مفلح زابن القحطاني

إعلام النزاهة.. لا لاستعداء المسؤول

الاحد - 31 يوليو 2016

Sun - 31 Jul 2016

ندرك جميعا أن للإعلام دورا كبيرا وفاعلا في التوعية بأهمية النزاهة والالتزام الإداري والمالي والمهني للعاملين في مختلف مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة ومكافحة الفساد، وتكريس مفاهيم العطاء والإخلاص.

وإذا ما نظرنا إلى العديد من الأنظمة والخطط والاستراتيجيات في المملكة العربية السعودية وجدنا الجهات العليا والمعنية لا تغفل عن أهمية الإعلام ولا تنسى دوره في هذا الشأن، ومن ذلك ما تضمنته بنود الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي وافق عليها مجلس الوزراء عام 1428هـ، حيث إنها جعلت الإعلام شريكا في تنفيذ أهدافها.

والمعروف – وكما يقرر العديد من الباحثين – أن علاقة الإعلام بالفساد علاقة وجود وعدم، فالإعلام قد يسهم في وجود الفساد الإداري والمالي حين يعمد إلى الإشادة المبالغ فيها ويحتفي بالواجبات على أنها منجزات وينحاز للمسؤول أو الجهة بغير موضوعية ويتغافل عن السلبيات، وقد يلعب دورا إيجابيا في مكافحة هذا الفساد، ويعمل على تكريس مفاهيم النزاهة.

والملاحظ أن جهود الإعلام السعودي في العمل على نشر ثقافة العمل المخلص والنزاهة ومحاربة الفساد جيدة ولكنها ما زالت مشتتة وليس فيها تنسيق بين مختلف المؤسسات الإعلامية، ولذلك من المهم جدا العمل على وضع استراتيجية إعلامية تتكامل فيها جهود المؤسسات الإعلامية السعودية في هذا الجانب بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ويكون لها أهداف ومخرجات واضحة.

ولا يكفي هنا العمل المرتجل، ولا يقدر على تقديم أعمال إعلامية مؤثرة في هذا الجانب إلا إعلاميون محترفون قادرون على صناعة مواد إعلامية ذات قيمة وجذب للمتلقي، وذات انعكاس إيجابي على المسؤول والنشء، وقادرة على غرس النزاهة والإخلاص والعمل وتكريس مفاهيمها بصفتها قيما تربوية ودينية وإنسانية لا شعارات.

كذلك نحن بحاجة ماسة إلى قيام دراسات علمية جادة ورصينة تقوم عليها أقسام الإعلام والاتصال في الجامعات تهدف لقياس أثر مختلف الأساليب والأدوات التي يعتمد عليها الإعلام في أداء رسالته في هذا الاتجاه ومعالجته لهذه القضية، ورصد واقع الممارسات الإعلامية في هذا الجانب، رغبة في الوصول إلى الأفضل.

نعم، أنا أدرك أن هناك صعوبات تواجه الإعلام وتحد من نجاحه في هذا الاتجاه، منها ندرة الإعلامي المتخصص والمحترف؛ فأغلب العاملين في مؤسساتنا الصحفية على نحو خاص هم من الهواة والمتعاونين، وكذلك صعوبة الحصول على المعلومة، وتلقي ما تطرحه وسائل الإعلام وخصوصا الصحافة من قبل بعض أفراد المجتمع بشيء من عدم الثقة لدى المتلقي، وكثرة الصخب الإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي، وكثرة الهاشتاقات، وصعوبة التمييز بين ما هو موضوعي وصحيح وما هو منبعث عن أغراض شخصية.

لكن مع هذا كله يجب على الإعلام التفريق بين الفساد الإداري والمالي الحقيقي الذي هو جزء من منظومة أو إدارة معينة، وما يمكن أن يوصف بأنه «خطأ أو قصور إداري» ومعالجة كل منهما في سياقه، والحذر من التساهل في إطلاق كلمة «فساد»؛ فإطلاق هذا الوصف دون دليل أمر خطير.

بقي أن أشير إلى أن بعض الإعلاميين يعمد – ربما بسبب قلة الخبرة – إلى استعداء المسؤول، والانطلاق من فرضية أن الأصل في المسؤول عدم النزاهة، وهذا مزلق مهني يسيء إلى الجهود الإعلامية في هذا المضمار.

[email protected]