محمد أحمد بابا

الخلطة السرية لاحتكار الفحص الدوري للسيارات

الاحد - 01 يناير 2017

Sun - 01 Jan 2017

رغم الانفتاح والتطور الكبير في تعدد الخيارات للمنتجات والخدمات بالنسبة للمستهلك، إلا أن بعض المجالات ما زالت تحيط بها حصون منيعة ضد أي تغيير أو إتاحة منافسة.



أتذكر منذ صغري وبدء الإلزام بالفحص الدوري للسيارات بأن هذا المجال منحصر في جهة معينة متعاقدة - ربما - مع المؤسسات الحكومية ذات الاختصاص، وما زال الأمر على ما هو عليه حتى اليوم في جميع مناطق المملكة.



قلت وأنا أفكر في هذا الاحتكار الغريب: طالما وصلنا اليوم بالتقنية لحد الحكومة الالكترونية، وطالما تم ربط فحص المركبات بشبكة تظهر لإدارة المرور الفحص من عدمه عند التجديد أو نقل الملكية، ما المانع أن تتاح خدمة الفحص الدوري بالمقابل المادي لمراكز أخرى تعمل في قطاع صيانة السيارات، مع ربط فحصها بشبكة المرور والأمن العام ووضع معايير معينة لذلك لا تعجز الجهة المسؤولة؟



كذلك من المفارقة العجيبة أن وكلاء سيارات عالمية مثل تويوتا وشفروليه وفورد ومازدا وهونداي وغيرها يملكون مراكز للصيانة والفحص متطورة جدا، يربطون عملها بمتابعة العميل واستحقاقه للضمان أو التأمين، ومع ذلك لا يعفيك ذلك لو اشتريت سيارة منهم من الذهاب بعد سنة للفحص الدوري العتيق لتضع ملصقا على زجاج سيارتك.



الذي أفهمه بأن الفحص الدوري للمركبات أمر مهم يحقق غاية أمنية وسلامة مرجوة، ويحمي البيئة ويكفل تناغما مع شركات التأمين ويوطد علاقة تعامل للمستهلك مع شركات بيع أو إيجار السيارات.

وكل هذا الأمر منوط بالقطاع الخاص في اختيارات كثيرة من شركات وعطاءات وعروض، إلا الفحص الدوري فهو قضاء حتمي واحد في مكان واحد وجهة واحدة، يكرر عملا ربما قمت أنت به مرارا حرصا على سيارتك عند أفضل مراكز الصيانة تقنية وجودة.



والأمر المهم جدا هو الإجابة عن التساؤل الذي لا أنفرد به وحدي: لماذا وسم الاحتكار منحصر في الفحص الدوري للسيارات وساهر لرصد المخالفات وقريبا من ذلك مدارس تعليم القيادة؟



وأعتقد جازما بأن شفاء الغليل من مثل هذه الاستفسارات متوفر في الإدارة العامة للمرور ووزارة التجارة والاستثمار لو رغبتا في التوضيح والبيان.



التخفيف والتسهيل على المستهلك حين يشتري أو يستأجر سيارة بتقليل كمية المراجعات واستصدار الأوراق والتأمين والفحص في برنامج خدمة متكاملة في نطاق شبكي تقني واحد من خيارات متعددة يضمن جودة العمل، ويحقق استثمارا جديدا ويحرك عجلة الخدمات نحو الأفضل.



لا أظن بأن مراكز الفحص الدوري المحتكرة في مناطق المملكة تملك صفة استثنائية في الكشف أو الفحص بتقنية أو أشعة لا تملكها مراكز صيانة السيارات الأخرى ذات الرقمية العالية والعمالة الماهرة المدربة، ولا أظن بأن هناك خلطة سحرية تقنية أو ذكية يعرفها العاملون في مراكز الفحص الدوري لا يعرفها غيرهم، ولا أظن أيضا بأن فلسفة البركة هي مجال حصر الخدمة في الفحص الدوري المبارك طيلة هذه السنوات.



وأكبر ما يشد الأنظار لمثل هذا الاستغراب موضوع مقالي وهو تلك الحركة الدؤوبة لسماسرة ورش السيارات حول مراكز الفحص الدوري من عمالة فهمت السر لتعطيك وصفة بأسعار مختلفة لتحظى بتخطي فشل السيارة إلى نجاح الخدعة.



ومع فارق كبير - طبعا - بين إنسان وآلة، إلا أن فحص ما قبل الزواج المتاح في كل المستشفيات والمربوط بشبكة واحدة يحفزني على أن أنظر لسيارتي نظرة إنسانية.



لم يتبق إلا أن أقول:



ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين عن التمام



[email protected]