فائز صالح جمال

السياحة العلاجية ورؤية 2030

الاحد - 27 نوفمبر 2016

Sun - 27 Nov 2016

لا بد أن أؤكد في مطلع مقالي هذا على أنني لا أدعو أو أقصد من قريب أو من بعيد أن يكون هناك أي تساهل تجاه محاسبة أي مخطئ كائنا من كان أو السماح بأي قصور يتعلق بصحة الناس وسلامة أرواحهم.



وحديثي سيكون حول تضرر القطاع الصحي عموما، والخاص منه على وجه الخصوص، من بعض إجراءات وزارة الصحة ومن الإعلام غير المهني، وآثار ذلك على أفراد المجتمع وعلى الاقتصاد الجزئي متمثلا في القطاع الصحي ومنشآته، والاقتصاد الكلي متمثلا في تنويع مصادر دخله.



فقد تكرر إغلاق وزارة الصحة لعدد من المستشفيات في السنوات الأخيرة بسبب بعض الأخطاء الطبية ولفترات طويلة يتكبد خلالها أصحاب المستشفيات خسائر كبيرة جدا، ويتضرر من الإغلاق آلاف المرضى جراء توقف علاجهم بسبب إغلاق العيادات وغرف العمليات وصعوبة اصطحاب ملفاتهم الطبية التي تحوي تاريخهم الصحي والتشخيصي والعلاجي، ويمتد الضرر ليشمل مئات الأطباء والفنيين والعاملين في المستشفى المغلق.



صحيح أنه لا بد من معاقبة مرتكبي الأخطاء الطبية وكذلك المرافق الصحية المخالفة، ولكن لا بد أن تكون العقوبات على قدر الخطأ والمخالفة، كأن يتم إيقاف مرتكب الخطأ الطبي من ممارسة عمله لفترة محددة لا تتجاوز عدة أيام يتم خلالها التحقيق والتأكد من ارتكاب الخطأ، فإن ثبت خطؤه تم تحديد العقوبة الملائمة لحجم الخطأ، وإن لم يثبت وكان الأمر متعلقا بمضاعفات محتملة للحالة فيُمكّن من الممارسة من جديد دون تأخير تفاديا لتضرره وتضرر مرضاه.

وكذلك بالنسبة للمنشأة الصحية فيتم إغلاق الوحدة أو القسم الذي وقع فيه الخطأ الطبي إن لزم ذلك أيضا لعدة أيام من أجل التحقيق، فإن ثبت وجود خلل أو مخالفة يتم معالجتها وإعادة التشغيل بأسرع وقت لكي لا يتضرر المرضى من الإغلاق.



أما إغلاق المستشفى فور اشتباه وجود خطأ طبي فيعتبر عقوبة جماعية لأصحاب المستشفى ولمرضاه والعاملين فيه قبل التحقق من وقوع ما يستوجب العقوبة.

ولهذا الإجراء من قبل وزارة الصحة - و هي صاحبة قرارات إغلاق المرافق الصحية - تبعات غير مباشرة وآثار ممتدة لا تقتصر على ما ذُكر أعلاه.. منها:

اهتزاز ثقة المرضى في المرفق الصحي وشعورهم المتنامي بالقلق.



اهتزاز ثقة الطبيب في نفسه وامتناعه عن القيام ببعض العمليات أو العلاجات التي لها آثار جانبية ومضاعفات متوقعة خوفا من المساءلة والعقوبات الجماعية المغلظة.



الإحجام عن الاستثمار في المجال الصحي وتراجع أعداد المرافق الصحية وانخفاض معدلاتها مقارنة بالمعدلات المثالية مقابل عدد السكّان.

وهنا أنتقل إلى الهدف الأهم لرؤية 2030 وهو تنويع مصادر الدخل لأقول بأن من المهم الاهتمام بتطوير القطاع الصحي إلى المستوى الذي يجعله قبلة للمرضى من خارج المملكة، وبناء منظومة علاجية متقدمة تضع الأساس لسياحة علاجية ناجحة. فالسياحة العلاجية قد تتفوق على غيرها مثل سياحة المعارض والمؤتمرات وسياحة التدريب والتعليم وسياحة الترفيه من جهة ما تستجلبه من مبالغ للاقتصاد الوطني من الخارج.



ولكننا في ظل ما يشهده القطاع الصحي الخاص من إغلاقات متكررة لكبريات المستشفيات فإننا غير قادرين على جذب المستثمرين للاستثمار في مجال الخدمات الصحية والعلاجية، فبيئة الأعمال في هذا المجال طاردة لما هو قائم وما هو محتمل من استثمارات ومن كفاءات طبية.



وبقي القول بأن إغلاق وزارة الصحة للمستشفيات والإعلام الجاهل بإجراءات وخطوات العلاج ومضاعفاتها وآثارها الجانبية يسهمان في تكوين بيئة طاردة للاستثمار والعمل في المجال الصحي وفي إشاعة القلق والخوف في نفوس المرضى وغير المرضى من أفراد المجتمع.



[email protected]