فائز صالح جمال

الوافدون ورفاه المواطنين.. تصحيح النظرة

الاحد - 01 يناير 2017

Sun - 01 Jan 2017

قد لا يعلم البعض أن من أهم أدوار الحكومات هو السعي الدائم من أجل تحقيق الرفاه لمجتمعاتها، والرفاهة تعني حسب القاموس المحيط: رغد العيش وسعة الرزق والخصب والنعيم.



وتحقيق هذه الرفاهية يستلزم من الحكومات وضع نظم وتقديم تسهيلات وتوفير حزم من وسائل الدعم المادي من أجل توفير مجموعة واسعة من السلع والمنتجات والخدمات، بعضها تقدمها الحكومة والبعض الآخر يقدمها القطاع الخاص، ويسهم كذلك القطاع الثالث وهو القطاع الخيري والمجتمع المدني بشكل عام في تقديم بعضها.



ومن بين مجموعة الخدمات والمنتجات التي ينهض بها القطاع الخاص أصالة أو نيابة عن الجهات الحكومية بموجب عقود خدمات التعليم وخدمات العلاج وإنشاء الطرق والمباني وتشغيل المطارات والفنادق والمطاعم والمصانع وصيانة الطرق وصيانة السيارات والمباني ونظافة المدن وإلى آخره.



وحسب أحدث كتاب إحصائي لوزارة العمل وهو لعام 1436/‏1437 يبلغ عدد الإخوة الوافدين العاملين في منشآت القطاع الخاص 8,878,116 عاملا، وبنسبة تصل إلى 83.6%، وهذا يعني أن مساهمة الإخوة الوافدين في تقديم الخدمات وتوفير المنتجات وبالتالي في تحقيق رفاهية أفراد المجتمع هي مساهمة كبيرة ومقدرة.



وفرض ضغوط على هذه العمالة سينعكس حتما على مستوى رفاهية أفراد المجتمع سواء من جهة ارتفاع تكلفة المعيشة أو تراجع مستويات الخدمات المساهمين في تقديمها أو تراجع مستويات وفرتها وجودتها.



والقرارات الأخيرة المتعلقة بالتوازن المالي جعلت الوافدين بين مطرقة فرض المقابل المالي وسندان إلغاء الدعم عن الكهرباء والماء والوقود، فقد فرضت مقابلا ماليا تصاعديا على مرافقي الوافدين، وضاعفت المبالغ التي سيدفعها أصحاب العمل عن العمالة الوافدة وتصاعدها لمبالغ كبيرة جدا.



وهذه الضغوط حتما ستحدث موجات متتابعة – حسب جدول تنفيذ القرارات المالية - من تضخم الأسعار، وقد تدفع أعداد معتبرة من الوافدين إلى البحث عن أسواق عمل أفضل والرحيل إليها، وفي ظني أن العمالة الأكثر كفاءة ستكون في مقدمة الراحلين عنا.



ومن جهة أخرى هذه الأعباء التي ستثقل كاهل الوافدين وأصحاب العمل سوف تضعف تنافسية القطاع الخاص، وبالأخص في مجال الصناعة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وهو ما سيضعف تنافسيتها أمام المنتجات المستوردة، وكذلك في الأسواق الخارجية لو كان لها صادرات، وستتسبب في تكدس منتجاتها في المستودعات، وتباطؤ أو حتى توقف خطوط الإنتاج وإغلاق بعض المصانع بشكل نهائي.



ولا شك بأن مثل هذه الآثار لو تحققت فإنها ستلقي بظلالها على معيشة المواطنين والوافدين، وعلى مستوى الرفاهية التي يعيشونها.



أقول هذا الكلام لمن هلل لفرض الأعباء الجديدة على الوافدين وحرمانهم من الدعم الحكومي للكهرباء والوقود ورحب برحيلهم، ليعرف أنهم المساهم الأكبر في كل ما يتم توفيره من سلع وخدمات ويتحقق من رفاهية ورغد عيش.



وإذا علمنا أن عدد العاطلين منا وفقا لأحدث الإحصاءات أقل من 700 ألف شخص، وهو ما يقل عن عُشْر عدد الوافدين المسجلين في إحصاءات وزارة العمل فإن علينا أن نعلم مقدار حاجة المجتمع والاقتصاد الوطني للعمالة الوافدة ولعقود قادمة.



[email protected]