لا تكن كوكاكولا آخر

الثلاثاء - 23 أغسطس 2016

Tue - 23 Aug 2016

لعلك تساءلت ذات يوم لماذا شركات مثل كوكاكولا وبيبسي وشركات كبرى أخرى لا تمل ولا تكل من أن تعيد عليك إعلان منتجاتها كل يوم كل ساعة طول السنة، وفي كل عام سترى لها إعلانات وستدفع بأيد سخية لهذه القنوات والصحف ومواقع الانترنت وكأنها شركات صغيرة تبحث عمن يشتري منتجاتها.



هل خطر ببالك سؤال مثل: لماذا ستدفع كل هذه المبالغ من أجل منتج هو بالأساس ناجح ومنتشر في أصغر بقالة في أبعد قرية؟



الفكرة البسيطة خلف هذه الشركات هي أنها تريد أن تكون حاضرة في «بال» كل الناس على مستوى جميع الأفراد ولجميع الأعمار، حتى يتعود عليها الناس ولا يأتي جيل مستقبلا ويكون هنالك فجوة وتأتي منتجات منافسة تفوز بعقولهم. يدفعون كل هذه الأموال فقط لكي يبقى الاسم متداولا بين الناس وداخل كل بيت رغم الشهرة الكبيرة للمنتج نفسه بين عامة الناس، لكن هذا لا يكفي فهم يريدون استمرارية الاسم وجعله سلسا وينتقل من جيل لآخر ويحافظ على هذه السمعة وهذا الانتشار.



هذه مقدمة بسيطة لما أريد إيصاله في هذا المقال حتى لا نكون شركة إعلانية للأفكار والمصطلحات التي ربما نظن أننا نحاربها ونتمنى زوالها.



هناك الكثير من الأمثلة التي من الممكن أن تتقوى ويكبر تأثيرها بمجرد تداولها وذكر اسمها فنعتقد بذلك أننا سندثرها وندفنها إذا كررناها وذكرناها وعملنا لها أعمالا صوتية ومرئية ورسوماتية. هناك مثلا تكرار «الحوار الوطني» وأننا في مشكلة وطنية مجتمعية وتمثيله بكل مكان من أجل لم شمل المجتمع هو اعتراف صريح وترسيخ للدماغ أننا في معضلة ومشكلة لا حل لها، وأننا متفرقون ونرسخ لكل الناس ذلك.



ولا يخفى علينا التكرار الممل للفظة السنة والشيعة التي ربما لو سألت جدتك عنها إن كانت قد مر عليها من قبل. ولعلك بإحصائية بسيطة تقوم بها بحساب هاتين الكلمتين في البرامج التلفزيونية وأوراق الصحف وقارن بين السنوات الأخيرة الخمس وبين ما قبلها.



كثيرة هي الأمثلة التي لا أقصد بها الحصر بقدر ما أرغب في إيصال مبدأ التغاضي والتجاهل والكتمان إن كنت تريد فعلا أن لا يصل منه شيء للجيل القادم، وأنك بتداولك لأي فكرة أو مصطلح تسهم في انتشاره وترسيخه بمجرد ترديدك له. تجاهل بعض المشكلات التي تريد حلها يساعد في ذوبانها، الجيل الجديد لن يلاحظ أن هناك مشكلة أصلا.