عبدالغني القش

التعليم.. المشرف التربوي غير تربوي!

الاحد - 25 ديسمبر 2016

Sun - 25 Dec 2016

لا ينفك الكاتب عن الكتابة عن التعليم، همومه وقضاياه، وشؤونه ومحتواه، عيوبه ومزاياه، لإدراكه لأهمية التعليم في رقي وحضارة الأمم والأخذ بناصيتها لمصاف العالم المتقدم، وأنه السبيل الأوحد لكل تطور ونهضة.



والمتابع يجد أن قرارات الوزارة تتوالى بشكل لافت، وبعد التأمل فيها يجدها – مع بالغ الأسف – لا تواكب التطلعات ولا تفي بالطموحات.

ولعل من القرارات التي صدرت مؤخرا إلغاء شرط أن يكون المشرف التربوي حاصلا على مؤهل تربوي، بل وتجاوز القرار ذلك ليصل إلى إلغاء النظر إلى المعدل!



وهذا في واقع الأمر يعد بمثابة صدمة للقائمين على العملية التربوية؛ فكيف للمشرف التربوي أن يحقق رسالة ورؤية وأهداف التربية من غير أن يكون تربويا، بل وربما يكون معدله منخفضا وهو ما يجعل نظرة الزميل لا ترقى لمستوى الاحترام المطلوب، والفائدة معدومة قطعا!

إن من يعمل في الميدان التربوي يدرك أهمية الدور الذي يؤديه المشرف التربوي، فهو ينقل خبراته السابقة ويكون بمثابة المعزز والمساند للمعلم، فهل يتأتى هذا الدور من غير التربوي؟

والأهم: هل الوزارة بحاجة لمثل هذا القرار في هذا الزمن؟



والمؤلم أن تعلن الوزارة عن آلاف الوظائف على المستوى الرابع، وهنا أيضا يجب التوقف والتساؤل: إذا كان هؤلاء المتقدمون تربويين فلماذا لا يتم منحهم المستوى الخامس الذي يستحقونه، أما إذا كانوا غير تربويين فحينها ينبغي أن نكبر أربعا ونسلم على اليمين إيذانا بانتقال التعليم إلى الهاوية.



إن العملية التربوية عملية تكاملية لا يمكن أن تؤتي ثمارها المطلوبة إلا في أجواء من الارتياح النفسي، وفق معطيات يعلمها التربويون، والأمل في نتائج اللجنة الوزارية التي تدرس كادر المعلمين أن تعطي المعلم الحوافز التي يستحقها.



وقد سبق أن صرح معالي الوزير - قبل تسنمه للوزارة- أن رواتب المعلمين والمعلمات هي من أقل الرواتب على مستوى العالم، وطالب حينها بزيادتها بنسبة مئة في المئة، ولم يرق للجميع تهربه من الإجابة حول المخاوف من قرارات اللجنة بقوله: إذا انتهت اللجنة سترفع توصياتها للجهات العليا.

وهنا تحضرني مقولة للأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني «والله إني أتمنى أن يأتي اليوم الذي يكون فيه راتب المعلم أعلى من راتب مدير البنك».

وحتى اليوم لم يتم تفعيل يوم المعلم بالشكل المطلوب، بل إن تكريم المعلم المتقاعد يمثل مأساة بكل ما تعنيه الكلمة؛ ولك أن تتصور - عزيزي القارئ - معلما يتم تكريمه بعد تقاعده بخمس سنوات، وقد مات عدد ليس باليسير من المعلمين!



وما زالت مناهجنا وبيئات تعليمنا بحاجة للنهوض لتصبح جذابة وماتعة، أما طلابنا فحدث ولا حرج عن أوضاعهم، ولك أن تتأمل تلك الغيابات التي تسبق نهاية كل فصل، وتجاوز الأمر ذلك لتسبق كل إجازة ، فالأسبوع يصبح أسبوعين.. وهكذا، والوزارة تقف عاجزة أمام هذه الهدر الزمني المؤثر على سير الدراسة، وقد أسر إلي بعض الإخوة المعلمين أنهم باتوا يحسبون حسابا كبيرا لتلك الغيابات العجيبة.



وتساؤل أخير عن المليارات التي تم ضخها في وقت سابق، وهل تم صرفها بالفعل، وأين نتاجها؟

فتعليمنا يراوح مكانه، إن لم يتراجع، ومناهجنا ما زالت ورقية تكلف الكثير من الأموال، ولعل الميزانية التي أعلنت يوم الخميس الماضي - والتي يرجى منها الخير الكثير- تراعي مثل هذه الجوانب من الهدر المالي.



وقرارات الوزارة يبدو أنها تصدر من غير دراسة واستطلاع رأي، وإلا فكيف يمكن أن يكون المشرف التربوي ذا معدل متدن، والأدهى أنه غير تربوي؟!



[email protected]