هادي الفقيه

صناعة المفكرين الشباب.. ربيع العرب الحقيقي

السبت - 10 ديسمبر 2016

Sat - 10 Dec 2016

تشهد العاصمة الإماراتية أبوظبي اليوم عرسا جديدا بإطلاق الدورة الـ15 من مؤتمر الفكر العربي (فكر 15)، الذي صنع عبر نسخه الـ14 السابقة حراكا مميزا في الساحة العربية، تحت مظلة مؤسسة فكرية عربية مستقلة صرفة تنتمي لقيم العرب النبيلة ولسانها الفصيح، بعيدا عن الأنظمة أو الطوائف لتكون مظلة إنسانية تشعل ضوء الأمل في آخر نفق الظلام العربي بصناعة مفكرين فتيات وشبانا من جانب ووصف دقيق لواقع الإنسان العربي عبر تقريرها التنموي الذي أصبح مرجعا رصينا.



إن الثروة العظيمة التي يراها الحكماء القائمون على مؤسسة الفكر العربي هي الشباب ولا شيء غير الشباب في صناعة مستقبل أكثر إشراقا للواقع العربي «المرير». أتألم بأن أصف واقعنا بذل ولا أحب أن أكون في صفوف المتشائمين، ولكن ما يدفعني للأمل أن «فكر» لا تأمل وتتطلع فقط بل تخطط وتنفذ على الأرض دون تمييز، بل لكل ما هو عربي بأمانة مع الأجيال واحترام للتاريخ، وأخيرا حفاظا على الإرث العظيم.



إن القراءة للمستقبل عبر قادة الفكر الكبار في الوطن العربي وعلى رأسهم رئيس مؤسسة الفكر العربي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أسهمت بشكل حقيقي في وضع خط رجعة آمن للأجيال، إذ إن الأخطار التي تحدثوا عنها سابقا ووضعوا حواجز فكرية لها أصبحت اليوم واقعا يعالج تحدياتنا، ولو بالشيء القليل، في حين هناك من كان يرى أن الأمور قد لا تكون بالصورة التي يراها صناع مستقبل الأمة الحقيقيون فأتى الرد واضحا.



إننا اليوم أصبحنا أكثر حاجة إلى أن نسمع بصدق مع أنفسنا كشباب، وبأذهان مدركة متفتحة لما يقول الحكماء ولا ننجر وراء أي دعوات تسحب واقعنا العربي إلى مستنقعات جديدة، إن لم تقتل الأجساد فهي بكل تأكيد ستذبح العقول والأفكار ويحتفل دعاة التطرف والإحباط معا على واقعنا.

تبهجني كشغوف بأمة عربية عظيمة، المبادرات التي تقدمها مؤسسة الفكر العربي، إلا أن أكثرها أهمية من الزاوية التي أرى، هي «برنامج الشباب»، الذي يرتكز على أكثر كنوز الأمة العربية، وهي الشباب المتعلم المثقف الواعي المتجرد من أي أيدلوجية ويسعى بشغف إلى رؤية ما يجمعنا من ناحية كعرب لنعمل معا، ومن الجانب الآخر يضع خارطة طريق ليصل إلى الأهداف التي تجعل حياتنا أفضل.



لم يبتعد «برنامج الشباب» عن الواقع ويلبس ثوبا مثاليا، بل يصافح الشباب بطريقة الحياة التي يعرفونها وعلى رأسها المرح، ضمن قيمه التي يقوم عليها البرنامج إلا أنه في الوقت ذاته عظم الإبداع وهو حجر زاوية الديمومة الإنسانية. قيم البرنامج تشعر من يخوض تفاصيله بواقعيتها أكثر بتركيزها على المواطنة الحقة، التوعية الذاتية والثقة بالنفس، المشاركة في صناعة القرار بما يقدمون على الأرض، الاندماج بنشر نظام قيم فاعل، التقدم ولا رجعة إلى الوراء وأخيرا التميز فلا مكان لمن يبدع ويجتهد إلا المقاعد الأمامية.



الثمرة الجميلة اليوم لـ»برنامج الشباب» كعمل تنفيذي هي مبادرة «سفراء الفكر العربي» الذين يعملون على الأرض في العواصم العربية ويخلقون بدعم مؤسسة الفكر العربي واقعا مختلفا بالعمل في مجتمعاتهم لنشر القيم والتحفيز على الإبداع بعيدا عن الانتماءات السياسية، الطائفية والحزبية. وهم في نظري وصفة الدواء لجسد الأمة العربية الذي يحتاج لمعالجة ما مرض وبناء خلايا جديدة تبث فيه روح النهوض والتطور.



إن الموثوقية الأكبر لدائرة منتجات مؤسسة الفكر العربي تأتي من أن عملها مبنى على مرتكزات ثلاثة الأول، أهمية وريادة قادة المؤسسة على الخريطة العربية والدولية، والثاني العمل الاحترافي المقدم خلال مؤتمرات فكر الـ14 الماضية والفعاليات الأخرى للمؤسسة، وأخيرا العمل الاحترافي والعلمي المقدم في «التقرير العربي للتنمية» الذي يصدر سنويا لتسعة أعوام متتالية عبر معايير رصينة وعلى أيدي خبراء كبار متمرسين من رموز الفكر في العالم العربي.



خلاصة القول، ستكون أبوظبي في عرس يربط تجربة «مجلس التعاون الخليجي» الرائدة، بخيمة العرب الكبرى «جامعة الدول العربية»، إذ إن تنوع مؤسسات العمل العربي كل في اختصاصه يزيد من الفعاليات التي تسعى إلى تقييم واقع العرب وتشجع على الوصول إلى محطات جديدة مسكونة بربيع حقيقي في تربة القيم والانتماء مرتويا بماء الإبداع والتميز والتسامح، من العرب إلى العرب ليكون أهم ما ينتجون مفكرين عربا شبابا، هم الأمة العربية التي نحتاج لنضمن ريادة العربي على خارطة العالم.



أهداف برنامج الشباب

1 خلق فرصة فريدة للشباب لطرح القضايا الأكثر إلحاحا، التي تواجه الأجيال القادمة، وتقديم الحلول.

2 تمكين الشباب العربي وحثهم على لعب دور رئيس في تطوير المنطقة والإسهام في تحسين مستقبلهم.

3 إلهام الجيل الأصغر وحثه على التدخل وعلى أخذ زمام المبادرة بالتعاون مع المجتمعات الأخرى.

4 إشراك الشباب في القضايا الإقليمية المهمة ورفع مستوى الوعي حول ثقافة المسؤولية والمشاركة.

5 توفير الفرصة للشباب العرب لتعزيز دراستهم ومعرفتهم ولإثراء خبراتهم.



هادي الفقيه - كاتب وصحفي مقيم في واشنطن