فاتن محمد حسين

الافتراش في الحج.. كلنا مسؤولون

مكيون
مكيون

الاثنين - 05 سبتمبر 2016

Mon - 05 Sep 2016

يشير آخر الإحصاءات إلى أن عدد سكان المملكة العربية السعودية وصل عام 1437هـ – 2016م إلى (31.716.240) نسمة، وأن إجمالي عدد المقيمين بالمملكة حوالي 10 ملايين نسمة، يشكلون حوالي ثلث سكان المملكة، وقد أشارت خطط التنمية السابقة إلى أهمية إيجاد توازن وعدم إفراط في تزايد نسب الأجانب.



وحقيقة لا يمكننا أن ننكر دور هؤلاء في الخطط العشرية وما قدموه لنا من خدمات كانت وما زالت باعثا لمزيد من التطور الاجتماعي والحضاري، فهم شركاء معنا في التنمية، ونقدر كل ما يقومون به، خاصة ممن يلتزمون بأنظمة الدولة، وغير مخالفين لأنظمة الإقامة، ويعملون لكسب الرزق الشريف، والشعب السعودي كله يقدر هؤلاء، ويتعامل معهم وكأنهم مواطنون لهم حقوق، وعليهم واجبات، وهذا أمر مسلم به ولا جدال عليه.



ولكن هذه المشاعر قد تفيض أحيانا - وبدافع من الطيبة الزائدة - التي يتصف بها الكثير من أبناء المملكة العربية السعودية من الكفلاء، حيث يتساهلون في أمور كثيرة، ومنها ترك هذه الفئة يؤدون الحج كل عام؛ وهم يدخلون لمكة مع الأسر السعودية – للأسف - حيث يمنع التفتيش لهؤلاء لاحترام خصوصية الأسر؛ فلا يقوم رجال الأمن في المنافذ بتفتيش هؤلاء، ويتم تسريب الكثير منهم وبجهل أو عدم الوعي الكافي، أو كما أسلفت، أو الطيبة غير المتزنة، نجد أنفسنا نساعدهم على ارتكاب الخطأ. فمعظم هؤلاء- وهم من العمالة المنزلية - يذهبون (وبدون تصريح للحج)، وبرفقة مجموعات أخرى من داخل مكة، ويشكلون مافيا الافتراش! وهذا من أكبر التحديات التي تواجه المسؤولين. فهؤلاء لا يكتفون بالحج عن أنفسهم وهو الحج مرة واحدة في العمر، بل يحجون عن كل أفراد العائلة، الأموات منهم والأحياء! وهذا مما يزيد من وطأة الزحام والتكدس، فضلا عما يسببه الافتراش من مشكلات.



فبالرغم مما تبذله حكومتنا الرشيدة من جهود جبارة لتوفير كل سبل وأسباب الراحة لحجاج بيت الله الحرام، وبالرغم من كل المشاريع والإنجازات، إلا أن الافتراش يعد الظاهرة التي تشوه الوجه الحضاري للإسلام والمسلمين في الحج وتنسف كل الجهود، لما ينتج عنها من ازدحام وتكدس وإعاقة للجهات الأمنية والخدمية من تنفيذ خططها وأهدافها، بل ومزاحمة الحجاج النظاميين.



وبالرغم من وجود إحصائيات تشير إلى إعادة أكثر من 700 ألف مخالف من منافذ منطقة مكة المكرمة هذا العام، وبالرغم من نجاح حملة (الحج عبادة وسلوك حضاري)، التي أطلقها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة، الأمير خالد الفيصل - منذ عدة سنوات - والتي كان لها أثر واضح في تقليص هذه النسب التي وصلت في بعض الأعوام إلى مئات الألوف، فإنه ما زال هناك من يتستر عليهم بدافع العطف والشفقة، ويدخلون إلى مكة من بداية شهر الحج أو ربما قبله.



ما نريده أن يدرك هؤلاء أن التحايل على الأنظمة والتعليمات هو خروج على ولي الأمر، وبه شيء كثير من الكذب والغش، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول «من غشنا فليس منا»، بل هو خيانة للأمانة التي كلف بها الإنسان وحملها.



أظن أن التوعية لبعض شرائح المجتمع لم تصل إلى حد وجود الرقيب الداخلي لمنع الفرد ذاته من أداء (الحج بدون تصريح)، وحبذا لو كانت هناك توعية كافية وبكل اللغات للعمالة الوافدة (الإندونيسية، والأوردية، والفلبينية، والحبشية ..) – فتقدم رسائل لتوعيتهم بالمخاطر والموانع الشرعية، خاصة بعد تدشين تطبيق برنامج «وسائط المناسك» للهواتف الذكية من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فحتى عاملات المنازل والسائقون الآن يملكون أجهزة ذكية بها واتس أب وغيره.. فلا بد من إرسال رسائل توعوية، وتعريفهم بما أكده الأئمة وعلماء المسلمين، ومنهم الشيخ «عبدالعزيز آل الشيخ» - مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء- على أن أداء فريضة الحج (بدون تصريح) محرم شرعا، وأن من يفعل ذلك أراد نافلة فارتكب محرما، وأنه لا بد أن يتقيد الإنسان بالسمع والطاعة ويستجيب لقرار ولي الأمر.



كذلك توعيتهم بمخاطر التلوث الناتج عن الافتراش، حيث تتراكم القاذورات والأوساخ، وتصبح الأرض مأوى للنفايات والأمراض، وفي ذلك إضرار بالبيئة والإنسان، وهذا يتنافى مع مقاصد الحج الكبرى وثوابه، كما في قوله تعالى «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج»، فالحج فريضة لمن استطاع إليه سبيلا، ومن لم يستطع فلا حج عليه.