مجلس الأمن يردع الاستيطان الإسرائيلي بطلقة وداع من أوباما

السبت - 24 ديسمبر 2016

Sat - 24 Dec 2016

للمرة الأولى منذ 1979 طلب مجلس الأمن من إسرائيل وقف النشاط الاستيطاني بالأراضي الفلسطينية والقدس الشرقية، في قرار تبنته الدول الأعضاء بعد امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض (الفيتو).



وامتنعت واشنطن التي تدعم إسرائيل عادة في هذا الملف البالغ الحساسية عن التصويت على القرار الذي اقترحته مصر أولا، ثم تبنته 4 دول أخرى بعد سحب مصر له، ليحصل على تأييد الدول الـ14 الأعضاء بالمجلس.



وأدى تحريك هذا الملف لخلافات واضحة بين إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي تدخل لدى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لإرجاء التصويت على نص مشروع القرار.



انتصار تاريخي

وسط تأييد ودعم دول العالم والمنظمات والهيئات الدولية بقرار مجلس الأمن ضد الاستيطان الإسرائيلي، عدت الحكومة الفلسطينية القرار إنجازا تاريخيا كبيرا وانتصارا للحق الفلسطيني، ورفضا قاطعا للاحتلال الإسرائيلي وتبعاته.



وقال المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود «إن القرار يمثل خطوة مهمة وتاريخية لدعم وتثبيت أسس السلام بالمنطقة. وجاء ليدلل على دعم العالم للحق الفلسطيني وللرؤية الفلسطينية، كما جاء ليؤكد عزلة إسرائيل ونبذ العالم لسياستها الاحتلالية وشكل بالفعل صفعة لإسرائيل».



طلقة وداع

اعتبر الامتناع الأمريكي عن التصويت طلقة الوداع من أوباما، الذي شاب التوتر علاقته بنتنياهو الذي جعل المستوطنات هدفا رئيسيا لمساعي السلام التي أثبتت عدم جدواها في نهاية المطاف. كما واجه أوباما ضغوطا من مشرعين أمريكيين جمهوريين وديمقراطيين لاستخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار، وتعرض لانتقادات من الحزبين بعد التصويت على القرار.



وبعد التصويت، قال البيت الأبيض إن أوباما اتخذ قرار الامتناع عن التصويت في ظل غياب أي عملية سلام لها مغزى، وإنه حذر إسرائيل مرارا سرا وعلانية من أن النشاط الاستيطاني يزيد عزلتها على الساحة الدولية.



وقالت سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة سامنثا باور بعد تبني القرار الذي استقبل بتصفيق حاد في المجلس «لا يمكننا الدفاع في وقت واحد عن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وحل يقضي بإقامة دولتين».



30 فيتو أمريكيا

استخدمت الولايات المتحدة حق النقض 30 مرة ضد مشاريع قرارات تتعلق بإسرائيل والفلسطينيين، كما تقول منظمة «سيكيوريتي كاونسل ريبورت».



وكانت آخر مرة امتنعت فيها واشنطن عن استخدام الفيتو بمجلس الأمن في 2009 لنص يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.



وفي 1979، تبنى مجلس الأمن القرار رقم 446 الذي يعد بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية غير مشروع وعقبة في طريق السلام. وامتنعت الولايات المتحدة حينها عن التصويت.



ترامب يتوعد أمميا

واتخذ ترامب، الذي سيتولى مهامه الرئاسية في 20 يناير خطوة غير عادية لرئيس أمريكي منتخب عندما تدخل شخصيا في قضية تتعلق بالسياسة الخارجية قبل أن يتولى منصبه، وتحدث عبر الهاتف مع نتنياهو ومع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبل أن تسحب مصر مشروع قرار صاغته قبل تصويت مزمع للمجلس عليه. وقال ترامب على تويتر عقب التصويت «فيما يتعلق بالأمم المتحدة. الأمور ستختلف بعد 20 يناير».



مصر: ضمان حرية الحركة مستقبلا

بررت مصر أمس قرارها سحب مشروع قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي بأن احتمال استخدام الفيتو ضد المشروع كان لا يزال قائما. وأوضحت الخارجية المصرية في بيان أمس أسباب سحب مشروع القرار بأن مصر «باعتبارها شريكا رئيسيا في رعاية أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة، كان من المهم أن تحافظ على التوازن المطلوب في موقفها لضمان حرية حركتها وقدرتها على التأثير على الأطراف في أي مفاوضات مستقبلية بهدف الوصول لتسوية شاملة وعادلة تضمن استرجاع كافة الحقوق الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية».



نص القرار الأممي

ـ مطالبة «إسرائيل بأن توقف فورا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد احتراما كاملا». وأن «بناء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967 بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل».



ماذا يعني القرار؟

«لا يغير صدور القرار شيئا على الأرض بين الفلسطينيين وإسرائيل، ومن المرجح أن تتجاهله إدارة ترامب المقبلة. لكنه يحمل أهمية أكثر من كونه مجرد إجراء رمزي إذ يرسخ القرار رفض المجتمع الدولي للبناء الاستيطاني الإسرائيلي، وقد يحفز الفلسطينيين على مزيد من التحركات ضد إسرائيل في المحافل الدولية».



إجراءات إسرائيلية

حملت إسرائيل بعنف على أوباما واتخذت «سلسلة إجراءات دبلوماسية» ضد السنغال ونيوزيلندا، إذ إنها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع ماليزيا وفنزويلا، الأربعة الرعاة للمشروع بعد سحب مصر للمشروع. وقال مكتب نتنياهو إن «إدارة أوباما لم تفشل فقط في حماية إسرائيل بالأمم المتحدة، بل تواطأت معها وراء الكواليس». وأعلن نتنياهو استدعاء سفيري بلاده في نيوزيلندا والسنغال «فورا للتشاور». كما ألغى زيارة مقررة في يناير لوزير الخارجية السنغالي، مع إلغاء جميع برامج المساعدات للسنغال وإلغاء زيارات سفيري السنغال ونيوزيلندا غير المقيمين لإسرائيل.