أحمد صالح حلبي

تزوير المؤهلات.. وجمع الأموال

مكيون
مكيون

الأربعاء - 04 يناير 2017

Wed - 04 Jan 2017

على مدى سنوات مضت كان الحديث حول الشهادات المزورة وحامليها يحتل مساحة واسعة داخل المجتمع، ويتساءل الكثيرون عن الكيفية التي استطاع من خلالها هؤلاء المزورون الوصول لمراكز قيادية داخل القطاعات الحكومية والأهلية وتساءلوا عن سبب غياب العقوبات بحق هؤلاء المزورين وعن الجهة التي تملك الأحقية في معاقبتهم وتستطيع تنفيذها.



وظلت هذه الأسئلة وغيرها تدور هنا وهناك ولم نسمع أو نقرأ عن تكفل جهة حكومية بتطبيق العقوبات بحق هؤلاء المزورين، لكنا شاهدنا وسمعنا من يفتح لهم الأبواب ويجلسهم بصدر المجالس وكأنهم علماء أو فقهاء في اللغة أو الأدب، وهم لا يعرفون الفرق بين الاسم والفعل، وظلت قضية معاقبة مزوري المؤهلات بعيدة عن التطبيق الفعلي قريبة من التطبيق اللفظي فما أكثر التصريحات والأحاديث التي تحدثت عن معاقبتهم.



وقبل أيام مضت أعاد أحد الزملاء للأذهان خبر إقرار مجلس الشورى عام 1434 لنظام مكافحة الشهادات العليا المزورة والوهمية والواهنة، وقيل حينها إن النظام يتكون من 19 مادة تهدف للتصدي للجهات المشبوهة التي تقوم بترويج الشهادات المزورة والوهمية وحماية الأفراد والمجتمع من هذه الجهات.



لكن ما جدوى صدور نظام دون تطبيق فعلي؟



وأول من يجب معاقبتهم والتشهير بهم هم أولئك الذين وصولوا لمراكز وظيفية عليا داخل القطاعات الحكومية بشهاداتهم المزورة، فهم لم يكذبوا على مسؤولي قطاعتهم، بل كذبوا على المجتمع بكل شرائحه، وسرقوا حقوق المؤهلين فعلا.



والمؤسف أننا نراهم ما زالوا معتقدين أنهم أصحاب فكر ورأي ومكانة، فيحضرون هنا ويتحدثون هناك معتقدين أنهم مؤهلون لذلك، وإن سألتهم عن تخصصهم العملي لوجدتهم لا يعرفون حروف الجر والنصب، ويجهلون أنواع الفعل.



وأذكر أن أحدهم أصبح ناقما على مسؤولي إدارته لأنهم رفضوا السماح له بكتابة حرف الدال قبل اسمه على أي خطاب رسمي، ما لم يتم معادلة شهادته من وزارة التعليم، وفي المقابل وجدت آخر يتمتع بكل المميزات، لأنه قدم لمسؤولي إدارته وجبة مليئة بالدسم قبل اللحم، وآخر سخر قلمه للمديح والثناء على أعمال قدمت وأخرى لم تقدم، واستطاع أن يصل لمركز لا يستحقه، ليظهر أمام المجتمع كمصلح اجتماعي وشخصية مثقفة.



وبذكاء مليء بالكلمات الكاذبة استطاع أن يجعل من نفسه شخصية أنيقة في مظهرها، لكنها خاوية في معلوماتها، ليذكرنا بأولئك الذين جعلوا من سعادة الرئيس سيدا على الجميع فأدخلوه في عالم الأساطير، لكن الأساطير الخيالية التي صنعوها لسعادته لم تستمر بصبغتها التي وضعوها بعد أن أزالتها الرياح فظهر سيدهم برائحة نتنة أبعدت الجميع عنه، لكنهم ظلوا ملتصقين به فقد منحهم ما لا يحلمون به دون عمل أو حتى حضور، فلا بارك الله في مال يأتي من حقوق الآخرين.



وما نأمله من مجلس الشورى المطعم اليوم بدماء جديدة ناضجة أن يسعى للمطالبة بالعمل على كشف الحقائق والسعي لتنفيذ الأنظمة على كل كاذب مخادع وأن توضع عقوبات تعري حاملي المؤهلات المزورة وأن يسعى لا حقا لتعرية جامعي الأموال من مكافآت يحصلون عليها دون وجه حق.