آخر الرهائن

فتح تسليم آخر رهينة فرنسي هو سيرج لازاريفيتش بعد اعتقاله قبل ثلاث سنوات من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي، النار على بلد ثورة الحريات التي أرست قيم الحرية والعدالة والمساواة

فتح تسليم آخر رهينة فرنسي هو سيرج لازاريفيتش بعد اعتقاله قبل ثلاث سنوات من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي، النار على بلد ثورة الحريات التي أرست قيم الحرية والعدالة والمساواة

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2014

Tue - 23 Dec 2014

فتح تسليم آخر رهينة فرنسي هو سيرج لازاريفيتش بعد اعتقاله قبل ثلاث سنوات من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي، النار على بلد ثورة الحريات التي أرست قيم الحرية والعدالة والمساواة.
ولا يأتي الاحتفاء بالرهينة على مستوى الجمهورية الفرنسية بعد عودته إلى دياره هكذا مجردا وإنما تنامي الحديث عن تقديم فرنسا فدية لجماعة تنظيم القاعدة وتسهيل هروب عدد من أعضائها.
من حق فرنسا أو أي دولة أخرى أن تبذل ما في وسعها لتحرير مواطنيها إذا تعرضوا لأيٍ من أنواع العنف في أي مكان في العالم، خاصة بعد موضة احتجاز الأجانب من قِبل التنظيمات الإرهابية.
والضحايا إما موظفون في منظمات دولية أو صحفيون أو غيرهم ممن ضلت بهم مهامهم وواجباتهم السبيل وأوصلتهم إلى دائرة النار هذه.
ويعد التحرير من قبضة الجماعات الإرهابية أيا كان لونها أو دينها واجب الدولة تجاه مواطنيها، ولكن دوما ما توجد بين ثنايا هذا الهدف الإنساني دروب أخرى وعرة تسلكها الدول الغربية من أجل تحقيقه.
والدرب القذر الذي سلكته الحكومة الفرنسية بمعاونة مسؤولين حكوميين في دولتي مالي والنيجر، هو أنها قامت بتقديم مقايضة تتمثل في إفراج السلطات المالية عن عناصر من تنظيم القاعدة بالإضافة إلى تقديم مبلغ مالي مقابل الإفراج عن الرهينة.
وهذا العُرف معمول به في الدول الأفريقية الفرانكفونية بحكم الإرث الاستعماري الذي يجعل الرأس الواحدة لفرنسي تُقدر بعدة رؤوس بالإضافة إلى ملايين الدولارات.
وحتى لو تم الحساب بعدد الرؤوس البشرية وقيمتها فسنجد أن الموازنة مختلة والصفقة خاسرة، تورطت فيها السلطات المالية.
والخسارة الأكيدة هي أن كل رأس من أعضاء هذا التنظيم الإرهابي بمقدوره، بل يحركه مخزون فكري قادر على تدمير بلد بأكمله.
ولننظر ماذا كسبت فرنسا وخسرت الدول الأفريقية التي تحارب تنظيم القاعدة في عقر دارها.
بالتمعن في المنظور الغربي بشكل عام والفرنسي على وجه الخصوص للحرية الفردية ومدى اتساعها، يمكن التأكد من أن تطبيق هذه المبادئ ليس عليه خلاف داخل الأراضي الفرنسية.
ولكن عندما يأتي دور العمل بها على أراض أخرى ينعكس التطبيق بل ينعدم هذا الطرح، والشواهد على ذلك كثيرة.
فعلى مدى عقود عديدة عندما كانت تنعم فرنسا بالحريات داخلها، كانت البقاع التي تفرض عليها سيطرتها تعاني من التسلط والظلم والاستعمار.
وفرنسا التي لا تغفل عن تركتها الاستعمارية التاريخية في أفريقيا والعائدة بالتدخلات بعد الأزمات الحالية والصراع الإثني والسياسي، تنظر إلى ذخيرة النفط والماس المزمع اكتشافها قريبا.
وفرنسا الباقية في مالي حسب الحاجة الاستراتيجية كما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لديها أسباب أخرى أمنية وسياسية تخشى احتكارها من قبل قوى منافسة.
تلقي مثل هذه الممارسات في روع الشعوب خاصة المهضومة حقوقها ولها إرث تاريخي مناهض للتسلط سواء كان بالاستعمار أو بديكتاتورية حكوماتها نوعا من التشكيك في قيم حقوق الإنسان والحرية والعدالة بشكلها العام.
أما المأزق الأكبر فهو في مدى احتواء هذه المفاهيم لحقوق يمكن تفصيلها وتقسيمها، وجعل قياس معين لكل منها.
ففي ذهن بلاد الحريات يمكن أن تكال الحقوق بمكيالين، فهذا ما يوافق سليل الحضارة الغربية وذاك ما يناسب غيره من الشعوب التي كانت غارقة في الظلام فجاء المتحضر لينقذها من وهدتها الظلامية.
لطالما نجحت الحملات الاستعمارية قديما في تبرير فعلتها بإخراج شعوب العالم الثالث من ظلام البدائية إلى التحضر.
وما ظلت تفعله الآلة الدعائية الغربية لزمن طويل هو التكفير عما قام به أسلافهم، إلا أن الفبركة الحالية التي ينتجها الغرب ظلت ترجع هذه التصرفات لمصلحة أفرادها دون النظر بعين الاعتبار لحياة الآخرين.
ولكن انكشفت حقيقة الوجه الإنساني الغربي حينما تعلق الأمر بشعوب أخرى.
فالحقوق هنا رهينة المصلحة الذاتية، حتى ولو تمت مقايضة شخص واحد بعدة نفوس بغض النظر عما تحدثه هذه العملية من خراب أو دمار.