فكاهة قاتلة

الجمعة - 23 ديسمبر 2016

Fri - 23 Dec 2016

من أقوال الإمام الشافعي»زن من وزنك بما وزنك.. وما وزنك به فزنه».



سمعنا كثيرا عن شعوب انتصرت بعزم رجالها وبأسلحتها البدائية وبقوة الإرادة. ومن أقوى تلك الشعوب الشعب المصري الذي دحر دولا استعمرته (الأتراك العثمانيين عام1517، وبريطانيا وفرنسا وإنجلترا). وأرض الكنانة صامدة تأبى الرضوخ لهم. وكان أصعب ما واجهه الاحتلال في تحركاته أرض الصعيد المصري، أرض الهبات والثروات، فلم يسمح إنسان الصعيد باغتصاب أرضه، لأنه لا يرى حجما لهذا العدو مقابل نشأته الفطرية لحماية الأرض، ومن هنا بدأ انطلاق الشائعة الفكاهية على الصعيد ورجاله، لم نسمع بها من قبل الاستعمار فتداولتها الأجيال حتى تحولت النظرة لإنسان الصعيد إلى الدونية والاستهتار، فهو، بحسب ذلك، غير صالح للرقي ببلده اقتصاديا وثقافيا. لا ننكر جميعا ذلك، فقد قلناها يوما ما «يا أبو عقل صعيدي»!



ومع تدقيق النظر نجد أن العالم أحمد زويل، وشيخ الأزهر الطنطاوي، ومجودي القرآن إلى العصر الحديث، الشيخ محمد المنشاوي، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد ـ رحمهم الله جميعا ـ هم شخصيات بارزة بعقول صعيدية.



وما زلنا نتناقل الفكاهات المسممة لإرادة الشعوب. هل سمعنا يوما بشعوب الغرب تقال فيهم الفكاهات؟



وللأسف أننا الآن أصبحنا يدا ممتدة للاستعمار الفكري حين ساهمنا بنشر الفكاهات على شعب المملكة العربية السعودية. هذا الشعب الذي لم يسمح لدول العالم باستعماره واستنزاف ثرواته، بعد أن كنا نتناقل شعريا وقصصيا إنجازاته وانتصاراته ضد أسلحة ثقيلة بأسلحة الرجال من سيوف وخيول وبنادق البارود. ومع اشتداد الضغوطات الخارجية ظهرت الفكاهة على شعبنا حتى يثبت في أذهان العالم أن هذا الشعب لا يتعدى أن يكون ذا شقين: (أم ركبة سوداء.. وأبوسروال وفانيلة)، كم أشعر بالخجل وأنا أسطر تلك العبارة.



ولا أعلم كيف بك أيها الرجل العربي الأصيل أن تسمح بتداول صفة لأنثى كنت ترفض النطق باسمها خوفا أن تمس بسوء؟ وأنت أيتها الأنثى الموقرة، يا سيدة المجتمع المثالي، يا من أسميت أكبر القبائل بالجزيرة على إحداكن، يا من أنجبت الأبطال رجال المعارك، كيف بك تتناقلين ما يدمر أبناءك ويحط من إرادتهم؟ أوليس (أبوسروال وفانيلة) هو زوجك وابنك وأخاك وأباك؟!



حان الوقت لنقول كفى استهزاء بشعب اختير حاميا لبيت الله.. أطلقوا حملات ضد الفكاهة المسيئة.. فلا فكاهة ضد شعب أرض الرسالات.