بندر السالم

بين الوظيفة والتجارة

الخميس - 01 سبتمبر 2016

Thu - 01 Sep 2016

دائما ما يحتدم النقاش حول الوظيفة والتجارة، أيهما أفضل؟ فالبعض يفضّل الوظيفة والبعض الآخر يفضّل التجارة، ولكل منهم أسبابه لتفضيل ما يراه.



فمثلا من يفضل الوظيفة نجده غالبا يحتج بأنها تحقق الأمان المادي والاستقرار الأُسري، كما أنها تسمح له بتطوير نفسه وقدراته من خلال برامج التدريب والابتعاث الخاصة بجهة العمل أو ذاتيا بالاستفادة من وقت الفراغ الكبير والمحدد بسبب انتظام ساعات العمل وقصر فترتها. كذلك الموظف وخصوصا في العمل الحكومي لا يخشى من تأثير المنافسة على مصدر دخله، فهو وإن لم يطور نفسه وقام بتأدية الحد الأدنى من متطلبات العمل يستطيع الاستمرار بعمله وتقاضي راتبه.



كما أنهم يرون في التجارة مخاطرة كبيرة وعدم أمان بسبب تقلبات الأسواق وقانون العرض والطلب، وكذلك يرون في متابعة الشخص لتجارته مشقة وعدم استقرار أسري، كما يرون أنها تحتاج لمهارات خاصة قد لا تتوفر عند الكثيرين، وأنه لن يستطيع دخولها إلا من كان لديه رأسمال يبدأ به.



وفي الجانب الآخر نجد من يفضلون التجارة يرون فيها استقلالية وحرية في اتخاذ القرارات، وأنها طريق سريع للثراء، ودائما ما يكررون مقولة «تسعة أعشار الرزق في التجارة» وهي مقولة تنسب للنبي، صلى الله عليه وسلم، ولم تثبت عنه. بينما نجدهم ينظرون للوظيفة كأنها استعباد للشخص، ويرون الموظف كمن يحرث أرض غيره، وينظرون للوظيفة على أنها قاتلة للطموح، فمهما بذل الموظف من جهد في سبيل تطوير نفسه فلن تتجاوز مكافأته الترقية البسيطة.



أخيرا لا شك أن عمل المقارنة بين الوظيفة والتجارة، وإطلاق المفاضلة بينهما من المغالطات المنطقية، لأنها مرتبطة بعوامل مختلفة تؤثر في تحديد الأفضلية، منها المؤهلات والقدرات للشخص نفسه، فكل ميسر لما خلق له، فمن كانت قدراته تؤهله للدخول في مجال التجارة والنجاح، بعد توفيق الله، فإن التجارة أفضل بالنسبة له، ومن كان يمتلك مؤهلات العمل الوظيفي والرغبة فيه فإن الوظيفة أنسب له، ومنها المصلحة العامة للدولة، حيث إن التجارة تدعم اقتصاد الدولة وتنعشه، كما أن الدولة غير مسؤولة عن توظيف الجميع، لذلك فإن التجارة أفضل في حق الكثيرين، ولكن الدولة كذلك تحتاج إلى شغل بعض الوظائف من قبل المواطنين المؤهلين من أصحاب المؤهلات العليا أو التخصصات العلمية التي يوجد بها عجز، لذلك فإن الوظيفة في حق هؤلاء أفضل للدولة.