المنصور لن يطلب المداخلة الأخيرة

الثلاثاء - 04 أكتوبر 2016

Tue - 04 Oct 2016

وجوم سيخيم على أجواء الفعالية المقبلة في النادي الأدبي بالرياض لأن صالح المنصور لن يكون موجودا في مكانه المعتاد في الصف الأخير، ولن يطلب المداخلة الأخيرة بإلحاح ليتحدث كالعادة عن قضايا المهمشين، والفقراء، والأراضي البور، فقد شيعت جموع من المصلين المنصور إلى مثواه، بعد أداء صلاة الميت عليه بعد عصر أمس في جامع الملك خالد بأم الحمام في الرياض.









انتهت حياة المنصور بحادثة دهس، تحمل مفارقة رفضه الطويل لامتلاك سيارة، وسيره كيلومترات طويلة على أقدامه للوصول إلى النادي الأدبي، هذا الارتباط الموضوعي بدا مشابها لنهاية حدث عاصف لشخصية رئيسة في رواية ماركيز، غادر المنصور لتنهي قصة موته المعلن قرابة 70 عاما من العزلة التي عاشها شخص يحضر في كل مكان ويعرفه الجميع.

في كل مرة يداخل فيها المنصور النادي، كان يردد (حببت الناس والأجناس والدنيا التي يسمو على لذاتها الحب للناس) وكان الأمر سابقا يستغرق وقتا أكبر، إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأ يبدي نوعا من الالتزام.

الشيوعي الأخير مثل حالة درامية بمختلف تفاصيله الشكلية والنفسية، سواء بالكرافتة الحمراء، أو بالكيس الشهير الذي يحمل شعار أدبي الرياض والمليء بالقصاصات والكتب المنسوخة، غادر المشهد الثقافي، كما تغادر شخصيات الرواية، بطريقة ليست مستبعدة على قارئ.

اعتاد المنصور أن يبقى بعد نهاية الفعالية حتى يكون آخر المغادرين، هو الشخص الذي يتحدث مع الكل عن أي شيء وفي أي وقت، صاحب البطاقة الشخصية التي يعرف فيها نفسه كمفكر وأديب، وكمؤسس لمكتبة الحرية مع عبارة (قيد التأسيس)، وكوسيط خيري في الزواج مع عبارة (الأعزب أولا).

كان الشخص الذي يستحيل إغضابه، الذي لا يجد مشكلة في تشغيل مقطع لفيروز من هاتفه في أثناء محاضرة أدبية.

لم يكن راضيا حينما كتبت ونشرت رواية (الشيوعي الأخير) لإبراهيم الوافي، وقال حينها إنه سيعمل على الرد عليها بكتابة سيرته بنفسه، لكنه سرعان ما تصالح مع الوضع وبدأ في التسويق للرواية ذاتها عبر توزيع قصاصات صحفية تتحدث عنها، وكأنما اكتفى بها سيرة له.

يؤمن بتوجهه اليساري مكتفيا برمزيات التعبير عنه دون الخوض فيه أو الترويج له، لم يكن ضد أحد، كان يعلق على الاحتساب بقوله (المتدين الحقيقي شخص يجتهد في البحث عن الحقيقة ويحبها).