3 قصص إصرار لإلهام السعوديين الباحثين عن عمل

 

 

الاحد - 28 ديسمبر 2014

Sun - 28 Dec 2014



12 متأهلا وصلوا إلى المرحلة النهائية من تصفيات جائزة الإصرار لعام 2014، إحدى مبادرات صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، التي تهدف إلى الاحتفال بعزيمة وإصرار الشباب والشابات الذين اجتهدوا في البحث والعمل والتجربة، وتحلّوا بالإيمان الدائم حتى حصلوا على مرادهم ووصلوا لأهدافهم في مجالات العمل المختلفة.

وتنشر «مكة» قصص المتأهلين، فيما يؤكد القائمون على الجائزة على عملهم لاجتذاب قصص إصرار وعزيمة ملهمة وواقعية خاضها شباب الوطن السعودي، لتقديمها بأسلوب شيق لإلهام الآخرين من الشباب بواقعية وجود فرص وتشجيعهم على تجربة الفرص المتاحة وإن كانت لا تبدو في بداية الأمر مناسبة لهم.



1 -سامية‪ ‬الفضلي: مسؤولية أسرتي ودعم والدتي دفعاني لأكون رائدة‪ ‬أعمال‬



حين تجبرنا الظروف على تحمل مسؤوليات قد تكون أكبر منا أو غير واردة في حساباتنا نكتشف في دواخلنا حجم عزيمتنا وإصرارنا على القيام بمسؤولياتنا، وكثير منا يستطيع تخطي الألم إذا ما تمسك بالأمل وخطط لغد أجمل، ليس فقط شبابنا من استطاع تخطي الصعاب، بل حتى بنات الوطن خضن تجارب مؤلمة وأثبتن قدرتهن على مواجهة مصاعب الحياة، فها هي سامية الفضلي الفتاة السعودية التي نشأت‪ ‬في‪ ‬مدينة‪ ‬الجبيل‪ ‬ودرست‪ ‬فيها‪ ‬قد حملت‪ ‬مسؤولية‪ ‬أفراد‪ ‬أسرتها في‪ ‬سن‪ ‬مبكرة، واستطاعت أن تثبت أن الفتاة السعودية قادرة على تحمل مسؤوليات أكبر من الإطار الذي طالما عاشت فيه.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

تسرد سامية تفاصيل قصة الإصرار في تخطي الصعاب فتقول:‪ ‬في‪ ‬عمر‪ 19 ‬سنة‪ ‬تحملت‪ ‬مسؤولية‪ ‬أطفالي‪ ‬وإخواني فعملت في‪ ‬أحد‪ ‬المصارف‪ ‬السعودية‪ ‬وواجهت‪ ‬أشد‪ ‬أنواع‪ ‬الضغط‪ ‬في مجال‪ ‬العمل‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬، لكن الحمد‪ ‬لله‪ ‬تمكنت من‪ ‬إثبات‪ ‬نفسي‪ ‬وحققت تميزا في أدائي أهلني للوصول إلى‪ ‬منصب عال‪ ‬في‪ ‬البنك،‬‬‬‬‬‬‬‬ واستطعت‪ ‬بعد‪ ‬توفيق‪ ‬من‪ ‬الله‪ ‬أن أنشئ شركتي‪ ‬المتخصصة‪ ‬في‪ ‬مجال‪ ‬التسويق بطريقة‪ ‬مبتكرة مع‪ ‬مجموعة من‪ ‬بنات‪ ‬بلدي‪ ‬الحبيب،‪ ‬وكان‪ ‬الداعم‪ ‬والمحفز الأول‪ ‬في‪ ‬استمراري والدتي، حفظها الله.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

وتضيف: بدأت‪ ‬تأسيس‪ ‬شركتي‪ ‬الخاصة‪ ‬بتحفيز منها‪ ،‬وانطلقت في‪ ‬مجال‪ ‬التسويق وإدارة الأعمال،‪ ‬فقد كنت‪ ‬أسوق لقاء‪ ‬نسبة‪ ‬معينة لكل‪ ‬منتج‪ ‬يتم التعاقد‪ ‬عليه،‪ ‬واستطعت‪ ‬تكوين‪ ‬فريق‪ ‬عمل‪ ‬من‪ ‬الفتيات‪ ‬والشباب‪ ‬الداعمين لعملي، وشاركنا‪ ‬في‪ ‬أكثر‪ ‬من‪ ‬معرض‪ ‬متخصص‪ ‬في‪ ‬المنتجات، وحظينا بكثير من التقدير‪ ‬والثناء‪ ‬مقابل الإتقان الذي حرصنا على تقديمه‪ ‬في العمل،‪ ‬واستطعنا رغم‪ ‬الصعوبات‪ ‬التي‪ ‬واجهتنا‪ ‬مع‪ ‬أغلب الشركات‪ ‬ورواد‪ ‬الأعمال الذين قابلوا أفكارنا بالإحباط وحاولوا إضعاف‪ ‬فريق‪ ‬العمل‪ ‬أن ننجح، متحدين المصاعب. ولحرصي على استمرار هذا النجاح رفضت رفضا‪ ‬تاما‪ ‬دخول أي‪ ‬شريك‪ ‬معي‪ ‬في‪ ‬شركتي‪ ‬كي أحافظ على الفريق الذي ساندني وساهم في تحقيق التميز في عملي.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



2 - عبد الرحمن الهتلان: رجل الجودة ومكافح الفساد



تعد قصة عبدالرحمن من القصص التي كانت نقطة التحول فيها عائقا صعبا ومؤثرا، واستطاع بإصراره أن يحولها إلى دافع إلى النجاح وتحقيق أحلامه، فالشاب الذي كان أحد منسوبي القطاع العسكري في الدولة، تسبب حادث مؤلم في تعرضه لشلل عام في ثلاثة أرباع جسده أصبح معه رفيقا للكرسي المتحرك، وهي اللحظة التي شعر فيها عبدالرحمن بأنه أصبح عالة على أهله ومجتمعه بعد أن كان عزوتهم ومن يقوم على العناية بهم، وهو الإحساس الذي ولد لديه قوة كبيرة ورغبة في السعي لتحقيق حلم قديم حرمته منه ظروف الحياة التي حددت مساره قبل الحادث.

أولى الخطوات كانت صعبة جدا في ظل الواقع الذي فرضته الإعاقة، إلا أن عبدالرحمن كان يرى أصعب ما في هذه الحياة هو نظرات الشفقة والرحمة على وضعه والتي كان لا يحبها أبدا. الخطوة الأولى التي قرر السير فيها هي عملية التأهيل بعد الإصابة، وهو ما تطلب منه الانتقال إلى مدينة الرياض، وحصل على التأهيل في مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية وتلقى التأهيل اللازم على نفقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز.

بعد انتهاء التأهيل كان يواجه عائق المواصلات، ولا ينسى موقف والده الذي دفع مبلغ عشرين ألف ريال دفعة أولى في سيارة كان يقودها عبدالرحمن باستخدام العصي في مجازفة خطيرة منه، وجهز خلال هذه الفترة سيرته الذاتية وعرضها على الشركات وحضور معارض التوظيف التي كان هدف الشركات من تعيين ذوي الاحتياجات الخاصة فيها هو تحقيق نسب السعودة المطلوبة منها وتعيين ذوي الاحتياجات الخاصة كموظفي سنترال فقط، بغض النظر عن مؤهلاتهم.

ورغم هذه النظرة القاصرة والوضع المحبط لم يقطع عبدالرحمن الأمل حتى قابل أحد ممثلي الشركات والذي طلب منه مقابلة مدير عام الشركة للعمل في مجال صيانة الأجهزة المنزلية والمكيفات، وكان محور الحديث المحدد مع المدير العام حول استلام منصب منسق صيانة، ولكن بعد الاجتماع مع المدير خرج من عنده وقد تعين في منصب مدير الصيانة مقابل مبلغ راتب زهيد لم يتجاوز أربعة آلاف ريال، وافق عليه بعد أن وافقت الشركة على شرطه بأن تترك له حرية مواصلة دراسته، واستمر في العمل في الشركة التي كان الدوام يبدأ فيها منذ الساعة الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء مع إجازة يوم واحد في الأسبوع، وموقع العمل البعيد جدا عن منزله.

وبعد فترة تم قبوله للعمل مديرا إداريا في مركز ميادين للتطوير، واستغل عمله في المركز لتطوير نفسه، وحضر عددا من الدورات وحصل على شهادات مدرب دولي معتمد من عدد من الجهات، منها مركز التعليم السريع في الولايات المتحدة الأمريكية.

الخطوة الأكثر جرأة في حياته عندما أصر على الابتعاث إلى الخارج لمواصلة الدراسة، وبالفعل حصل على فرصة لمقابلة وزير التعليم العالي، وعرض عليه كل شهاداته ورغبته الجادة في مواصلة تعليمه وبالفعل وافق. وقام عبدالرحمن من جانبه بإتمام كل إجراءات الابتعاث دون علم أحد، وبعد ذلك أبلغ الجميع وتجاوز محاولاتهم لإقناعه بعدم السفر، ولم يجد العون والدعم إلا من زوجته فقط، وبالفعل توجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا مدينة مارتن، وهي مدينة جامعية لا توجد بها إلا وسيلة النقل العام.. تعرض لصعوبة كبيرة في التنقل، فعلى سبيل المثال كان المجمع التجاري يبعد عن المنزل 5 كيلومترات، وكان يضع كرتون الماء على فخذه وابنته فوقه لأن الزوجة لم تكن تستطيع حمله، وحصل على العون والمساعدة من قبل بعض الأصدقاء السعوديين الذين تعرف عليهم.

استطاع توفير المبلغ المالي اللازم لشراء سيارة، وحصل على رخصة القيادة المطلوبة وانتقل إلى مدينة أفضل من ناحية المعيشة، وبفضل الله أتم دراسته في مدة عامين وثلاثة أشهر وحصل على درجة الماجستير بمعدل 3,89 من 4 في إدارة العمليات والمشاريع، ودبلوم عال في إدارة التموين، وشهادة في six sigma ، وكذلك عدة شهادات متنوعة، ودورات تدريبية البعض منها في جامعة هارفارد.

حمل بيرق الخريجين في حفل التخرج الذي أقيم في واشنطن، وأثناء معرض يوم المهنة في واشنطن أجرى عددا من المقابلات الشخصية، وتم اختياره من أكثر من جهة. يقول: ولكنني اخترت شركة السلام للطائرات وعملت فيها ما يقارب الأشهر الستة، ثم انتقلت للعمل في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.. وما زال يعمل فيها باحث جودة في إدارة التطوير والتخطيط، وهدفه القادم بإذن الله نيل درجة الدكتوراه والوصول إلى أعلى المناصب في الدولة.



3 - سعيد الشهري: نقطة الانطلاق بدأت من "تحت الصفر"



يقول سعيد: توفي والدي وأنا في الخامسة من عمري، ويكبرني أخوان وأُختان، وبعد تخرجي من الثانوية العامة لم يكن أمامي خيار سوى البحث عن وظيفة.

ويضيف: باشرت العمل وأنا في التاسعة عشرة من عمري في شركة رضوى للإنتاج الغذائي عامل تنسيق رفوف براتب 1600 ريال من عام 2004 إلى 2010 م، وبعدها انتسبت في جامعة الملك عبدالعزيز قسم إدارة واقتصاد مسار إدارة عامة، وتعرضت للسخرية خاصة من زملاء الدراسة، وكنت أتجاهل تعليقاتهم السلبية، ولم أعرها أي اهتمام، وركزت طاقتي وجهودي بين دراستي وعملي ومنزلي، حيث إنني تزوجت ـ ولله الحمد ـ ولدي طفل يبلغ من العمر تسعة أشهر، وتنقلت حسب عروض العمل التي تتناسب مع ظروفي حتى أتمكن من زيادة دخلي.

كان سعيد يبدأ عمله قبل صلاة الفجر في الأسواق الكبرى في جدة بعد أن تصل كراتين الدجاج عن طريق سائق الشركة، ويتجه سريعا إلى تنظيف ثلاجة السوبر ماركت ثم ترتيب الدجاج في أرفف الثلاجة حسب الحجم والنوع متحملا درجات برودة تبدأ بـ1 تحت الصفر ثم يتنقل بين المحلات المخصصة له حتى الساعة 3 عصرا. وفي وقت استراحته التي تمتد إلى ساعتين كان يستغل الدقائق في التسويق وطباعة الإعلانات الصحفية لصحيفة إعلانية يتعامل معها.

ولكي يتمكن من مواصلة حلم سعى إليه طويلا عمل لمدة 6 أعوام في المتاجر بدوام مسائي، ثلاثة أيام في الأسبوع، كان خلالها يطبخ ويوزع عينات على زبائن المتجر، إضافة إلى التسويق لمنتجات الشركة من المجمدات.

ويمضي في سرد حكايته قائلا: بعدها اشتغلت في عمل إضافي لثلاثة أشهر في لومار للثياب الرجالية، كنت أخرج من منزلي عند صلاة الفجر وأعود الساعة الواحدة ليلا بعد أن أغلق حسابات المعرض بصحبة مدير الفرع.

لاحقا عن طريق معرض توطين للتوظيف وجد سعيد فرصة عمل كمندوب مبيعات في شركة باسمح التجارية براتب 4600 ريال، فعمل فيها من 2010 إلى 2012 وتمكن وقتها من إثبات ذاته وتميزه وفاز بجائزة أفضل مندوب عن قسم التموين الغذائي.

ويواصل حكايته: بعدها وعن طريق معرض توطين أيضا انتقلت لشركة ثلاجات عبدالله أبار وأولاده بوظيفة مسؤول مبيعات براتب 7000 ريال لمدة عام، ثم انتقلت لشركة إسناد المحدودة في وظيفة مشرف مبيعات إقليمي براتب بالإضافة إلى عمولات تصل إلى 12 ألف ريال شهريا ولله الحمد أنا مستمر حتى الآن في عملي، وقريبا سألتحق بدورة لغة إنجليزية للرفع من إمكاناتي اللغوية..»نعم، هذا أنا سعيد الشهري من محافظة جدة كتبت لكم قصة إنسان كافح وبدأ حياته براتب 1600ريال شهريا.. قصة شاب ناضل وصبر وسعى وتوكل على الله في جميع أموره، ولم يلتفت لسارقي الطاقة ولا لأصحاب الرسائل السلبية.. إنسان ما زال يطمح في أن يصبح أجره اليومي 1600 ريال وأكثر وبالإصرار والعزيمة والثقة ستتحقق كل أحلامه بإذن الله».