5 دلائل تنبئ عن انفجار وشيك ببراكين حرة الحجاز

حذر خبير بيئي من انفجارات وشيكة ببراكين حرة الحجاز، مشددا على ضرورة تنبه هيئة السياحة الجيولوجية لهذا الأمر، مرفقا تحذيراته بدلائل واقعية من براكين وحرات أربع منتشرة على طول منطقة الحجاز، ذات أنشطة حديثة

حذر خبير بيئي من انفجارات وشيكة ببراكين حرة الحجاز، مشددا على ضرورة تنبه هيئة السياحة الجيولوجية لهذا الأمر، مرفقا تحذيراته بدلائل واقعية من براكين وحرات أربع منتشرة على طول منطقة الحجاز، ذات أنشطة حديثة

الاحد - 15 فبراير 2015

Sun - 15 Feb 2015

حذر خبير بيئي من انفجارات وشيكة ببراكين حرة الحجاز، مشددا على ضرورة تنبه هيئة السياحة الجيولوجية لهذا الأمر، مرفقا تحذيراته بدلائل واقعية من براكين وحرات أربع منتشرة على طول منطقة الحجاز، ذات أنشطة حديثة.

ووجه أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي عشقي حديثه إلى هيئة المساحة الجيولوجية، محذرا من خطورة حرة العيص بمنطقة المدينة المنورة بقوله "الأمر جدا خطير يا هيئة المساحة الجيولوجية، على ساكني هذه المناطق، وقد يمتد هذا الخطر حتى حدود المدينة المنورة، أما حركة الملاحة الجوية في أجواء المنطقة الغربية فستتأثر سلبا بانفجار هذا البركان، فهل أعددنا العدة لذلك؟".

ودعا إلى ضرورة وعي وإدراك الخصائص التاريخية لبراكين المنطقة، التي ارتبطت بوجود الإنسان منذ فجر التاريخ، مما يؤكد ضرورة استصحاب تاريخ البراكين في المنطقة ودراسته باستفاضة ليتمكن الإنسان من التأقلم مع حقيقة وجودها، مبينا أن براكين الحجاز عاصرت الإنسان الحجازي منذ أن حط رحاله في المنطقة قادما من أفريقيا منذ نحو 60 ألف عام، وهي مستمرة، وستستمر لتعاصر آلاف الأجيال المقبلة، وأن انتشارها لا يقتصر على الحجاز فقط، بل هي تمتد من اليمن جنوبا وحتى بادية الشام شمالا.


خارطة البراكين:
أهم الحرات وأوسعها انتشارا في منطقة الحجاز:
1/ حرة رهط: وهي الأكبر وسط جميع حرات الحجاز، وتمتد على طول طريق الهجرة، وتبلغ مساحتها نحو 20 ألف كيلو متر مربع، أي ضعف مساحة لبنان، وبها نحو 407 فوهات براكين بأنواعها المختلفة، وتمتد حتى سواحل مدينة رابغ.

2/ حرة خيبر: وإذا أضفنا لها حرة اثنين المندمجة معها من جهة الشمال تصل مساحتها نحو 20.
5 ألف كيلومتر مربع، وبها نحو 400 فوهة بركان، بعضها ما زالت تتصاعد منه الأبخرة والغازات الحارة، مما يؤكد على أنها ما زالت نشطة.

3/ حرة كشب: وتقع إلى الشمال الشرقي لمدينة جدة، وتبعد عنها نحو 250 كلم، ومساحتها 6 آلاف كلم مربع تقريبا، وبها أوسع فوهة بركان في جميع حرات الحجاز.

4/ حرة العيص (Lunayyir) : وهي أحدث حرات الحجاز في التاريخ الجيولوجي وأصغرها، وبها نحو 50 فوهة بركان، وكان آخر انفجـار لبعض براكينها منذ نحو ألف عام.


دلائل انفجار براكين حرة العيص في أي لحظة:
1- الهزات الأرضية الصغيرة المتلاحقة والتي يطلق عليها اسم الهزات الأرضية الصامتة أو الهزات الأرضية متناهية الصغر في الشدة micro seismic وما هي في الحقيقة إلا المقدمة الأولى لانفجار البراكين، وهي ناتجة عن تصاعد الصهير (المجما) إلى أعلى صوب القشرة الأرضية، لتتجمع في غرفة أسفل القشرة الأرضية يطلق عليها اسم غرفة الصهير Magma Chamber، والزيادة المطرة للصهير في غرفة المجما تمثل ضغوطا جبارة على القشرة الأرضية، وعندما تصل هذه الضغوط إلى أقصاها يتصاعد الصهير إلى خارج القشرة الأرضية مسببا انفجارا ودويا هائلا، وهزات أرضية متعاقبة، يصل أقصاها إلى نحو 6 درجات على مقياس رختر، وتمثل الهزة القوية في سلسلة هذه الهزات علامة واضحة على أن البركان سينفجر خلال 6 ساعات، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه كلما تأخر انفجار البركان كان الانفجار أكثر عنفا، حيث قوة الانفجار تتناسب طرديا مع مادة المجما (الصهير) المتراكمة في هذه الغرفة.

2- الأصوات التي تصدر من فوهات هذه البراكين، والتي يسمعها بوضـوح سكان مدينة العيص، وهذه الأصوات ما هي إلا أصوات فوران الصهير في غرفة المجما، هذه الأصوات عادة ما تكون مصاحبة للهزات الأرضية الصامتة المذكورة أعلاه، وتقرير هيئة المساحة الجيولوجية عن حدوث موجات من الهزات الأرضية في يناير 2015 ما هو إلا تأكيد عن قرب وقت انفجار بركان حرة العيص.

3- ومن الشواهد، نشوء الخنادق أو الأخاديد (Rift) أو الخسوف التي انشقت في حارة الشاقة والتي بلغ طول أحدها نحو 7 كلم.

4- ارتفاع درجة حرارة الأرض السطحية في حرة الشاقة من الشواهد التي دلت وتدل عن قرب انفجار بركان حرة الشاقة.

5- ارتفاع مستوى سطح الأرض وتكون القباب هي من الشواهد الجيولوجية التي تؤكد على قرب الانفجار.


نشأة الحرات الحديثة:
وأوضح الدكتور علي عشقي أن من السمات الواضحة لمعظم الظواهر الجيولوجية في جميع بقاع العالم أنها تحدث على فترات زمنية متباعدة، تصل إلى مئات الألوف من السنين في بعض الأحيان، ومعظم الظواهر الجيولوجية التي حدثت في العصور الغابرة وعصور ما قبل حضارة الإنسان؛ سجلتها الطبيعة في سجلات زمنية دقيقة بين طبقات الأرض، ومن خلال هذه السجلات الجيولوجية استطاع الإنسان الحديث معرفة تاريخ أرضه منذ بداية نشأتها منذ نحو 3 ملايين عام.

وأشار إلى أن السجلات الجيولوجية أوضحت أيضا بداية تاريخ نشأة البحر الأحمر، التي بدأت في عصر الأوليجوسين Oligocene منذ نحو 30 مليون عام، كما أوضحت هذه السجلات بصورة دقيقة تاريخ نشأة حرات الحجاز الحديثة، التي بدأ تكوينها منذ نحو 10 ملايين سنة، والتي ما زلت أنشطتها مستمرة حتى يومنا هذا.

ومع بزوغ الحضارة الإنسانية استطاع الإنسان منذ نحو 5 آلاف عام تسجيل وتدوين العديد من الظواهر الجيولوجية المختلفة التي عادة ما كانت تشوبها البدع والخرافات، وبراكين الحجاز لم تدون إلا بعد قيام الدولة الإسلامية، أي منذ 1400 عام تقريبا، على أن هناك بعض الدلائل في الشعر والأدب الجاهلي تشير إلى حدوث مثل هذه البراكين قبل الإسلام، والدليل هنا في قول الخنساء في رثاء أخيها صخر:
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار

خسفا الحجاز وأفريقيا
رغم الأبحاث المكثفة حول نشأة وتكوين نظام الصدع الأفريقي الشرقي العظيم The East African Rift System إلا أن هناك اختلافا واضحا بين الباحثين حول نشأة وتكوين هذا النظام الفريد، والذي يعتبر أحد عجائب التكوينات الجيولوجية في العالم، إذ تتجلى أعجوبته في القوى التكتونية في صفيحة أرضية جديدة منبثقة عن صفيحة أرضية أخرى، فنظام الصدع الأفريقي العظيم - خاصة فرعه الشرقي - يعمل على فصل الصفيحة الأفريقية ِAfrican Plate لصفيحتين، هما الصفيحة النوبية والصفيحة الصومالية.

ولفت عشقي إلى أن الصدع الحجازي العظيم لا يقل عن الصدع الأفريقي في أعجوبته وغرابته، بل اعتبر أن الصدع الحجازي ما هو إلا امتداد للصدع الأفريقي العظيم، يمتد من اليمن جنوبا وحتى بادية الشام شمالا، وزاد "أما الاعتقاد بأن نشأة البراكين المتناثرة في حرات الحجاز ذات صلة بتكوين ونشأة البحر الأحمر، أي بالتوسع الذي يشهده البحر الأحمر نتيجة لتباعد الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية، فليس له أي ارتباط بتوسع البحر الأحمر، وبتباعد الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية، فالبحر الأحمر بدأت نشأته في بداية عصر الأليجوسين أي منذ نحو 30 مليون عام، في حين أن بداية نشأة براكين الحجاز كانت في نهاية عصر البليوسين Pliocene أي منذ نحو 10 ملايين عام، أي أن أقدم عمر جيولوجي لهذه الحرات هو أقل من 10 ملايين عام، وأحدثها لا يزيد عمرها عن ألف عام".


غموض براكين الحجاز
وقال إن عالم البراكين الدكتور جون روبول أوضح ذلك، وهو الذي أفنى معظم سنوات حياته في دراسة براكين الحجاز، ويرجع له الفضل في إماطة اللثام عن كثير من الغموض في نشأة تلك البراكين، وأردف "من خلال قراءتي المتأنية والعديدة لمؤلفات هذا العملاق الجيولوجي توصلت لقناعة تامة أنه لا توجد مطلقا صلة بين ميكانيكية توسع البحر الأحمر وتكوين براكين الحجاز، وأنا لا أنكر أن البحر الأحمر يتوسع كل عام بمقدار يتراوح ما بين 2 إلى 3 سم، ولكن اختلافي مع الكثير يكمن في ميكانيكية وكيفية هذا التوسع، الذي هو نسخة أو صورة لما يحدث في منطقة الخسف الأفريقي الشرقي العظيم، حيث يعمل هذا الخسف في تقسيم أو فصل الصفيحة الأفريقية إلى صفيحتين هما الصفيحة النوبية والصفيحة الصومالية".

واعتبر عشقي أن هذا هو نفس الدور أو الميكانيكية التي يقوم بها الخسف الحجازي العظيم، الذي يعمل على فصل الصفيحة العربية إلى صفيحتين هما الصفيحة الحجازية والصفيحة النجدية، اللتين تتباعدان عن بعضهما بعضا، حيث تتجه الصفيحة النجدية في اتجاه الشمال الشرقي للتصادم مع الصفيحة الإيرانية، وأن هذا التصادم هو المسبب لجميع الزلازل التي تحدث في إيران ويصل تأثيرها إلى شرق جزيرة العرب.


أسباب براكين المنطقة
وأوضح الخبير البيئي أن الصفيحة الحجازية تتجه في تباعدها عن الصفيحة النجدية صوب الغرب، للتصادم مع الصفيحة المحيطية للبحر الأحمر، وأن هذا التصادم ينجم عنه انزلاق ٍSubduction الصفيحة المحيطية للبحر الأحمر أسفل الصفيحة الحجازية، وعن وصولها إلى منطقة الغلاف اللدن Asthenosphere في منطقة الوشاح Mantle فتتفاعل هذه الطبقة الصخرية المنزلقة مع صهير الوشاح، وهذا التفاعل الكبير هو المسبب لجميع البراكين في منطقة الحجاز والبحر الأحمر.


العيون الفوارة
أما فيما يتعلق بالبراكين والعيون الفوارة الموجودة على طول محور البحر الأحمر المركزي فهي بالفعل ناجمة عن توسع البحر الأحمر، تماما مثل الهضاب المحيطية Oceanic Ridges الموجود على طول محور المحيط الأطلسي، ومن ذلك نرى أن ميكانيكية تكون براكين وحرات الحجاز شبيه تماما لسيناريو ميكانيكية تكون نظام الخسف الشرقي الأفريقي العظيم، فالخسف الحجازي منذ نشأته منذ 10 ملايين عام، عمل على فصل الصفيحة العربية لصفيحتين، هما الصفيحة النجدية والصفيحة الحجازية، فالصفيحة النجدية تتجه نحو شمال شرق للتصادم مع الصفيحة الإيرانية، لتسبب من وقت لآخر هزات أرضية تكون مروعة في بعض الأحيان في الهضبة الإيرانية، وعادة ما يتأثر بهذه الهزات جميع دول مجلس التعاون الخليجي، في حين أن الصفيحة الحجازية تتجه نحو الغرب للتصادم مع صفيحة البحر الأحمر المحيطية، وحيث إن الصفيحة الحجازية أكثر سماكة وقوة من الصفيحة المحيطية للبحر الأحمر فإن صفيحة البحر الأحمر تنزلق أو تندس Subduct أسفل الصفيحة الحجازية لتصل إلى منطقة الوشاح اللدن Asthenosphere فينجم عن ذلك تفاعلات جبارة ينجم عنها بلايين الأمتار المكعبة من الغازات التي تصعد إلى الأعلى مسببة براكين وحرات الحجاز.


جزيرة الحجاز
وقال "بعد قرءات عديدة ومتأنية، وصلت لاستنتاج لمعظم ما كتب عن الخسف الأفريقي العظيم وبراكين الحجاز، وتأكدت من عدم وجود صلة بين تكوين ونشأة براكين الحجاز ما أوضحه الدكتور جون بول، وهو ما يمكن تلخيصه في التالي:
1/ النقطة الأولى التي يذكرها الدكتور جون في نفي وجود علاقة بين نشأة براكين الحجاز وتوسع البحر الأحمر هو عدم وجود براكين مماثلة على الضفة الأخرى من البحر الأحمر، أي في الصحراء الغربية المصرية مماثلة لما هو موجود في الحجاز.

2/ النقطة الثانية التي يستند عليها الدكتور جون في نفي هذه العلاقة، هو امتداد حرات وبراكين الحجاز شمالا حتى بادية الشام أي خارج حدود البحر الأحمر الشمالية.

3/ النقطة الثالثة، وتتمثل في اتجاه امتداد براكين الحجاز وفوهاتها المخالف لاتجاه امتداد محور البحر الأحمر، فكما هو معروف، فإن الاتجاه الجغرافي للبحر الأحمر هو شمال غرب، في حين اتجاه حرات الحجاز هو شمال، فلو كانت هناك علاقة بين تمدد البحر الأحمر وانتشار وامتداد هذه الحرات لأخذت نفس الاتجاه.

وأشار الدكتور علي عشقي إلى أن الدكتور جون بول يعتقد أن توسع هذا الخسف Rif أي الخسف الحجازي العظيم سيتسبب في تكوين بحر أحمر آخر مواز للبحر الأحمر، واستدرك "قد أختلف معه في ذلك، فأنا أعتقد أن سيناريو الخسف الأفريقي العظيم سيتكرر في الحجاز، فتوسع الخسف الحجازي مع مرور مئات الآلاف من السنين سيتسبب في فصل الحجاز عن جزيرة العرب ليصبح جزيرة في البحر الأحمر".