الفكر خارج الإسكان

الجمعة - 05 أغسطس 2016

Fri - 05 Aug 2016

في حديث طويل عن أزمة السكن في المملكة وتراشق الاتهامات بين الوزارة والرأي العام وجمعية «كلانا» وغيرهم ممن يدخل في الخط، تبدو المشكلة معقدة جدا لمن ينظر من خارج الإطار إليها، فالإعلام الحديث الذي أصبح فعليا يمثل رأي وصوت الناس وسببا لتناول «البنادول» لأصحاب الكراسي، لا يتمشى فعليا مع «فكر» الوزير أو عمله لسبب أو لآخر حتى يدخل على الخط إعلام دول أخرى شقيقة في موجة التراشق والرمي لهذا الأمر، وأخيرا تسكت الأصوات ويعم الهدوء ويبقى المواطن على حاله، فلم ينل شبرا من الأرض ولم ينل سقفا يغطي به هذا الشبر.





قال جوهان جوته «عندما تفشل الأفكار تصبح الكلمات في المتناول»، ولأن الأفكار المطبقة الآن تفشل كل مرة لأسباب كثيرة، فالكلمات في المتناول، ويمكنني الحديث عن المخارج التي أراها وأظن أن الوقت قد حان لسعادة الوزير أن يفكر معي خارج الإطار وكسر بعض القواعد القديمة والتفكير جديا بقول جون كيج «لا أفهم لماذا الناس يخافون من الأفكار الجديدة، فإن ما يخيفني عادة هو الأفكار القديمة».

في بحث مبسط على معلم الدنيا وشاغل الناس الشيخ «قوقل» وجدت أن هناك طرقا أخرى للبناء غير الطريقة التي نتبعها في وقتنا الحالي أو ما يسمى «البيوت الخرسانية»، ففي الصين هناك طرق بناء أخرى وضمانات تتجاوز العشرين عاما، وهي منازل ذات أشكال عصرية، بل وأجمل شكلا من بيوتنا الحالية، وإن كنا ننظر للصين بأنها بضاعة درجة ثانية - وهذا خطأ - ولا تصلح لنا، فهناك شركة ألمانية أخرى تسمى «إنوفيدا» تعمل على ذات الطريقة، وهي البيوت ذات القوالب الجاهزة والتي تحوي نسبا قليلة من الخرسانة والحديد والتي توفر أكثر من 60% مما يصرف لبناء مساكن على حسب قواعدنا القديمة والتي نخشى تغييرها، وفي مشاهدة على موقع youtube لقناة Karmod Prefabrik Yapı نشاهد أشكالا لذلك «الفكر» في التصميم وطرق البناء، وبإمكان الجميع المشاهدة والتفكير جديا من الخروج من التفكير «الخرساني» القديم.

مدينة ينبع الصناعية تحوي أكثر من 2800 منزل تعيش منذ أكثر من 20 عاما وما زالت صالحة للاستخدام ومقاومة لدرجات الحرارة العالية عندنا، وهي بطريقة بنائها اقتصادية ويمكن إنشاء مثلها في أقل من عام وتوفير سكن ملائم للبشر الذين يسافرون من الرياض للدمام ويرون مساحات شاغرة وأراضي بيضاء فارغة ممتدة حتى الأفق ثم يتنفسون ويزفرون ويتحسرون على أنهم لا يملكون شبرا في هذه الأرض.

كما استشهد الجبير بمقولة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان «الحقائق أشياء عنيدة» أظن يجب أن نستشهد بها هنا أيضا، فحقيقة أن القواعد التي وضعناها لنسكن صعبة جدا، وأن الخيارات الأخرى كثيرة وقد تكون أفضل بكثير مما اعتدنا عليه.

نحن فقط نحتاج أن نفكر في السير بالطريق وتشكيل فريق بحث «سريع» لإيجاد خمس أو ست من طرق البناء الأخرى، ثم ترك المواطن يختار ما يناسبه، أو إنشاء مدن كينبع بطرق أوفر، حيث تستطيع الوزارة مضاعفة حلولها والمستفيدين منها بذات المبلغ - المختفي - من الميزانية المرصودة لهذا.

«الفكرة الجديدة رقيقة... يمكن قتلها بالسخرية أو التثاؤب، يمكن طعنها بنكتة أو إقلاقها حتى الموت بعبوسة في الحاجب الأيمن»! - شالرز براور.

ثم إنه لـ»أزمة فكر»!