رؤية المملكة في مستقبل دور مؤسسات العمل غير الربحي (1)

السبت - 31 ديسمبر 2016

Sat - 31 Dec 2016

منذ بداية تأسيس المملكة العربية السعودية شارك المجتمع بشكل منفرد من خلال الوجهاء في العمل الاجتماعي، وأقاموا العديد من الأعمال الخيرية المتنوعة، وأهمها إنشاء مدارس النجاح والفلاح وجمعيات الهلال الأحمر والبر، والمساهمة في التبرعات لبناء الحرمين والقدس وأوقاف النفع العام. وكانت تلك الأعمال أولى لبنات العمل الخيري المباركة، بل هي بدايات تكوين المجتمع المدني الذي عمل على تأسيسية بشكل فعلي ومؤسسي ليدخل ضمن منظومة الخدمات المتكاملة والمنسجمة مع القطاع العام والأهلي لخدمة المواطنين.



وفي عهد الملك سعود بن عبدالعزيز تأسست رابطة العالم الإسلامي والهلال الأحمر، والعديد من الجمعيات الأدبية والرياضية والخيرية بمكة المكرمة وجدة والرياض. وتعد جمعية البر السعودية أول جمعية خيرية، حيث مارست نشاطها قبل إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية في 1962م (وزارة العمل والتنمية الاجتماعية). بعد ذلك مارست الوزارة دورها في منح التصاريح لإنشاء أوائل الجمعيات الخيرية النسائية والرجالية، وقامت بدورها الخيري حتى وقتنا الراهن ضمن استراتيجية واضحة الأهداف لخدمة شرائح متعددة من المجتمع، والعمل على إجراء التطوير والتغيير في البرامج حسب احتياجات المجتمع.



ومع تطور برامج العمل الخيري وتنوعها بدأنا نسمع مصطلحات لم تكن دارجة من قبل، مثل (القطاع غير الربحي) و(منظمات المجتمع المدني) و(القطاع الثالث) من المسؤولين الحكوميين والاستشاريين في القطاع الخيري والمؤسسات الخاصة، والتي تعمل كمؤسسات شبه حكومية مع الدولة ومع القطاع الأهلي، ويحدث ذلك في غياب تام يقدم تعريفا لهذه المصطلحات من الجهات المختصة، حتى يتمكن العامة من فهم أبعاد هذا القطاع الحيوي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأثر ذلك على المجتمع.



من المهم جدا أن نتفق على التعريف والمصطلحات وفهمها في إطارها الصحيح، لنراعي نوعية المؤسسات والجمعيات التي تعمل في المملكة وتؤثر بشكل مباشر على احتياجات الفرد والمجتمع. أيضا الإجابة على ما هي المصطلحات التي بدأت تظهر في ظل سياسة التحول الوطني، لنفهم تصنيفها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على الوضع الراهن، وكيفية التعامل معها في المستقبل القريب والبعيد.



نبدأ بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية المسؤولة المباشرة عن التنمية الاجتماعية Social Development ، والتي تحولت أهدافها من خدمات رعوية إلى خدمات تنموية، وأهمية مجاراة الجمعيات الخيرية لهذا التوجه الذي بدأت فيه منذ سنوات، ولكن في ظل انخفاض في الدخل العام للبلاد وعزوف القطاع الخاص عن الدعم كالسابق لحق الجمعيات الخيرية خسائر جمة في إكمال تنفيذ مشاريعها الخيرية من أجل تنفيذ برامج (التنمية المستدامة) التي هي من أهداف سياسات الدولة التنموية، وأفلست بعض الجمعيات، وبعضها أوشك على الإفلاس. وتبذل الوزارة جهودا حثيثة في التوفيق بين دعم استمرارية الجمعيات ومساعدتها، ومن ناحية أخرى في المضي قدما نحو تحقيق الهدف التنموي. وزاد من عبء الوزارة دمج وزارة العمل معها لتحمل أعباء مضاعفة، مما قد يهدد سلامة أدائها بالشكل المطلوب، لأنها تحمل مطالب معظم المواطنين.



وحتى نفهم التغيير الذي يحصل في قطاعنا الخيري ونحن نقرأ ونسمع بإطلاق مصطلح (القطاع الثالث) عليه، والذي يعرف بأنه القطاع غير الربحي، وهو ما يقع تحت ما يعرف بالمجتمع المدني، وهنالك غموض في استخدامه، لذلك فإنه من المهم أن نسعى للبحث والتدقيق في مدلولاتها لنعرف آلية تنفيذ برامجنا وأعمالنا ضمن إطار هذه المصطلحات بشكلها الدقيق، مع مراعاة مجتمعنا وقيمه وحاجاته. وهذا القطاع الذي يطلق عليه غير حكومي وغير ربحي (Non Governmental Non Profit Sector) والقطاع التطوعي، السؤال الذي نطرحه: هل ينطبق هذا التعريف على الجمعيات الخيرية شبه الحكومية في المملكة، باعتبارها القطاع الثالث، أو بما يسمى قطاع المجتمع المدني؟ وإذا لم ينطبق فهل هنالك بوصلة ترشد لآلية التحول بما لا يضر؟



.. وغدا نكمل بإذن الله



رئيسة مجلس إدارة

الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في جدة

ورئيسة مركز الدراسات والأبحاث

في مؤسسة الملك سعود