ما نفقه كثيرا مما تقول

الاحد - 21 أغسطس 2016

Sun - 21 Aug 2016

في سورة هود المكية يسرد الله تبارك وتعالى حال الأنبياء السابقين مع أقوامهم وكيف كانت هذه الأقوام تتعاطى مع المشروع الإلهي الذي لم تتقبله عقولهم وقلوبهم إلا أعداد يسيرة ممن شملتهم رحمة الله وهم قليل.



طبعا هذه السورة هي عزاء حقيقي للنبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام لما فيها من إيضاحات جلية بأن الأقوام والأكثرية لا تؤمن في الغالب بالرسالات السماوية لأسباب كثيرة كاتباع الآباء والأسلاف وأن الأنبياء ما يتبعهم إلا الضعفاء والمساكين ممن لا جاه لهم ولا سلطان، كذلك زعمهم بأن الأنبياء إما سحرة أو مجانين على حد وصفهم وحاشا رسل الله من هذا.



ولو نظرنا إلى الزمن الذي نزلت فيه هذه السورة لعرفنا أنها هي الفترة المكية الحرجة التي كان يعيش فيها النبي عليه الصلاة والسلام وقلة قليلة معه في صراع معنوي ومادي مع الأكثرية التي كانت ترفض الرسالة وتمارس أشد أنواع الاضطهاد الديني تجاه النبي وأتباعه.



هذا الرفض للأنبياء ولرسالاتهم السماوية من الأكثرية يجعل الباحث يقف حقيقة عند أسباب هذا التعنت ودوافعه، وأنا الآن أتساءل لماذا الأكثرية كما أشار الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم لا يؤمنون ولا يعقلون ولا يشكرون ولا يبصرون؟ بينما القلة هي من تؤمن ومن تستوعب الحقيقة.



بكل تأكيد هناك دوافع إما أن تكون نفسية أو اجتماعية أو عوامل غير إنسانية تساعد على رفض تقبل الحقيقة وصاحبها، وبالتالي تصبح الحقيقة غير مرحب بها في مجتمع الأكثرية الذي يعمل على صدها أو الالتفاف عليها..

ولتشخيص هذه الحالة بشكل دقيق والإجابة على تساؤلي نعود مرة أخرى لسورة هود لنجد فيها السبب الحقيقي وراء هذا العنت من الأكثرية التي لا تؤمن بالحقيقة وصاحبها.



بكل بساطة لأن الأكثرية (لا تفقه ما تقوله الأنبياء وحقيقتهم) وفي الوقت نفسه الأكثرية (تستخف بالأنبياء) والدليل على هذا «قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز»، هود: 91.



لسان حال الحقيقة يقول من يفقهني؟