملكة، وهو ما كان له بالغ الأثر في تجاوزهم المرحلة السابقة لهم، سواء في أيام المعارك بأفغانستان أو خلال وجودهم في المعتقل، مؤكدا أن جميع العائدين

بدوا مقتنعين بخطأ ما ارتكبوه وندمهم على ما اقترفوه بحق أنفسهم وحق أهاليهم.



المخلوع رفض طلبين من السعودية وقطر لتأهيل المفرج عنهم رغبة في استغلالهم

وذكر القطاع، شقيق أحد العائدين التسعة الذين استقبلتهم السعودية أبريل الماضي، أن المخلوع علي عبدالله صالح سبق أن رفض طلبين، الأول سعودي والثاني قطري، لاستقبال جميع اليمنيين المحتجزين هناك لإعادة تأهيلهم، وذلك بعد أن قررت واشنطن تعليق تسليمهم لليمن في 2010 بعد اكتشافها عدم جدية المخلوع في التعاطي مع هذا الملف، واستغلاله العائدين وتجنيدهم مرة أخرى في صفوف تنظيم القاعدة على يد مدير الأمن السياسي غالب القمش في ذلك الوقت.

وأوضح القطاع هاتفيا ل »مكة » أن الرفض المستمر الذي كان يبديه صالح للمبادرات المتكررة دفع واشنطن لتجاوزه واتخاذ قرار بتوزيعهم على مجموعة من الدول الخليجية والأوروبية.



مواقف ترامب حول المعتقل تقلق الحكومة اليمنية

لم يخف مدير مكتب وزير الخارجية اليمني السفير أحمد عبدالله خشية الحكومة اليمنية من تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المتشددة حيال من تبقى من المعتقلين في جوانتانامو، وانعكاسات ذلك على من تبقى من مواطني بلاده المحتجزين في المعتقل، والذين يمثلون ثاني أكبر جنسية من أعداد المعتقلين بعد الأفغان.

ورد السفير على سؤال ل »مكة » حول ما إذا كانوا قلقين من عرقلة ترامب لإطلاق بقية المعتقلين اليمنيين بالقول «طبعا.. هذا الأمر يقلقنا .»

غير أنه في المقابل لم يستبعد أن يكون هناك إطلاق سراح دفعات جديدة من المعتقلين اليمنيين، مثمنا موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على استقبال مجموعات منهم لظروف تواجد أهاليهم على أراضي المملكة.



وحول أعداد اليمنيين الذين لا يزالون رهن الاعتقال في جوانتانامو، لم يستطع السفير تحديد رقم بعينه، غير أنه قدر أعدادهم بـ »العشرينات» .

وكانت الحكومة الأمريكية أوقفت نحو 100 معتقل يمني إبان غزوها أفغانستان، بعد أن قبضت عليهم وآخرين نظير مشاركتهم في الحرب ضدها هناك.



دول أخرى استقبلت اليمنيين العائدين من جوانتانامو

- الإمارات 20

- سلطنة عمان 20

- إيطاليا 1

- إسبانيا 1

- طاجكستان 3

- غانا 2

- الجبل الأسود 2

- جبل الرأس الأخضر 1

- صربيا 1

- استونيا 1

- سلوفاكيا 1



تعرف على العائدين الأربعة

1 محمد باوزير

سبق أن تعارك مع السجانين الأمريكيين عند سلم الطائرة رافضا ترحيله إلى الجبل الأسود.



2 سالم بن كناد

غادر إلى أفغانستان مخلفا ابنتين، الأولى كان عمرها أشهر والثانية لم تولد بعد وخسر زوجته .



3 عبدالله الشبلي

متعلق بوالدته جدا وركع تحت قدميها بمجرد مشاهدتها، ورفض التصريح لوسائل الإعلام.



4 محمد أبوغانم

كان من بين أول دفعة تودع في جوانتانامو، وقال إن الأمريكيين يعاملون الحيوانات أفضل منهم.