فاتن محمد حسين

المرأة.. محور التغيير نحو القدوة الحسنة

الاثنين - 31 أكتوبر 2016

Mon - 31 Oct 2016

أطلق صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة مشروع «القدوة الحسنة» في بادرة غير مستغربة من سموه الكريم فهو رائد التطوير في (بناء الإنسان وتنمية المكان)، والاهتمام بالقدوة الحسنة كأساس في الإصلاح الاجتماعي الشامل، بعد أن سادت للأسف مظاهر اجتماعية تنم عن فوضى قيمية وأخلاقية نتيجة بعدنا عن أخلاقنا الإسلامية؛ مما أفرز مظاهر متنوعة من الفساد وغياب الضمير، والتي أضرت ببنية المجتمع وهياكله المفصلية.



وديننا الإسلامي الحنيف يجعل الأخلاق من أولياته فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق)، وقال: (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)، وهذا الذي يجب أن نركز عليه في مشروع «القدوة الحسنة».



والحقيقة المرة - للأسف - أن مناهجنا تركز على العقيدة، والعبادات، والجنة والنار، وتنسى (الأخلاق والتعاملات الإنسانية). كما أن غياب القدوات الحسنة مع الانفتاح العالمي والإعلام الهابط والتقليد الأعمى للبرامج (الممسوخة المنسوخة) من قنوات غربية يهودية مثل: أراب أيدول Arab Idol، وذا فويس..The Voice وغيرهما ساهم في تمجيد هؤلاء فأصبحوا القدوة لأبنائنا وبناتنا في اللباس والمظهر والمسلك.



وسأركز في حديثي عن دور المرأة المسلمة كقدوة في التغيير الاجتماعي من خلال برنامج سموه الكريم (القدوة الحسنة)، حيث اهتم الإسلام بالمرأة وشرع لها من الحقوق والحصانة الاجتماعية ما لم تحظ به المرأة في كل المجتمعات الإنسانية على مر التاريخ. وهي التي أنجبت علماء الإسلام الذين تدرس كتبهم حتى الآن في الجامعات الأوروبية والأمريكية. وهي التي تربى على يديها أبطال التاريخ الإسلامي الذين أوصلوا الحضارة الإسلامية إلى أركان الكرة الأرضية جمعاء.



فأين نحن من هؤلاء النسوة!؟ ولماذا تتغافل مناهجنا الدراسية عن ذكر سير النساء الخالدات في التاريخ؟ فالسيدة خديجة كانت الحضن الدافئ للرسول الكريم فاحتضنت الدعوة الإسلامية كلها، والسيدة عائشة تخرج على يدها مائة من رواة الحديث، بل حتى في القرآن الكريم ترد أسماء النساء العظيمات لجعلهن القدوات للأمة لعظم ما قدمن للحضارة الإنسانية مثل امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، فأين فتياتنا اليوم من هؤلاء النسوة!



أجزم أن (المرأة القدوة) (الأم) هي الأساس لكل حضارة، ورحم الله شوقي الذي نسيت مقولته:



(الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق)، فأين نحن من هذه المقولة اليوم، والأم نفسها وللأسف قدواتها ممثلات الأفلام، والمسلسلات التركية وآخر صيحات الموضة وعمليات نفخ البراطم.. وغيرها.. والله كم أتألم وأنا أشاهد فتيات في عمر الزهور يضعن كل مساحيق الزينة والرموش الصناعية والعدسات الملونة.. ويخرجن للأسواق والأماكن العامة بحجاب الزينة..! حتما هن يقلدن القدوات الخاصة بهن!! ولكن أين الرجل من هذا كله؟ لقد انعدمت مظاهر الغيرة والرجولة، وأصبح (الديوث) هو سمة الكثيرين من أنصاف الرجال، والذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة قد حرم الله تبارك وتعالى عليهن الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث - الذي يقر في أهله الخبث)!



لا ننكر أن مجتمعنا - بحمد الله تعالى - أصبح ذاخرا بقدوات العلم والمعرفة وحققت النساء أعلى المراكز العالمية في العلوم وليس آخرهن غادة المطيري العالمة السعودية التي استطاعت استخدام الضوء بدلا من المبضع، ومشاعل الشميمري مهندسة الصواريخ لاكتشاف الفضاء.



فهؤلاء قدوات ولكن العلم لا يمنع أن تظهر المرأة السعودية بحجابها الذي يمثل حضارتها وثقافتها الإسلامية التي يفترض أن تفتخر بها.



كما أننا لا نريد القدوات المتشددات اللواتي أخرجن لنا (دواعش) صوبوا سهامهم إلى صدر وقلب الأمة..! ولكن نريد القدوات الوسطيات المعتدلات اللواتي يحافظن على الثوابت الدينية مع مواكبة المتغيرات العصرية.



كم نحن بحاجة إلى تأكيد القدوات التربوية وتصحيح مسار الأسرة والمناهج الدراسية لأننا على أبواب مرحلة مفصلية في تاريخنا وفي تحقيق رؤيتنا الجديدة 2030 التي تتطلب عناصر بشرية فاعلة في القيم والأخلاق لمحاربة كل أشكال الفساد، والعودة للدين القويم الذي نقود التطوير من خلاله.



وحقيقة كان لموقف صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل – حفظه الله الحازم - في معرض أكسس للسيارات الذي امتهن كرامة المرأة للترويج لبضاعة كاسدة أثر في الضبط الإداري الأخلاقي من (المسؤول القدوة)، فإذا سلمنا أن المرأة هي نصف المجتمع وتلد وتربي النصف الآخر لأدركنا حجم دور المرأة (القدوة الحسنة) لتكون محور التغيير في المجتمع.