فيصل الشمري وغزل اليزيدي

الشعوب جنود أوطانها

الاثنين - 12 ديسمبر 2016

Mon - 12 Dec 2016

مبدأ «كل الشعب جنود»، نشأ خلال الثورة الفرنسية كجزء من رموزها التحررية على الرغم من أنها لم تناقش باستفاضة كغيرها الكثير من المبادئ والتي اشتهرت فيما بعد. فهذا المفهوم، أيام الثورة الفرنسية، يعني أن لكل شخص دورا ومساهمة في بناء أفكار الثورة وتنفيذها في المجتمع الفرنسي بأجمعه.



في العالم اليوم نشهد بالفعل الحاجة لأن يكون لكل شخص دور يقوم به. بداية، فالمقصود في هذا المقال ليس مناداة لثورة أو نشر أفكار ثورية لأنه لا حاجة لهذا أبدا، إضافة إلى أن غياب النظام والأمن لا يحل ولا يعالج شيئا، لأنها ستكون وصفة لمزيد من الفوضى. لكن في صراع اليوم مع داعش وغيرها من الحركات المتطرفة في المنطقة، كان حقا علينا كلنا بلا استثناء أن ننهض بأدوارنا وننجزها على أتم وجه. الأب، الأم، الإمام، المعلم، الجندي، الموظفون على اختلاف قطاعاتهم، والمواطنون بصفة عامة كلنا كوحدة واحدة، أفرادا ومجموعات، قادرين على أن نقدم مساعدة لا تقدر بثمن لمساندة النضال الإنساني الحالي والمستمر لمواجهة داعش وغيرها.



ومن هذا المنطلق فمبدأ «كل رجل جندي» ينطبق تماما على الوضع الحالي الآن، وما يحدث في المنطقة نتيجة لبعض الاضطرابات الناتجة من أفعال المجرمين والإرهابيين وغيرهم ممن لا يقدمون للعالم شيئا سوى إشعال نار العداوة بين أطياف المجتمع. على الصعيد الداخلي للمملكة لم يخل الأمر أيضا، فلقد هوجم المسجد النبوي، هناك قصص لبعض طلابنا المبتعثين، وخلال تواجدهم في المملكة، ممن ضحى بحياته لصد مؤامرة داعش الإرهابية وأعمالهم الوحشية داخل المسجد النبوي، حتى كبار السن لم يبخلوا بأرواحهم لحماية الآخرين بكل شجاعة. مثال آخر نجده يتجسد في نبل المواطنين البواسل في نجران الذين يتعرضون لصواريخ وطلقات النيران بغير ذنب سوى أن أعداءنا توهموا أنهم فريسة سهلة يسهل خداعها والاستيلاء على أراضيهم.



قواتنا المسلحة المناضلة وحلفاؤنا الشرفاء أيضا وضعوا أرواحهم على المحك فداء وحبا لبلدانهم ولحفظ الأمن والأمان، ضحوا بحياتهم وأوقاتهم مع عائلاتهم ليقاتلوا في اليمن وغيرها دفاعا عن هدف نبيل وهو حماية لأرواح بريئة قد تغتال. كما ترون، الجميع لا يدخر جهدا ويشارك في هذه المحنة كل قدر استطاعته، ولا بد من تسليط الضوء على هذا النوع من البذل والعطاء. كما صرح خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، أن كل الشعب جند للوطن وهدف محتمل في هذه المحنة، إما أن نتحد ونتعاون وننتصر نحن أو ينتصروا هم. نحن بالطبع لا نسعى إلى القتال، رغبة فيه، لكنه فرض علينا ولذا وجب علينا تلبية النداء. لا مجال للتسوية مع العدو خصوصا إن لم تكن لهم بادرة لذلك. جميعنا نقف في خط الجبهة، ولذا فإن كل مواطن، سواء أدرك أو لم يدرك، هو في هذه الحرب جندي للدفاع عن المملكة بصفة خاصة والإنسانية بصفة عامة.



عند مراقبة هذه المحنة وعند التعمق في ملامحها فسنجدها ذات وقع عظيم، لأنها تمس الجانب الإنساني مما له عميق الأثر، ليس فقط في نفوسنا بل في نفوس كل من له علاقة بهذه الحرب من داخل المملكة وخارجها أيضا. أعداء المملكة على استعداد لاستخدام جميع الأساليب الممكنة للنيل منها، كاستهداف فئات من الشباب المندفعين أو ممن تجردوا من ضمائرهم سواء كانوا أفرادا أو مجموعات، للمساس بأمنها واستقرارها وتشويه اسمها سواء داخليا أو خارجيا. في هذه المحنة لا يعلم الأب أو الأم أن أحدهم غرر بأحد أبنائهم أو أكثر إلا بعد فوات الأوان وانفطار القلوب لصعوبة إرجاع عقارب الساعة للوراء وتغير الأحداث.



هواتفنا وتطبيقاتها هي أسلحة ذات حدين في خط الجبهة، إذا أحسن استخدامها، نحارب بها ضد الانحراف، والانحراف هنا – بصراحة – يعد إطراء مقارنة بشناعة أفعال بعض ممن سخر حياته لإلحاق الضرر بنفسه وبالآخرين. على سبيل المثال، فرنسا كانت شاهدة على العديد من الأزمات والحوادث الإرهابية التي لحقت بها وأضرت بشعبها، ملاعب كرة القدم، المطاعم والحدائق كانت مزدحمة بأناس أبرياء كل ما أرادوه هو ممارسة بعض من أساليب حياتهم الطبيعية بدون أن يضروا بغيرهم. وكما ذكرنا سابقا، خط الجبهة وجنودها الحقيقيون في هذا الصراع هم الآباء، الأمهات، المساجد، الأئمة، المعلمون، الجنود، والمواطنون بصفة عامة بالإضافة للكثير غيرهم.



عند التعمق فيما سبق، فسنجد للوهلة الأولى أنها نصائح وتوجيهات مبهمة وكثيرة على درجة عالية من الأهمية، لما تحمله من دعوة شاقة لنشر الوعي، لمعرفة حجم الوضع وتقييمه تقييما صحيحا. ولكن بعد لحظات من التعمق والتفكير، ستكون الثقة ازدادت أكثر وأكثر لثبات أهمية وقوة الشخصيات المشاركة والتي تمثلنا في خط الجبهة. نهضة المملكة ونموها المستمر والمنشود مبنيان على تقدمها الواضح، شخصية أفرادها وحضورهم الفعال في المنطقة وخارجها، بالإضافة لمساعي قيادتها الرشيدة، التفاني والإخلاص في معالجة الشؤون المحلية والدولية.



ختاما، نحن لا نتعمد جذب الانتباه أو التحدث بأعلى الأصوات عند فعلنا للصواب. نحن نواجه العديد من أوجه الشر في كثير من سبل الحياة، لا أحد ينكر هذا، لذا فسنواجه هذا الأمر بنية واضحة وهي محوه من الكثير من تعاملاتنا، لأن التعاون المشترك والتوافق مع من يتبنى هذا التوجه يساعد على تقوية الشر ويدعمه. طالما أننا جميعا نمر في هذه المحنة، فالهدف ليس فقط هزيمة العدو فحسب بل هزيمته بكل الاعتبارات الممكنة، وقتها لن يستطيع أحد هزيمتنا. بكل تأكيد، سوف يلبي المواطنون بصفة عامة نداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وولي أمرهم الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، ومملكتهم الحبيبة والشعب الكريم. كنّا وسنظل أبطالا من أجل الدفاع عن الإنسانية وحماية الشعب، لأن ديننا يحثنا على ذلك.