تحور الفيروسات ومقاومة البكتيريا يهددان البشرية

تناقلت وكالات الأنباء أخيرا نبأ نجاح عالم من جامعة ويسكونسين ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية في تخليق سلالة جديدة من فيروس الإنفلونزا، تستطيع أن تقضي تماما على النظام المناعي لجسم الإنسان

تناقلت وكالات الأنباء أخيرا نبأ نجاح عالم من جامعة ويسكونسين ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية في تخليق سلالة جديدة من فيروس الإنفلونزا، تستطيع أن تقضي تماما على النظام المناعي لجسم الإنسان

الجمعة - 08 أغسطس 2014

Fri - 08 Aug 2014



تناقلت وكالات الأنباء أخيرا نبأ نجاح عالم من جامعة ويسكونسين ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية في تخليق سلالة جديدة من فيروس الإنفلونزا، تستطيع أن تقضي تماما على النظام المناعي لجسم الإنسان.

والفيروس الجديد معدل وراثيا من فيروس إنفلونزا الطيور، الذي كان من الممكن أن يقضي على أكثر من 500 ألف إنسان في السنوات الخمس السابقة.

ويقول البروفيسور يوشيهيرو كاواوكا، إن الفيروس يمكنه التلاعب بأجسام المناعة المضادة داخل جسم الإنسان و»تحييد» عملها، بحيث تمتنع عن مهاجمته تماما، مما يمكنه من الفتك بجميع خلايا الجسم للعالم بأسره.

وبخلاف المحاولات الأمريكية المستمرة لاستخدام الفيروسات كأسلحة بيولوجية فتاكة، هناك رحلة طويلة من الصراع بين الإنسان والفيروسات المختلفة، فلكل تحور فيروسي لقاح أو مضاد ينتجه الإنسان، ولكل لقاح تحور فيروسي جديد.

وتتطور الفيروسات وتتحور بسرعة، مما يجعل السيطرة عليها وإنتاج اللقاح المناسب لها أمرا صعبا، فلقاح الإنفلونزا الموسمية لهذا العام قد لا يجدي نفعا للعام المقبل.

والتطور السريع لفيروس نقص المناعة البشرية جعله متقدما بخطوة على جميع العلاجات المحتملة منذ اكتشافه.

وهناك أيضا فيروسات الحيوانات التي طورت قابلية انتقالها من الحيوان إلى الإنسان كإنفلونزا الطيور والخنازير وفيروس كورونا.





كيف تتطور الفيروسات بسرعة



السبب الرئيسي في تحور الفيروسات بشكل أسرع من البعوض أو الثعابين مثلا هو أنها تتضاعف بشكل أسرع من بقية الكائنات.

ويعني ذلك أن كل فرد جديد من الفيروسات لديه فرصة أكبر لأن يتعرض لتحورات جديدة بينما يقوم بنسخ حمضه الريبو النووي عند الانقسام.

وعلى الرغم من أن معظم هذه التحورات والطفرات ليس لها آثار ملحوظة، إلا أنه بين فينة وأخرى قد تساعد إحدى هذه الطفرات الفيروس على النجاة بالسماح له بإصابة البشر وليس الاقتصار على الطيور مثلا، مما يعزز من قدرته على الاستمرار.

ولكن حتى ضمن الفيروسات المختلفة هناك تنوع واسع في معدلات الطفرات وحدوثها.

فعلى سبيل المثال لدى فيروس نقص المناعة البشري الإيدز معدل طفرات سريع جدا، وذلك لأنه ينقسم ويتضاعف بشكل سريع جدا، فجزيء الفيروس الواحد ينتج حوالي 10 ملايين فيروس آخر خلال 24 ساعة.

وأيضا المادة الجينية لفيروس نقص المناعة هي RNA ، أي أنه من المرجح أن يطور طفرات عدة أثناء عملية نسخ المعلومات الجينية والانقسام.

ويعد فيروس MERS وسارس من ضمن الفيروسات سريعة التحور والطفرات، وهذا يختلف من فيروس لآخر، ولكن هناك عددا من الفيروسات المستقرة كفيروس الحصبة، ولذا فحقنة لقاح ضد الفيروس في مرحلة الطفولة تحمي الشخص من الإصابة به لعقود.





دور الإنسان



وعندما يحوم الفيروس حول البشر لمدة من الزمن، يجعل ذلك من جسم الإنسان بيئة له.

ويعني هذا أن كل طفرة عشوائية يقوم بها الفيروس ما هي إلا فرصة أخرى ليتكيف على بيئة جسم الإنسان، وبالتالي فإن الفيروس صاحب الخصال الأكثر تكيفا لديه فرصة أكبر في النجاة والتكاثر.

وهذا يفسر لماذا أصبحت بعض الفيروسات كإنفلونزا الخنازير أكثر خطورة بمرور الزمن وتمكنت من تطوير القدرة على الانتقال من شخص لآخر، ولكن لا يحدث هذا دائما، فالأمر محض صدفة.

وبعض الفيروسات التي راقبها البشر بشكل مقرب لبعض الوقت لم تطور هذه القدرة بعد ويقع فيروس إتش 5 إن 1 (إنفلونزا الطيور) ضمن هذه الفئة.

إن قدرة الفيروسات على التكيف هي أحد الأسباب التي تجعل من السيطرة على تفشي فيروسات ككورونا وإنفلونزا الخنازير أمرا في غاية الأهمية.

فكلما أطالت هذه الفيروسات البقاء حول البشر، زاد ذلك من فرص حدوث تكيفات تمكنها من النجاة وتجعلها أكثر خطورة على البشر.





مقاومة البكتيريا



يقول مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة أنتوني فوسي في تصريحات لموقع فوكس: كلما زاد عدد البشر المصابين بالفيروس ارتفع معه احتمالات حدوث تغيرات على الفيروس ليصبح أكثر تكيفا للانتقال بين البشر.

والبكتيريا تتضاعف بسرعة ولكن ليس بنفس معدل الفيروسات.

وأضاف فوسي: عندما نبدأ باستخدام المضادات الحيوية لقتل البكتيريا من الممكن أن يسرع هذا من عملية التطور.

وتميل البكتيريا لأن تكون أكثر مقاومة متى ما قمت بالتشويش عليها، على عكس ما يحدث في الطبيعة، وذلك لأن البكتيريا لا تنسخ نفسها بنفس سرعة الفيروسات.

وعندما يسيء الأشخاص استخدام المضادات الحيوية يقتل ذلك البكتيريا الضعيفة ويترك الأقوى لتنجو.

وبعد فترة تتكاثر هذه البكتيريا القوية وتتضاعف.

أي بمعنى آخر نحن نجعل البكتيريا تتطور لتصبح مميتة بشكل أكبر من خلال سوء التعامل معها.

ويشكل هذا معضلة حقيقية.

ففي الولايات المتحدة تقتل العدوى الناتجة من مقاومة المضادات الحيوية 23,000 أمريكي سنويا.

ولا يتم إنتاج المضادات البديلة كما كان يحدث في السابق.

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أننا قد نكون نتجه إلى عصر ما قبل المضادات الحيوية من جديد إلا إذ حدث تغيير للأفضل.