«جاستا» من لعبة السياسيين إلى أروقة المحاكم: ماذا بعد؟

الاثنين - 03 أكتوبر 2016

Mon - 03 Oct 2016

كنا نكتب هنا في « مكة » طيلة الأشهر الأربعة الماضية عما أسماه الكونجرس الأمريكي بمختصره « قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب » أما اليوم فبعد أن أصبح هذا ،JASTA الإنجليزي القانون حديث الشارع السعودي مشتهرا باسم فلا بد أن يكون « قانون جاستا » أو « جاستا » العنوان بما تعارف بين الناس.

على أن كل ما حدث كان متوقعا حيث استخدم اللاعبون السياسيون في المشهد الأمريكي أقوى كروت اللعبة وهي المشاعر من أجل صوت الناخب، والانتخابات على الأبواب.

نعم انفضح ذالك جليا في خطاب السيناتور النيويوركي تشاك شومر عندما مر القانون ونسي أن ،« إنه القانون الأقرب إلى قلبي » : قائلا يقول إلى جيبي كذلك، فمقعد الكونجرس هو

مصدر ثراء لا يتوقف.

لكن أهم الأسئلة اليوم هل نتحسر أم نعمل؟ ما السيناريوهات المتوقعة: قانونيا، إعلاميا، سياسيا وفي حقل سن الأنظمة وصناعة السياسات.



في الحلقة الأولى من هذا المقال سيركز الحديث على الجانبين القانوني والإعلامي.

قانونيا: اختلط الحابل بالنابل على المتلقي السعودي خلال الأيام الثلاثة الماضية خصوصا مع كثرة التحليلات من المتخصصين وغيرهم في وسائل التواصل الاجتماعي وكانت أبرز

الأسئلة كالتالي:

* بما أن ال 28 صفحة برأت المملكة من أحداث 11 سبتمبر، لماذا القلق؟

* لماذا لم يذكر اسم السعودية صراحة في نص القانون؟

* لماذا لم يقتنع أهالي الضحايا بتصريحات وإثباتات البيت الأبيض؟

* هل القانون مجرد ورقة ضغط أم إنه سيطبق فعليا؟

* ماذا عن القضايا السابقة التي كسبتها السعودية في المحاكم الأمريكية؟

* هل هناك سابقة لقانون مشابه وكيف كانت تبعاته؟

* أخيرا، ما الذي يمكن عمله؟



يعتمد أهالي الضحايا على الفكرة القانونية أن الكلمة الأخيرة للقضاء، كذلك يكرر أعضاء الكونجرس المتبنون للقانون والقانونيون على مسامع أهالي الضحايا أن للسياسيين في البيت الأبيض مصالح دولية، ولكم أنتم أحباب فقدتموهم ويجب تعويضكم، لذلك لم يقتنع الأهالي بما ورد في ال 28 صفحة، وكذلك التصريحات الرسمية من البيت الأبيض.

من أهم عناصر فلسفة التشريع عمومية المخاطب بحيث لا يمكن ذكر اسم: رجل، دولة، منظمة أو شركة بعينها، وإلا يطعن في دستوريته لذلك لم تذكر اسم المملكة صراحة.

ولكن هل هو مفصل لنلبسه بدهاء قانوني وسياسي؟ نعم. من أول يوم بدأت مداولات القانون تحرك الجيش الإعلامي لأعضاء الكونجرس بربط اسم المملكة مع كل خبر، تقرير أو مقال بشكل يومي واضح.

من ناحية أن يكون ورقة ضغط أو قابلا للتنفيذ فإن الاثنين معا يجتمعان، إذ إن أول تحرك اتخذ مباشرة بعد 48 ساعة من صدور القرار، رفعت زوجة أحد الضحايا وتدعى ستفنيا روز ديسمونا أولى القضايا متهمة المملكة مباشرة، لذلك أي تحليلات بأن القانون يحتاج وقتا ليترجم قضايا فعليا داخل المحاكم غير صحيحة.

المشكلة التي تبرز أيضا قانونيا، أنه في حال ارتفعت أصوات عقلانية إما بإيقاف القانون أو تعديله فإن الإجراء القانوني يؤكد أن أي قضية منظورة في المحكمة قد استندت على القانون

في بداية صدروه فإنها تستكمل لأنها استندت عليه، هذا من ناحية إجرائية، أما من الجانب الآخر فإن عودة القانون إلى الكونجرس يحتاج لأشهر كي يتداول ويعدل، وبذلك تكون القضايا

المرفوعة قطعت شوطا في المحاكم وربما بت فيها.

يذهب بعض المحللين إلى أن المملكة سبق وأن كسبت جميع القضايا المرفوعة سابقا ضدها في ملف 11 من سبتمبر، ويرى البعض أنه انطلاقا من ذلك فإن الأمر محسوم بكسب أي

دعوى. لذا يجب التوضيح بأن جميع الدعوى السابقة كسبت إجرائيا وليس موضوعيا أي أن القضاء لم يبت فيها موضوعيا وينظر للأدلة ويستمع للشهود ويترافع المحامون ثم لاحقا

ينطق بحكم البراءة أو عدمها، بل أسقطت في بدايتها استنادا لبند حصانة الدول من المحكمة في القانون القديم الذي عدل وأصبح هناك ما يعرف بـ« جاستا ».



ما شجع أهالي الضحايا على المضي قدما في الضغط على الكونجرس، هي الحادثة السابقة التي حاكم أهالي ،FASIA والمعروفة بقانون ضحايا الجنود الأمريكيين الذين قتلهم النظام

، الإيراني إبان الحرب الأهلية في لبنان 1983 وضحايا تفجيرات الخبر 1996 ، كذلك تطمينات السياسيين والقانونيين بأن هناك أدلة، يجمع الخبراء بأنها كاذبة ولا تتعدى أن تكون وقودا

لتحريك الماكينة الانتخابية.

بدعم من الكونجرس الذي عدل في القانون القديم عام 2012 مقدما استثناءات سمحت لأهالي الجنود الأمريكيين برفع القضايا على أصول البنك المركزي الإيراني في أمريكا المقدرة بملياري دولار ورغم الحصانة الدولية إلا أن المحكمة العليا الأمريكية (الدستورية) حكمت في أبريل الماضي بتعويض أهالي الضحايا من الأصول الإيرانية المجمدة منذ

2008 . أهالي ضحايا 11 سبتمبر ضللهم السياسيون مستشهدين بالحالة ذاتها. ولم يشرحوا تفاصيل القضية الإيرانية التي هي في الأساس تورط مباشر للحكومة التي اشتهرت بسلسلة من العمليات التخريبية عالميا وليس أمريكيا فقط.

أما الأدلة وإمكانية استخدام أجهزة أمريكية، فالاحتمالات مفتوحة وأبرز ورقة في هذا ، الشأن الضغط على ما عرف بـ« المعتقل 063 » وهو الشاب محمد القحطاني الذي تصنفه ، المخابرات الأمريكية بأنه « الإرهابي رقم 20 » إذ يمكن استدعاؤه بطلب من أهالي الضحايا من معتقل غوانتناموا والطلب منه بأن يدلي بشهادة كما يرغبون بكل بساطة تحت التعذيب.

والشاهد على ذلك أن الإعلام الأمريكي سبق وأن تحدث عن تعرضه لتعذيب متواصل بأمر من وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد . وأصبحت قضية رأي عام في 2003

عمليا، أصبحت الخسارة واقعة، إذ إن تكليف فريق محامين للترافع دفاعا عن المملكة ستكون فاتورته باهظة. لذلك على رأس الحلول الاستناد للقانون الدولي الذي يحرم المساس

بسيادة الدول وهو ما أكده أساتذة القانون كورتيز برادلي من كلية القانون بجامعة دوك وجاك قولد سميث من كلية القانون بجامعة هارفارد في مقال مشترك نشر في النيويورك تامز أبريل الماضي تحت عنوان .« لا تسمحوا بمقاضاة السعودية وأكد المحاميان في حينه، وهما أيضا من عمالقة القانون الأمريكي أن هذا التشريع سيفتح الباب على مصراعيه على كل تصرفات

وتحركات الحكومة الأمريكية دوليا خصوصا في مجالات: محاربة الإرهاب، التبادل الاقتصادي واحترام سيادة الدول.

إعلاميا: غذى الإعلام العقلية الأمريكية بربط فكرة الإرهاب بالسعودية بطريقة بعيدة عن أبسط الأسس الأخلاقية والمهنية، تنفيذا لأجندات معظمها معروف وبعضها خفي إلا أن قانون جاستا كان وما زال شاهدا على المساعي اللاأخلاقية لتعزيز هذه الصورة، وسلة الأسئلة هنا كالتالي:

* كيف تكونت فكرة ربط المملكة بالإرهاب؟

* لماذا تكونت في الأساس فكرة ربط المملكة بالإرهاب؟

* كيف يمكن أن يسهم الإعلام في تحويل الهجمة؟

* ما الحلول التي بيد الإعلام؟

في فن رسم الصورة الذهنية وإدارة السمعة المعروفة أوساط شركات العلاقات العامة والاتصال الاستراتيجي، الجملة السحرية فمنذ اللحظة ،« الرسالة غير المباشرة » و الأولى لأحداث ال 11 من سبتمبر بحث الإعلام الأمريكي عن مادة تكون مصدرا للتحليل وربما حتى الاتهام بدعم من اللوبي الإيراني فكانت المملكة الخيار الأول.

كرس اللوبي الإيراني هذه الفكرة لنزع الاتهام من الحكومة الإيرانية التي كانت أساسا من مناطق التدريب ثم مقرا لتنظيم القاعدة حتى بعد تنفيذ الهجمات وهو ما كان مبررا يمكن

أن تتخذه الحكومة الأمريكية في حينه لدخول إيران مثلما فعلت في العراق.

وهنا يمكن أن يكون هناك دور إعلامي مختلف بظهور أصوات ووجوه سعودية جديدة، شبان وفتيات من خريجي أفضل 10 جامعات في الولايات المتحدة، تفهم الذهنية الأمريكية

وتسند إلى سجلات من الأبحاث والأوراق العلمية تكون سلاح إقناع بحضور ندوات ولقاءات أكاديمية وحقوقية.

كما يمكن أن يشكل الإعلام صوتا قويا يصل إلى هيئة المحلفين دون التأثير عليها بإيضاح الحقائق ودفعها إلى عدم الاتكاء على أسباب أيدلوجية في أحكامها. وأخيرا، التحالف مع الأقليات المسلمة والمنظمات لأن هؤلاء في يدهم مصوتون يرجحون كفة الكثير من صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة.

@Hadi_Alfakeeh