"الباش عاقل"!

كنت مغرما بشخصيات قديمة ـ ربما لم يكن أحد يلقي لها بالًا.. هم من بسطاء الناس..أحدهم أعاده إلى ذاكرتي، رجل أشعث يقفز بين أرتال السيارات برشاقة، يتطوّع لتنظيم حركة السير، مثلما كان يفعل العم إدريس بطربوشه الأحمر و»باسطونه الباشوي».. غير أن السيارات لا تمرُّ بالحارات في تلك الأيام إلاّ في النهار، وكان معظمها بلا أنوار، أو بعين واحدة في أفضل الأحوال..

كنت مغرما بشخصيات قديمة ـ ربما لم يكن أحد يلقي لها بالًا.. هم من بسطاء الناس..أحدهم أعاده إلى ذاكرتي، رجل أشعث يقفز بين أرتال السيارات برشاقة، يتطوّع لتنظيم حركة السير، مثلما كان يفعل العم إدريس بطربوشه الأحمر و»باسطونه الباشوي».. غير أن السيارات لا تمرُّ بالحارات في تلك الأيام إلاّ في النهار، وكان معظمها بلا أنوار، أو بعين واحدة في أفضل الأحوال..

الاثنين - 30 يونيو 2014

Mon - 30 Jun 2014



كنت مغرما بشخصيات قديمة ـ ربما لم يكن أحد يلقي لها بالًا.. هم من بسطاء الناس..أحدهم أعاده إلى ذاكرتي، رجل أشعث يقفز بين أرتال السيارات برشاقة، يتطوّع لتنظيم حركة السير، مثلما كان يفعل العم إدريس بطربوشه الأحمر و»باسطونه الباشوي».. غير أن السيارات لا تمرُّ بالحارات في تلك الأيام إلاّ في النهار، وكان معظمها بلا أنوار، أو بعين واحدة في أفضل الأحوال..

لكن صوت محركاتها ينبئ عن قدومها قبل أن تصل بزمن.. كانت تطلق «بواريها» الصاخبة قبل ذلك، كما تفعل «البواخر» في عرض البحر، فيهرع إليها الأولاد يتأملونها وكأنها مركبة فضاء جاءت من زحل!

كان مميزاً ببذلته الإمبراطورية ذات الألوان ـ الكرنفالية ـ المثبتة على صدريتها الصوفية حبَّات من «الخرز» وبعض أغطية المياه الغازية، التي أعاد صقلها حتى غدت لامعة، تلفت الأنظار وتخطف الأبصار، وتليق به كفارس ينتمي إلى بعض أسلافه الذين أبلوا بلاءً حسناً في مواجهة الحملات الاستعمارية والأطماع التوسعية!

هو شديد الاعتزاز بجدّه الحادي والعشرين الذي خرَّ صريعاً تحت سنابك خيول «الشطار»، الذين حفل بهم تاريخ القرون الوسطى..والحق أن جَدّه لم يخض حرباً وإنّما كان يبيع «السويق» وقت الغارة..ولم يسعفه الوقت للهرب مع من هرب، فمُنح نوط الشجاعة.

كان أعقل المجانين، فإن كانت هناك صلة تربطه بهم فهي هذه الملابس التي يرتديها في النهار، يقف في مواجهة البحر.. يتكئ على (الباسطون) بيد، ويظلل عينيه من الشمس باليد الأخرى..

ينظر إلى الأفق البعيد.. ينتظر خيولاً (برمائية) تأتي بفرسانها من عرض البحر..!