فاتن محمد حسين

الحوكمة في مؤسسات الطوافة.. كيف ومتى؟!

مكيون
مكيون

الاثنين - 26 ديسمبر 2016

Mon - 26 Dec 2016

تعتبر (الحوكمة) من أفضل أنظمة الرقابة الداخلية الحديثة على المنظمات والمؤسسات والشركات الكبرى. وهي لم تعد ترفا بل عملية أساسية للرقابة والتوجيه وتحديد المسؤوليات والحقوق لأصحاب المصالح والمستفيدين. كما أنها تقوم على وضع القواعد والإجراءات اللازمة لصنع القرارات الحكيمة وتفرز الثقة والمصداقية في بيئة العمل.



ولعل انفجار الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 وتعرض عدد من الشركات العالمية للخسائر مثل الشركة الأمريكية (enron) وشركة (worldcom) لفضائح مالية أدت إلى إفلاسها. فضلا عما شهده العالم عام 2002 من انهيار لعدد من الشركات العملاقة لأسباب متعددة منها الغش والتضليل والعبث والتلاعب بالأموال، مما يدل على تدني الأخلاق المهنية في العمل.. وهذا أدى إلى أن كبار المحللين في الاقتصاد والإدارة المالية عملوا على وضع الطرق والأساليب والاستراتيجيات للمراقبة، والمحاسبة على الأنظمة الداخلية، ووضع أساليب وأطر للحوكمة الرشيدة لضمان تنظيم التطبيقات والممارسات السليمة على إجراءات العمل، وباستخدام أدوات مالية ومحاسبية وثيقة بما يعمل على المحافظة على حقوق حملة الأسهم والسندات وأصحاب المصالح..



وقد علمنا أن وزارة الحج والعمرة في خطتها التطويرية الشاملة لا تعنى فقط بـ (الرسملة) بل بالحوكمة والهيكلة العامة لمؤسسات الطوافة..



وسأركز هنا في مقالي على (الحوكمة) لأهميتها في الإفصاح عن ميزانيات المؤسسات والحقوق المالية للمساهمين والمساهمات.. وأقرب مثال على (أهمية الحوكمة) هو ما حدث في الجمعية العمومية لمؤسسة جنوب آسيا في اجتماعها الثاني بتاريخ 10/‏9/‏1437هـ حيث رفض أعضاء الجمعية التصديق على الميزانية لعام 1436هـ والميزانية التقديرية لعام 1437هـ، وبنسبة 80% وهي سابقة لم تحدث قط في مؤسسات الطوافة، وذلك بسبب تدني الإيرادات، وانخفاض في عائد الأسهم، والهدر المالي.



ومما يزيد من تعقيدات المشكلة أن الوزارة - حسب علمنا- قد أعادت تقرير الميزانية للمؤسسة لإعادة التصويت عليها!!. ولا نعلم على أي أساس تم إصدار هذا القرار؟! أليس معنى ذلك تخلي الوزارة عن دورها في تشكيل فريق للتدقيق المالي رفيع المستوى لمراجعة الميزانية واكتشاف أي ثغرات مالية، ودراسة الأسباب التي من أجلها رفض أعضاء الجمعية العمومية التوقيع؟ ثم يكون هناك اجتماع للجمعية العمومية في المؤسسة وإعلامهم بتفاصيل التحقيقات..!! حيث لا نعلم حتى الآن - نحن أصحاب الشأن - ماذا حدث في الميزانية مع أننا وصلنا للعام 1438هـ! ثم ما فائدة إعادة الميزانية للمؤسسة وإعادة التصويت عليها؟! ألا يستطيع رئيس المؤسسة وضع تكتل جديد لصالحه من المطبلين وأصحاب المصالح وإعطاء نتيجة مغايرة..!! لبث مزيد من التضليل.. وفي هذا كثير من الظلم والعبث بأموال المساهمين والمساهمات..!!



ما نستغربه كمطوفين ومطوفات أنه في صدور اللائحة الجديدة للجمعيات العمومية لمؤسسات أرباب الطوائف بالقرار الوزاري رقم 68047 وتاريخ 4/‏4/‏1437هـ أن أهم أهدافها هو: «تطبيق أفضل معايير الحوكمة على أعمال المؤسسات وإضفاء المزيد من التيسير لأداء الجمعيات العمومية لمهامها ومسؤولياتها..» بل تقول في فقرة أخرى: «إنها لحماية حقوق المساهمين ومعالجة معوقات انعقاد الجمعيات العمومية بالمؤسسات « إذن أين هي تطبيقات (معايير الحوكمة)؟! وأين هي حماية حقوق المساهمين؟! ولماذا لم تعقد جمعية عمومية..؟؟ كما أننا لم نسمع عن دورات متقدمة في الحوكمة لأعضاء مجالس الإدارات والتي هي أكثر الجهات معنية بالإفصاح عن ميزانياتها وبالشفافية في طرح قوائمها المالية.



بل لا بد من تقديم دورات (الحوكمة) ولقاءات تثقيفية لبعض المطوفين والمطوفات في الجمعيات العمومية وتزويدهم بمهارات الحوكمة والمساءلة القانونية بل ومحاسبة المسؤولين بما فيهم مجالس الإدارات الذين يتخذون القرارات.. وعن تبعات تلك القرارات ونتائجها، ومدى قيام كل مسؤول في المجلس بأعماله ومسؤولياته.



بل من الممكن تعيين محاسب قانوني خاص من أبناء الطائفة لمراجعة القوائم المالية وتشكيل لجان للمراجعة في المؤسسات لتفعيل الرقابة الداخلية من خلال الربط بين أعمال مجلس الإدارة ومخرجات الأداء، ومدى التوافق مع الرقابة الخارجية من الوزارة.. وكل ذلك لضمان النزاهة والشفافية والعدالة.. بل لضمان حقوق أصحاب المصالح وخاصة أصحاب الأسهم المتدنية وفقراء المطوفين والمطوفات..



ومنع استغلال السلطة المتاحة في تحقيق مكاسب غير مشروعة.. وقبل هذا وذاك.. أن تكون الحوكمة (للمساءلة) عن مدى تنفيذ المجالس لوعودها الانتخابية وخططها.. خاصة وأن هذا العام هو الثالث في دورته الانتخابية، والمفروض أن تكون المجالس قد قدمت ما وعدت به، وبما يحقق أهداف المطوفين والمطوفات من إجراءات تنظيمية لخدمة ضيوف الرحمن، وخدمة مصالح أبناء الطائفة وبما يلبي تطلعات القيادة الحكيمة، وإلا فإن إزاحتهم وتعيين آخرين من ذوي الخبرة والمؤهل أولى بالمكانة والتمكين.