محمد العوفي

وزارة الإسكان بين الرخاء والشدة

الاثنين - 03 أكتوبر 2016

Mon - 03 Oct 2016

كثرة التصريحات والقرارات المتعاقبة التي يناقض بعضها بعضا دليل على ارتباك في الرؤية، وعدم وجود خطة استراتيجية مبنية على معطيات واقعية، وكل ما يصدر أو يتم الحديث عنه يعد اجتهادات شخصية لم تأخذ حقها في الدراسة والتمحيص، وأن كثيرا منها ليس في محله .



وتصريحات مسؤولي وزارة الإسكان أحد هذه التصريحات التي تسببت في ارتباك الرؤية وضبابيتها، لذا بدأ المواطن يفقد الثقة فيها، ولم يعد يهتم بما يقول مسؤولوها، لأن المواطن يريد

أن يرى شيئا على الواقع، في حين أن معظم ما قالت وزارة الإسكان في السنوات السابقة ذهب جفاء، وخسرت إثر ذلك ثقة المواطن، لكنها قد تكون الحصان الرابح في سباق التصريحات.



مؤخرا دخلت وزارة الإسكان في منافسة جادة مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في عدد البرامج وكثرتها، ولا يزال التفوق لصالح وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، لكن في حال استمرت وزارة الإسكان بالوتيرة نفسها في اختراع وابتكار المزيد من البرامج فإنها قد تتفوق على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أو تتعادل معها في أقل الأحوال، وقد تتأهلان إلى

نهائي بطولة التصريحات التي لا تنتهي ولا تثمر حلولا.



المهم أن وزارة الإسكان اخترعت حتى تاريخه ما يزيد على سبعة برامج جديدة منها على سبيل المثال لا الحصر: القرض المعجل، وتمويل البناء (الاستصناع)، والتمويل المدعوم، وتمويل الإيجار المنتهي بالتملك، ودعم كلفة القرض، وبرنامج ضامن، والقرض الإضافي، والادخار السكني، كلها من إنتاج وإخراج وزارة الإسكان في عامين، ولم تتوقف ولو للحظة واحدة لتقول الحقيقة؛ كم عدد الذين استفادوا فعليا من برامج ( ضامن، والقرض الإضافي، والقرض المعجل)، أو كم عدد الذين سيستفيدون من البرامج الجديدة التي تعتزم الوزارة إطلاقها، وقد تشهد الأشهر القليلة المزيد من البرامج التي يكون ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، في وقت عطلت فيه عمل صندوق التنمية العقاري لمدة عام ونصف العام تحت ذريعة إيجاد آلية لتطوير عمل الصندوق، وطرق تضمن حصوله على أقساطه من المواطنين.



أعتقد أن وزارة الإسكان ستواجه مستقبلا مشاكل أكثر تعقيدا من مشاكلها الحالية، عندما لا تجد برامجها الإقبال الكبير كما كانت تتوقع وتسوق له عند ابتكار برامجها، وسيزداد موقفها صعوبة مع خفض البدلات لموظفي القطاع الحكومي، ورفع الدعم عن بعض السلع، لأنهما حتما سيقودان إلى انخفاض القوة الشرائية للمواطن بشكل كبير، وعندئذ لن تقبل البنوك الإقراض بأسعار مرتفعة لمنازل تدرك مستقبلا أن قيمتها قد تنخفض، وأن المواطن سيواجه تحديات كبيرة في الوفاء بالتزاماته العالية تجاهها، كما أن المواطن سيحجم عن الإقبال عن هذه البرامج للأسباب ذاتها.



مشكلة وزارة الإسكان كمشكلة معظم الوزارات؛ أنها تبني كثيرا من برامجها ودراساتها دون الأخذ في اعتبارها التطورات المستقبلية، وكأن الأمور ستسير على وتيرة واحدة، ولن تتغير أبد الدهر، وأكاد أجزم أن معظم ما قدمته من برامج لا يتصف بالمرونة الكافية التي تجعلها تستجيب للمتغيرات الحالية التي صاحبت القرارات الأخيرة، وكل ذلك سيؤدي إلى تأخير في تقديم حلول إيجابية لأزمة السكن وسيفاقم المشكلة، وسيزيدها تعقيدا مستقبلا .





أعتقد أن وزارة الإسكان بحاجة لمراجعة برامجها، وإعادة تقييمها وفق المستجدات الحالية، فالوزارة فشلت في الاستفادة من وقت الطفرة الاقتصادية لحل المشكلة، وسعت إلى إنتاج المزيد من البرامج التي لم ولن توفر مسكنا ولا أرضا، وكثير من برامجها - شبيه لبرامج وزارة العمل والتنمية الاجتماعية - تهدف للاستهلاك الإعلامي أكثر من جدواها ونفعيتها، وأن البرامج التي لم تجد نفعا في أوقات الطفرة والرخاء الاقتصادي لن تكون أكثر نفعا في أوقات الشدة والتقشف.



[email protected]