عبدالله الجنيد

قمة تمكين البناء

الاثنين - 05 ديسمبر 2016

Mon - 05 Dec 2016

عندما نشرت مقال «التنمية في مواجهة التشليح السياسي» هنا في 12 سبتمبر المنصرم، لم تكن استنتاجاته افتراضية، بل عقلانية أولا. ولن أخفي فرحي حين إعلان صندوق المملكة العربية السعودية السيادي وبنك سوفت الياباني عن تأسيس صندوق «رؤية سوفت بنك»، إلا أن حجم الإقبال الإقليمي والدولي على المساهمة فيه فاق التوقعات فتجاوز 100 مليار دولار. وها هي الصناديق السياسية الخليجية الأخرى، مثل مبادلة الإماراتي وهيئة الاستثمارات القطرية، تعبر عن رغبتها في المشاركة في تأسيسه، بالإضافة لجهات أوروبية وعالمية. هذا الصندوق سيكون بمثابة القاطرة لتواجدنا عالميا في صناعة الاقتصاد المعرفي.



إلا أننا الآن مطالبون بما هو أكثر، وأول ذلك أن تتجاوز دولنا ثقافة تجريب المجرب والإقدام فعلا على تحفيز رؤوس الأموال الوطنية في رفد التنمية بكل خبراتها وبتوطين رؤوس أموالهم، وتنمية البنى التحتية الاستراتيجية مثل النقل بكل أشكاله والمناولة والتخزين، وكذلك في مشاريع المواصلات، كالجسور بين المملكة العربية السعودية والبحرين وقطر، بالإضافة للطرق السريعة. فالاقتصاد هو أهم المحركات السياسية القادر دائما على احتواء السياسة. واليوم كل أبناء الخليج من أقصاه إلى أقصاه يستخدمون جسر الملك فهد الرابط بين الملكة العربية والبحرين، وجميعنا يعلم أن ذلك المشروع قد غطى تكلفة بنائه في فترة زمنية قياسية. فلو تم مثلا تناول تخصيص هيئة جسر الملك فهد خلال قمة المنامة 37، فإن ذلك سيكون يوم عرس خليجي، فإلى متى سنستمر في إنكار أثر سوء التخطيط على التنمية والتسبب في هجرة المزيد من رؤوس الأموال؟ فنحن نتحدث عن سوق بحجم 51 مليون إنسان، وإجمالي ناتج قومي متوقع للعام الحالي قد يصل أو يتجاوز 1.4 تريليون دولار، ونملك أهم مقومات النجاح: اتصال جغرافي مباشر، ثقافة وهوية مشتركة، اقتصادات نامية، استقرار سياسي رغم كل التحديات، نتوسط العالم. وكما قال لي أحد الأصدقاء الإنجليز قديما «حتى بعد أن ينضب نفطكم سنشتري منكم الطاقة المتجددة، لا أعرف سبب تركنا كل ذلك للأمريكان».



اليوم ونحن على أعتاب القمة الخليجية والتي يطمح جميعنا أن تكون قمة إعلان الوحدة الخليجية، أي إرادة واحدة، وأرض واحدة لا حدود فيها للحد من طموحات البحريني في السعودية، أو السعودي في الإمارات، أو الإماراتي في قطر، أو الكويتي في عُمان، وذلك ما يحدث فعلا، إلا أننا نضطر لحمل ست عملات بدل واحدة، وستة جوازات ونحن في الفؤاد واحد. لتكن هذه القمة قمة المواطن الخليجي لا قادته السياسيين بكل ما تحمله السياسة من خبايا. نريد للشباب الخليجي أن ينافس في كل المجالات، وألا يخشى توافق نظام تأمينه الاجتماعي والدولة المضيفة، فمن الواجب توحيدها، ولننظر لسوق خدمات التأمين الصحي، فاليوم هي متفاوتة، لكن في حال اتساع حجم السوق فإن المنافسة ستغير من واقع مستوى الخدمات والرعاية الطبية بالإضافة لأسعار أكثر تنافسية.



والحال كذلك في صناعة التعليم وصناعة المال وأسواقه. فالاقتصاد المحصور في نطاق حدوده الضيقة لن ينمو مهما اجتهدت السياسة. أطلقوا الطموح من ربقة التروي ولتكن قمة البحرين قمتنا، وليكن تمكين المواطنة برنامجها الأوحد، لأنه الضامن الوحيد لهويتنا الخليجية العربية، والمواطنة لا تحتمل تغيب المرأة فتظلم بالنون أكثر.



طبعا لن أتطرق لصناعة الرياضة حتى لا يزعل علينا الشيوخ والأمراء، ولو كانوا يأخذون بالكلام فإن باستطاعتهم إطلاق دوري خليجي «يأكل كل الأندية ذهب»، ويكفيهم شر انتظار المدد من ميزانيات الدول. هذه نصيحة لهم من القلب، لأن برميل النفط ما رح يرجع عند 65 دولارا إلا بعد بعد بعد حين.