عبدالله الجنيد

دولة تويتر

الاثنين - 07 نوفمبر 2016

Mon - 07 Nov 2016

الوسم (الهاشتاق) هو أداة توظف بكل الأشكال في فضاء ينتمي إليه 313 مليون إنسان حول العالم، أي إن مواطني تويتر أقل من مواطني الولايات المتحدة بنحو 10 ملايين نسمة. ففي حين تملك الدول جيوشا وعضوية في الأمم المتحدة، فإن شعب تويتر لا يعترف بحدود ويوظف الوسم (#الهاشتاق) بأكثر فاعلية من أي بيان سياسي في بعض الأحيان. ونجد أن أغلب قادة العالم يخاطبون مواطني تويتر بشكل مباشر وبأكثر من لغة الآن. فالوسم يطلق محليا مثل #حنفلسكم من قبل مغردين سعوديين احتجاجا على إحدى شركات الاتصالات في المملكة العربية السعودية، بعد قرار إحدى شركات الاتصالات رفع رسوم خدماتها دون توطئة أو تسبيب. وكذلك هو الحال من وسم آخر من الأردن بعنوان #غاز_العدو_احتلال. كلا الوسمين مثل موقفا من قضية لها حيزها من الرأي العام بشكل مباشر. فالأول كان احتجاجا حين مس ذلك القرار دخل المواطن، أما الآخر فقد عبر عن موقف يراه الأردني غير مقبول سياسيا.



كلاهما دلل على اختلال أو لنسمه «عوارا» في العلاقة التقليدية بين المستهلك (المواطن) والدولة ممثلة بالوزارة جهة الاختصاص والتاجر (أدوات الاقتصاد) والمستهلك، والعوار ليس في التقنين بل في غياب جهة رقابية محايدة تملك بعض الصلاحيات التنفيذية. وهنا نحن نتحدث عن مؤسسة لا جمعية حماية المستهلك في ظل غياب «قانون حماية المستهلك Consumer Proaction Act»، فالقانون والمؤسسة القائمة عليه مسؤوليتهما ضمان تكافؤ عناصر التشريع وآلياته التنفيذية. ففي سلطنة عمان مثلا، ممثل تلك المؤسسة الوطنية يملك سلطة الضبطية القضائية عبر الأجهزة المختصة والإحالة للقضاء. في حين أنها جمعية هنا أو دائرة حكومية هناك ترزح تحت قهر الروتين.



لنأخذ مثالا آخر، في أحد الأيام قررت تأمين سيارتي الخاصة لدى شركة تأمين جديدة، فكان سؤال موظف تلك الشركة «هل لديك موافقة من شركة التأمين الحالية بتأمين سيارتك لدينا». من أعطى تلك الشركة الحق في الوصاية على قرار شخصي من حر مالي، وأين كانت وزارة التجارة حينها ودائرة حماية المستهلك. والحال ينطبق على اعتذار إحدى الشركات المنافسة للشركة المستهدفة بحملة #حنفلسكم عن قبول مشتركين يرغبون بالتحول إليها. هذا ما يسمى بالاحتكار. المستهلك هو المتضرر الأكبر والمسلسل لا ينتهي هنا. فبنوكنا المركزية تمارس ما يشبه «التواطؤ» مع البنوك في استحداثها رسوما ترفع تكلفة الاقتراض الحقيقي (الفوائد) إلى ما يصل إلى 500% لما تمنحه تلك المصارف من فوائد على الودائع. وذلك يحدث ببساطة باحتساب «رسوم» يشرعنها متقاول معها من مؤسسات مصرفية قادت العالم لشفير انهيار كلي قبل سنين قليلة. ذلك الازدراء للمستهلك ممكن لغياب تكافؤ عناصر العلاقة لافتقادها الندية. والأمثلة على ذلك الخلل لا تتوقف هناك. فعندما استدعت عملاقة الالكترونيات سامسونج جهازها الأخير من الأسواق، كم من الوكلاء الخليجيين طبق ذلك الاستدعاء حسب اشتراطات المصنع؟ والحال ينطبق على استدعاء الشركات المصنعة للسيارات لأحد موديلاتها. فإن الأغلبية تتعامل مع سوق الخليج وكأنه ثقب أسود إلا فيما ندر، بل حتى عناء إصدار الوكلاء لبيان توضيحي يعد غير ملزم.



قبل الألفية الجديدة أصدر الاتحاد الأوروبي قانونا يمنع استيراد لعب الأطفال الصينية لاحتواء الطلاء المستخدم على مواد سامة تعرض الأطفال للإصابة بأمراض أو قد تؤدي إلى فشل في وظائف بعض أعضائهم الحيوية مثل الكبد والكلى. أؤكد لكم أن هذه اللعب ما زالت تستورد حتى بعد تحذيرنا من جهات صينية رسمية (جريدة الرياض العدد 15602 بتاريخ 13/03/2011 تحت عنوان: مسؤول صيني، أوقفوا التعامل مع المصانع الصينية الرديئة). المشكلة ليست في التقنين بقدر ما هي «مرة أخرى» نتيجة خلل بنيوي في العلاقة ثلاثية الأبعاد (وزارة، تاجر، مستهلك). فالوزارة في هذه المعادلة تمثل السلطة السيادية، والتاجر يمثل الاقتصاد، والمستهلك هو الحلقة الأضعف (رح يشتري غصبا عنه، إذا مش اليوم بكرة).

المهاتما غاندي قارع الإمبراطورية البريطانية عندما قاد أبناء شعبه لصنع الملح من البحر.



[email protected]