عبدالرحمن عمر خياط

ألا بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد

الأربعاء - 28 سبتمبر 2016

Wed - 28 Sep 2016

جاء بالصفحة الأخيرة بجريدة البلاد في استراحة الخميس 23/10/1437 مقالا يؤيد ما جاء بمقال الأستاذة القديرة د. عزيزة المانع بعنوان (لو أن العرب)، والمقالان يصبان في بوتقة واحدة هي (الرفق والتسامح)، ففي الأول تقول الكاتبة «ما جادلت حكيما إلا وزاد أفقي، وما جادلت عبيطا إلا تقزم تفكيري»، وتضيف «إذا أردت العيش سعيدا



فلا تدقق في كل شيء، ولا تحلل كل شيء، فإن الذين حللوا الألماس وجدوه فحما»، فإن التغاضي عن أخطاء الزميل/ الصديق لا يعني الخوف أو الضعف، بل هو احترام للسنين التي جمعتنا يوما ما، وأن أعظم علاج للنفس الأمارة بالسوء تدريبها على العفو عن الناس.



إنه لا يوجد شخص خال من الهموم، لكن يوجد من يتذكر أنها مجرد دنيا فـ (يبتسم)، في ممرات الحياة تغمرنا أشياء جميلة تسعدنا ثم تذهب ولا تعود أبدا، ليتنا نمتلك معجزة تبقيها. في الماضي القريب كان يستطيع الناقد الصحفي أن يرفع الرواية إلى السماء وأن يسقطها بمقال واحد، بخلاف اليوم فهو عاجز حتى عن إسماع صوته للآخرين، ما كان لك سوف يأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك لن تناله بقوتك، وأن الدنيا لو كانت سهلة ميسرة لما كان الصبر أحد أبواب الجنة.



قيل لأحد الصالحين: ما هو الصبر الجميل؟ قال «أن تبتلى وقلبك يقول الحمد لله». وأحلى ما في هذا المقال هذا الدعاء «اللهم اعطني من الدنيا ما تقيني بها فتنتها وتغنيني به عن أهلها ويكون بلاغا لي إلى ما هو خير فيها، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك يا الله»، لن تجد الأمل ملقى على الأرض، لذلك ارفع رأسك وقل يا رب.



أما مقال الكاتبة المعروفة الأستاذة د. عزيزة المانع فأرصد طرفا كما هو نصا، حين كنا صغارا في سن المدرسة، كان من بين ما يدرس لنا في كتب المطالعة وصية ذي الأصبع العدواني لابنه «يا بني، ألن جانبك لقومك، يحبوك، وتواضع لهم، يرفعوك، وابسط لهم وجهك، يطيعوك،ولا تستأثر عليهم بشيء، يسودوك».



وبهذه الوصية البديعة يتأكد لدينا أن ذا الأصبع هو من عرب الجاهلية ذكر ذلك قبل أن يظهر الإسلام ويضيء حياة البشر بتعاليمه القيمة التي حددت العلاقة بين الحاكم والمحكوم على أساس التشاور والتناصح بعيدا عن التسلط والتفرد بالرأي عرفنا الحكمة وبعد النظر، وبكل الأسف نرى اليوم في كثير من الدول الإسلامية والعربية أن القاعدة المتبعة لدى الأكثرية هي التشبث بالرأي الواحد، وهي صور باهتة لا أكثر.



وإنني وأنا الفقير إلى الله قد عايشت في مسيرة حياتي العملية في الوظائف الحكومية التي كانت لمدة أربعة وثلاثين عاما آخرها 7 سنوات بالاستئناف (مديرا إداريا للجنايات)، وبفضل الله ثم بفضل توجيه مشايخ الجنايات حققت ما كنت أصبو إليه من النجاح الذي كان بتوجيه أصحاب الفضيلة مشايخ الدائرة الجنائية الثلاثة (محمد بن صالح التويجري رئيسا وعضوية الشيخين السيد عبدالرحمن بن حمزة المرزوقي ومحمد بن إبراهيم البشر، تغمدهم الله برحمته)، وما توفيقي إلا بالله.



وأختم بتأكيد وتأييد التسامح والتشاور، فرأي الاثنين ليس كرأي واحد، ورأي الثلاثة قرار، ولا خاب من استخار ولا ندم من استشار، والصبر ورد في القرآن الكريم في 114 موضعا، والله من وراء القصد. إنه جواد كريم.