الأغنياء لا ينتبهون لك أو حتى لمشاكلك

الخميس - 17 نوفمبر 2016

Thu - 17 Nov 2016

ليس هناك أحد يمكنه أن يولي الاهتمام لكل ما يواجهه.

نحن ببساطة ليس لدينا ما يكفي من الوقت أو القدرة العقلية لذلك. معظمنا، على الرغم من ذلك، يبذل الجهد للشعور بأقرانه من البشر.

ويبدو أن الثروة قد تغير ذلك، والذي يبدو أنه يتطابق مع المثل الشعبي الذي يقول "الفلوس تغير النفوس".

هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تبين كيف أن وجود المال يغير الطريقة التي يرى الناس بها الآخرين ومشاكلهم.

ووفقا لتقرير نشر في Quartz فإن آخر ورقة نشرت في مجلة العلوم النفسية Psychological Sciences قد ذكر بها علماء النفس في جامعة نيويورك أن الأثرياء دون وعي منهم لا يهتمون كثيرا بالمارة في الشارع.



في الورقة، وصف الباحثون التجارب التي أجريت لقياس تأثيرات الطبقة الاجتماعية على ما يسمى "أهمية تحفيزية" لغيرهم من البشر.

وبحسب بعض مدارس الفكر النفسي نحن نكون مدفوعين للاهتمام لشيء عندما نقوم بتعيين مزيد من القيمة لذلك، سواء لأنه يهددنا أو لأنه يوفر نوعا من المكافأة.



التجربة نظارات قوقل

كان لدى الفريق البحثي في جامعة نيويورك مجموعة من 61 مشاركا في الدراسة يسيرون على الأقدام في مدينة مانهاتن وهم يرتدون نظارات قوقل.

أما المشاة الذين قيل لهم إنهم كانوا يختبرون التكنولوجيا الحديثة، قاموا لاحقا بملء استطلاعات تطلب منهم تحديد مستوى طبقاتهم الاجتماعية.

ومن خلال تحليل التسجيلات على نظارات قوقل المسجلة وجد الباحثون

أن أولئك الذين صنفوا أنفسهم على أنهم أثرياء، لم ينظروا إلى الأشخاص الآخرين لفترة طويلة، مقارنة بالأشخاص الذي صنفوا أنفسهم على أنهم من طبقات اجتماعية أقل شأنا.



تجربة الصور

هذه المرة، عرضت على الطلاب الذين شاركوا في الدراسة سلسلة من الصور الفوتوجرافية على شاشة الكمبيوتر، ثم طلب منهم الإجابة عن استطلاع يتعلق بتحديد الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها.

مرة أخرى، وجد الباحثون أن الطلاب الأكثر ثراء قضوا وقتا أقل في تفحص صور الأشخاص.



تجربة أخرى

في تجربة منفصلة، اختبر الباحثون في جامعة نيويورك ما إذا كان الفرق في مقدار الوقت الذي استغرقه أحد المشاركين على شخص آخر كان نتيجة لقرار واع، أو رد فعل عفوي.

شملت الدراسة نحو 400 مشارك، وأجريت عبر الانترنت.

خلال الدراسة، عرضت على المشاركين مجموعتان من الصور بالتناوب، وكانت كل مجموعة تتضمن مختلف الأصناف، بما في ذلك وجه واحد وخمسة أشياء (مثل الفاكهة، والأجهزة، أو قطعة من الملابس).

في التجربة تظهر صورة واحد لفترة وجيزة على الشاشة، ومن ثم تليها الصورة الثانية، والتي كانت إما مطابقة أو مماثلة تقريبا لأول صورة.

تظل الصورتان تهتزان وتتبادلان حتى يقوم المشارك بالضغط على الزر، ويذكر أنه يوجد تغير في الصورة، أو الوجه، أو حتى يقرر أنه لا يوجد أي تغيير.

فيما بعد طلب من المشاركين في الدراسة تحديد ما إذا كان هناك تغير في الصور، ووجد الباحثون أن الأشخاص الأقل ثراء كانوا أسرع من أقرانهم، أولئك ممن عرفوا أنفسهم على أنهم ينتمون إلى طبقة الأثرياء، وذلك في ملاحظة تغير الوجوه في الصور.

مما يشير إلى أن أولئك الذين ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية العليا لم يولوا اهتماما كبيرا بالأشخاص العاديين.



التقارير

"من خلال التجارب الميدانية، والمعملية، والدراسات التي أجريت على الانترنت، تشير أبحاثنا إلى أن الأشخاص يكونون أكثر عرضة لجذب انتباه الأفراد من الطبقات الدنيا مقارنة بأفراد الطبقة العليا".

هذا ما ذكرته "بيا دايتز" طالبة دكتوراه في جامعة نيويورك، وأضافت أن الاستجابة تكون واسعة الانتشار، وعفوية.

أوضح التقرير أن دراسات سابقة بحثت بطرق لا تعد ولا تحصى تفاعل الأغنياء بشكل مختلف مع مجتمعهم، والنتائج لم تكن جميلة.



على سبيل المثال، في سلسلة من الدراسات التي نشرت عام 2012، طلب علماء نفس من جامعة كاليفورنيا في بيركلي من طلاب الجامعات مشاهدة اثنين من أشرطة الفيديو، يظهر في واحد منهما رجل يشرح كيفية بناء فناء، والآخر يصور حياة الأطفال المصابين بالسرطان.

ووجد العلماء أن المشاركين ممن ينتمون للطبقات العليا كانوا أقل عرضة للإبلاغ عن شعورهم بالتعاطف مع الأطفال وأسرهم في الفيديو الثاني.

الباحثون حاولوا التحكم في عوامل مثل العرق والمعتقدات الروحية والمساواة بين الجنسين، والتي تؤثر أيضا في الرحمة.

خلال مشاهداتهم للفيديو كان قد طلب من المشاركين ارتداء أجهزة مراقبة القلب، لأن الأبحاث أظهرت أن معدل ضربات القلب لدينا تتباطأ عندما نتعاطف مع أشخاص آخرين، وقد لوحظ هذا التفاعل في المشاركين الأقل ثراء وهم يشاهدون الفيلم الثاني.



وفي دراسة سابقة نشرت في مجلة Psychological Sciences، بقيادة جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، وجد أن الناس الذين ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية والاقتصادية العليا ليسوا بارعين في قراءة مشاعر الآخرين بدقة، مقارنة مع أقرانهم الأقل ثراء.

ما هو أكثر من ذلك، في دراسة عام 2009، اتجه طلاب الجامعات من الوضع الاجتماعي والاقتصادي العالي إلى أنهم يعطون اهتماما أقل لشخص غريب طلب منهم التحدث لبضع دقائق، حتى ولو كان الشريك يساويه في الطبقة الاجتماعية والاقتصادية.

ويعتقد علماء النفس أن الأثرياء يولون اهتماما أقل للجميع، بغض النظر عن الحالة التي قد تؤثر في علاقاتهم مع العائلة والأصدقاء.



وقال التقرير إن أحد أسباب أن الأغنياء قد يكونون أقل عرضة للاهتمام بالآخرين، هو أنهم قادرون على توفير المساعدة لتلبية احتياجاتهم، مثل: رعاية الأطفال، وإصلاح المنزل بدلا من الاعتماد على الجيران، وفقا لما ذكره "داتشر كيلتنر" أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا.

وأوضح عالم النفس "دانيال جولمان" الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز أن أعمال علماء النفس الاجتماعيين تظهر أن الفرق المالي يؤدي إلى اختلاف في

السلوك.



الفقراء هم أكثر اتساقا مع العلاقات الشخصية من الأغنياء، لأنهم يجب أن يكونوا كذلك.

هذا التفاعل بين السلطة والمال والتعاطف يصبح مثيرا للقلق، ولا سيما في الاقتصادات المعاصرة التي تتميز بتزايد عدم المساواة.

يقول "جولمان" وآخرون: إنه لو أن أولئك الذين يكسبون أكثر، وبالتالي يكون لديهم مزيد من القوة لا يرون مجازيا وحرفيا أولئك الذين ينتمون إلى الطبقات الأقل، فإن القضاء على التفاوت المالي يصبح غير محتمل.

كما يشير "جولمان" إلى أن الحد من الفجوة الاقتصادية قد يكون من المستحيل دون معالجة الفجوة في التعاطف.

نسبة مئوية واحدة من العالم قد لا تكون قلقة بشكل رهيب حول فجوات الدخل المجتمعية، ولكن ينبغي أن تهتم لوجود مخزون أكبر من النقد لدى الأفراد.

جزء من البشرية تقلصت قدرته على تجربة الاستفادة من العلاقات الشخصية القوية، والتي قد تكون سر السعادة، وفقا لدراسة لمدة 50 عاما من جامعة هارفارد.

نحن في خطر متزايد من الشعور بالوحدة الضارة بصحة الشخص، ويمكن أن تلعب دورا في أمراض القلب، والاكتئاب، وحتى الوفاة المبكرة.