باسم سلامه القليطي

بلا إطالة.. دعوة إلى نبذ البطالة

الجمعة - 06 يناير 2017

Fri - 06 Jan 2017

لا تنهض الأمة إلا بخبرات رجالها وسواعد شبابها، وذلك ميزان عادل لا يقبل التطفيف ولا التزييف، خبرات الكبار شيء ماض وانتهى، نأخذ منه النافع ونترك ما كان أخذه سدى، أما سواعد الشباب فما زالت تبتدئ وتتشكل، فتحتاج إلى التوجيه والتشجيع، وإشراكها في المبادرات والمشاريع، هذا فيما يختص بالشباب العاقل الفاعل، الذي يريد أن يكون ذا بصمة واضحة في مستقبل أمته، أما الشباب الجاهل العاطل فيحتاج إلى وقفة، والمؤسف أننا نتحدث في أمر تجاوزته الأمم المتقدمة، فهي لم تعد تقارن بين العامل والعاطل من شبابها، وإنما أصبحت تقارن بينهما في مقدار الكفاءة، ومدى الإنتاجية، والقدرة على الإبداع، والحرص على التطوير، والرغبة في التحسين المستمر.

يقول (سقراط): ليس العاطل من لا يؤدي عملا فقط، العاطل من يؤدي عملا في وسعه أن يؤدي أفضل منه.
وقال (المتنبي):
ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
وبمناسبة هذا البيت يقال إن الرئيس الفرنسي السابق (جورج بومبيدو)، وقد كان مطلعا على الشعر العربي، أمر بأن يترجم هذا البيت ويكتب على الدبابات الفرنسية.

وبما أن لكل شيء ثمنا، ولكل طاقة زمنا، فإن الإنسان لا بد أن يعي هذه الحقيقة وأن يتكيف معها، فإن أراد التغيير والتأثير، فعليه أن يستغل فترة شبابه ونشاطه، حتى يكون عضوا فاعلا ومؤثرا في المجتمع، فإن هذه الطاقة إن ذهبت فلن تعود، وليس بعد الحركة سوى الجمود، اليوم عمل وغدا راحة، والشقي من كانت حياته سياحة، الثمن إذا لم يدفع جهدا وعرقا وسهرا، سيدفع ذلا وقهرا وتسولا، وإن كانت شدة الحاجة لا تعاب، فإن العيب كل العيب في تكاسل الشباب، كن كالأسد يصطاد ليأكل، ولا تكن كالضبع يقتات على الجيفة ليشبع.

ومما يؤسف له، أن كثيرا من الوظائف والمهن في بلادنا، أصبحت مختطفة من قبل العمالة الوافدة، بينما شبابنا ينام في العسل، مفضلا الخمول والكسل، ونعلم علم اليقين أن فئة كبيرة من هذه العمالة تعلمت على أرضنا، ثم أصبحت محتكرة لبعض المهن، فصارت تتحكم في الأسعار، دون حسيب أو رقيب، مستغلين حاجة المواطن لهم، وما كانت هذه الحاجة لتكون لو كان شبابنا يعملون بهذه المهن، فلن يكون هناك من هو أحرص منهم على مصلحة العباد والبلاد، وخير مثال على هذه الفكرة ما حدث مؤخرا من توطين وظيفة صيانة الجوالات، وكانت تجربة ناجحة، ووفرت العديد من فرص العمل للشباب النشيط الفاعل.

وختاما، لا بد لنا من وقفة جادة مع البطالة التي أصابت بعض شبابنا، وذلك من خلال التعليم والتشجيع والتوجيه، وإن لزم الأمر لشيء من التوبيخ والتحذير، فالأمر جاد وخطير، يقول المثل الفرنسي: (البطالة أم الرذائل)، ومن المضحك المبكي أنني قرأت مؤخرا خبرا يقول إن عدد الأجانب العاطلين عن العمل في المملكة ارتفع إلى 58 ألفا، وكأن بلادنا قد خلت من العاطلين فأصبحت تستوردهم من الخارج، أو أن العاطلين لدينا مستوياتهم ضعيفة فلجأنا إلى استيراد عاطلين محترفين، كي ننافس بهم في كأس العالم للعاطلين.