الحوثيون والأمريكيونفي »ويكيليكس«

كانت فكرة إحياء الإمامة، منقحة، هي منطلق حركة الحوثيين في اليمن، التي تطلق على نفسها اسم «أنصار الله»

كانت فكرة إحياء الإمامة، منقحة، هي منطلق حركة الحوثيين في اليمن، التي تطلق على نفسها اسم «أنصار الله»

الاحد - 15 فبراير 2015

Sun - 15 Feb 2015

كانت فكرة إحياء الإمامة، منقحة، هي منطلق حركة الحوثيين في اليمن، التي تطلق على نفسها اسم «أنصار الله».
والتسمية بحد ذاتها، تحمل اتهاما ضمنيا، بأن سائر اليمنيين، باستثناء المنضوين في هذه الحركة؛ لا يناصرون الله الذي باتت نصرته ــ حسب التسمية ــ حكرا على الحوثيين.
برقيات السفارة الأمريكية في صنعاء، التي أفشت «ويكيليكس» مضامينها؛ كانت مضللة.
فقد نقلت السفارة عن العقيد أكرم القاسمي، وهو من مكتب الأمن القومي التابع لنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ أن الحوثيين لا يسعون إلى استعادة حكم رجال الدين، وإنما يسعون إلى المزيد من الاستقلال الذاتي في مناطقهم وإلى احترام معتقداتهم الدينية وعدم تهميشهم والاستفادة من حماية الدستور والقانون (وهذا هو الذي ضمنته وثيقة الشراكة الوطنية التي توافق عليها اليمنيون).
وعرضت السفارة الأمريكية رأيها الذي يؤكد على ما قاله أكرم القاسمي، استنادا إلى اتصالات أخرى مكثفة.
لكن الذي ثبت من خلال التداعيات المتسارعة، أن هذا الرأي غير صحيح.
أما القرينة التي تؤكد على ضلوع الأمريكيين في مؤامرة اختطاف الحوثيين للدولة، فنجدها في التحليل الذي قدمته السفارة الأمريكية لحكومتها، تطمئنها من خلاله، إلى أن مشروع هؤلاء هو مقاتلة السلفية السنية، وهذا هو بالضبط ما يريده الأمريكيون في اليمن ويرونه مكملا لمجهودات القصف من الجو لعناصر «القاعدة».
لقد جاء في هذا التحليل، الذي كشفت عنه «ويكيليكس» نصا وحرفا: «إن أحد أعمق جذور الصراع في صعدة، ديني، وسببه الرئيسي هو تعمد تصدير السلفية السنية إلى محافظة صعدة، وعلى الرغم من ذلك، لا نتبنى الرأي القائل إن الحرب دينية ولكن على مدى السنوات الـ20 الماضية، شعر الزيديون، الذين مثلوا تاريخيا غالبية السكان في المحافظة؛ بأنهم مهددون على نحو متزايد من السلفية السنية المتطرفة المصدرة من المملكة العربية السعودية»!الكلام هنا واضح.
ففي اليمن، تصرفت الولايات المتحدة، على اعتبار أن موقف الحوثيين أقرب إليها من موقف اليمنيين السنة، وضربت بعرض الحائط علاقاتها مع المملكة العربية السعودية متهمة إياها بالإجمال، أنها مصدر السلفية الجهادية، ومتجاهلة الحرب الضروس التي شنتها الرياض على الإرهاب الإسلاموي!وتكشف «ويكيليكس» عن اتصالات أمريكية حوثية، على الرغم من شعار «الموت لأمريكا» الذي يزين به الحوثيون عرباتهم العسكرية.
فقد التقى السفير الأمريكي، بأحد أقطاب الحوثيين، وهو عبدالقادر هلال، وزير الإدارة المحلية في محافظة صعدة، الذي أبلغ السفير «أن سكان محافظة صعدة يرون على نحو متزايد أن الصراع صراع ديني، ويعتقدون أن الحوثيين يحققون انتصارات على أرض المعركة لأن الله إلى جانبهم، لافتا إلى أن التدخل السعودي لا يسهم سوى في تشجيع الحوثيين ومن يدعمهم على النظر إلى الصراع من منظور طائفي»!في هذا السياق، تضمنت برقيات السفارة الأمريكية، نفيا دائما للدور الإيراني الداعم للحوثيين بالتدريب والسلاح.
ففي إحدى البرقيات، هناك ما يدل على توجه الأمريكيين للإجهاز على الدولة في اليمن، من خلال التأكيد على أن لا سلاح إيرانيا بيد الحوثيين.
فهؤلاء «يبتاعون السلاح من السوق اليمنية، ومن الضباط الفاسدين في الجيش، ولا دليل على تهريب الإيرانيين السلاح للحوثيين»!مهما كان الأمر، فقد اتضحت مقاصد الحوثيين جلية.
فمطالبهم ليست اجتماعية.
إنهم يسعون للاستيلاء على الحكم، حتى ولو أدى ذلك إلى تقسيم اليمن، وممارسة القمع ضد الشعب اليمني!لقد بات من الضرورة بمكان، مصارحة الأمريكيين بشططهم حيال كثير من القضايا الساخنة في المنطقة العربية.
فالسياق الإيراني المسكوت عنه الآن، يؤسس لصراعات مديدة في المنطقة، يدفع إليها نظام حكم يزعم أنه يعمل بتوجيهات «الإمامة المعصومة» بينما البشر غير معصومين، والسياسات واضحة!