محمد العوفي

صندوق الاستثمارات.. حراك متسارع لتعويض ما فات!

الاثنين - 05 ديسمبر 2016

Mon - 05 Dec 2016

طوال عشر سنوات كاملة والمطالبات بتأسيس الصندوق السيادي الاستثماري قائمة لا تهدأ، باعتباره ضرورة اقتصادية - لا جدال فيها - لتأمين مستقبل الأجيال، وكان فريق الممانعة آنذاك يرى أنه لا داعي لتأسيسه، وأن الاحتياطيات المالية لدى مؤسسة النقد «ساما» تقوم مقامه، رغم الفرق الكبير بينهما، وكانت الشواهد والأمثلة القائمة تظهر نجاعة الصناديق السيادية في تنويع مصادر دخل دول عدة، وساهمت في تجنيب هذه الدول مخاطر تقلبات أسعار النفط الخام، والسبب أن هذه الصناديق تعد أصولا مدرة للدخل، تستثمر أموالها في أصول حقيقية كالشركات، والتقنية أو السلع، مما يخلق عائدا أكبر، واستثمارا طويلا.



ويعتمد نجاح أي صندوق سيادي في العالم على قدرته على اقتناص الفرص الاستثمارية الناجحة، وتحليل المخاطر المحتملة، وكانت الفرص الاستثمارية التي خلفتها الأزمة المالية العالمية في 2008 وما تبعها من ركود في الاقتصاد العالمي وتبعاته المالية على كثير من الشركات العالمية أفضل وقت لاقتناص هذه الفرص، ولا سيما أن كثيرا من الشركات الأوروبية كانت تعاني وقتها من نقص السيولة وتراكم الديون عليها، مما كان سيتيح للصندوق - لو كان قائما آنذاك - الاستحواذ على عدد من الشركات الصناعية التي تمتلك براءات اختراع، وصناعة معرفية وتقنية متميزة، أو في أقل الأحوال المشاركة بنسبة ملكية عالية، وتحقيق عوائد مالية عالية ومجزية لأجيال المستقبل.



لكن هذا لم يحدث، وهو ليس نهاية المطاف، فالعالم لا يزال مليئا بالفرص الاقتصادية الواعدة ذات العوائد المالية الكافية لتعويض ما فات، لذا كان على صندوق الاستثمارات العامة «الصندوق السيادي» أن يكون حراكه الاستثماري متسارعا للحاق بهذه الفرص، وتعويض ما يمكن تعويضه، وتنويع محفظته الاستثمارية وتقليل حجم المخاطر وتوزيعها، والحراك الذي يعيشه الصندوق ونشاهده يؤكد أن الصندوق يسير في الاتجاه الصحيح، وأن الآثار المترتبة على التأخر في إنشائه يمكن تجاوزها في حال استمر حراكه بالوتيرة الحالية نفسها.



فالصندوق - رغم قصر عمره - مر بثلاث محطات مهمة جدا ستسهم في تعزيز دورها الاستثماري ودورها في تنويع مصادر الدخل على المديين المتوسط والطويل، المحطة الأولى: توسيع الصندوق نشاطاته الاستثمارية في مختلف المجالات، ولم يقصر نشاطه على «فئة محددة»، وهذا سيجنبه مخاطر تقلبات الأسواق، فخلال عمره القصير أكمل عددا من صفقات شراء أصول محلية وخارجية في الأشهر القليلة الماضية، منها شراء حصة 5% بقيمة 3.5 مليارات دولار في شركة أوبر الأمريكية للنقل، وشراء حصة 50% من مجموعة «أديبتيو» القابضة، إضافة إلى دراسة المشاركة في الاستثمارات الاقتصادية المحلية والعالمية ذات العوائد المالية على المدى البعيد، على سبيل المثال لا الحصر: استثمار ما يصل إلى 45 مليار دولار مع مجموعة سوفت بنك اليابانية لتأسيس أكبر صندوق تكنولوجيا في العالم، ودراسة لزيادة حصته في شركة «أكوا باور» التي تعمل في تطوير وتشغيل محطات الكهرباء والمياه من 17% إلى نحو 35%.



المرحلة الثانية: أجرى الصندوق خلال الأسابيع الماضية تغييرات وتعيينات قيادية دولية جديدة ذات خبرة طويلة في الاستثمارات العالمية، وتقييم المخاطر، كلها تصب في تعزيز الحراك الاستثماري للصندوق.



المرحلة الثالثة: موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، على تخصيص 100 مليار من الاحتياطيات لصندوق الاستثمارات العامة بهدف تنويع محفظته الاستثمارية، ستسهم بشكل كبير في إسراع تعزيز قدرة الصندوق على اقتناص مزيد من الفرص الاستثمارية ذات العوائد المالية المهمة المحلية والعالمية على المدى البعيد.



[email protected]