البابطين: الثقافة تسكت صوت الرصاص وتعلي الكلمة

الاحد - 31 يوليو 2016

Sun - 31 Jul 2016

أبدى رئيس مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية الشاعر الكويتي عبدالعزيز البابطين تخوفه من انتقال الرصاص والحروب ليكون مرتبطا بثقافة الشعوب، مشيرا إلى تكرار مشاهد القتل يوميا، وبأن أهمية الثقافة تكون في إسكات صوت الرصاص بين الشعوب وإعلاء دور الكلمة.

1 جائزة البابطين الشعرية كيف ومتى تبلورت فكرتها؟

الأمر يتعلق بتجسيد الحلم على أرض الواقع، حلم كان يراودني منذ بداية حياتي حين كنت أجالس الشعراء في ديوانية شقيقي الأكبر عبداللطيف، حيث جذبتني بلاغة القول وشاعرية المعنى. وبدأت بالخطوات الفعلية لإنشاء مؤسسة تعنى بالشعر، وتشاورت مع نخبة من الأكاديميين المتخصصين والشعراء والمثقفين، وكان ذلك عام 1989، وحينها كان وجود مؤسسة تعنى بالشعر أمرا ضروريا لإعادة التوازن إلى الساحة الأدبية والانتصار للغة العربية والشعر الحقيقي.

2 إلى أين وصل مشروع حوار الحضارات وما هي قصته مع مؤسسة البابطين؟

أستطيع القول ومن دون تردد بأن مشروع حوار الحضارات وصل إلى كافة أنحاء العالم. لقد أقمنا دورات في مختلف أنحاء العالم، من إسبانيا إلى باريس إلى البوسنة إلى بلجيكا وجامعة أكسفورد، وتمكنا من جذب أكبر عدد ممكن من أصحاب الديانات والأفكار والاتجاهات المختلفة على طاولة حوار واحد، وأصدرنا الكتب المنسجمة مع حوار الحضارات والدعوة للتعايش السلمي بين الشعوب، وكرمنا كبار المفكرين العالميين من أصحاب الفكر الموضوعي.

وعن قصة المؤسسة مع حوار الحضارات، فومضة الفكرة راودتني حين وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك ومحاولة بعض وسائل الإعلام الغربي إلصاق تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين، فوجدت أن بإمكاننا كمؤسسة ثقافية فكرية التصدي لهذه الادعاءات وحشد إعلام مؤثر يوصل للغرب أننا دعاة سلام وأن الإرهاب لا دين له، فانطلقت أولى ندواتنا في هذا الخصوص عام 2004 في إسبانيا.

3 بوصفك شاعرا ومهتما من خلال مؤسستكم بتطوير المشهد الشعري العربي منذ ما يقارب ثلاثين عاما، كيف تقرأ المشهد الشعري العربي الآن؟

لو لاحظنا في الآونة الأخيرة، وتحديدا في العشر سنوات الماضية أن هناك عودة كبيرة للشعر والشعراء الشباب، فلدينا مثلا في مهرجان ربيع الشعر العربي الذي نقيمه سنويا عشرات الشعراء الجدد، وفي الوطن العربي مئات الإصدارات الشعرية وحتى برامج مسابقات على بعض الفضائيات التي أبرزت مواهب جديدة ومتميزة.

4 هل تعتقد بأن الشعر الحديث استطاع أن يجدد الشعرية العربية أم إنه مجرد استنساخ للشعر الأوروبي لا يمكن أن تستوعبه الثقافة العربية؟

لفت نظري أخيرا أن هناك عودة كبيرة للشعر العمودي والتفعيلة أو الموزون بشكل عام، من قبل الشباب، وهذا يعني فقدان الأمل من قبل التجارب الأخرى للوصول إلى الجمهور بالقدرة نفسها التي تصل فيها القصيدة الموزونة ذات الإيقاع المحرك للشعور، ولكن في النهاية الثقافة العربية وعاء كبير بإمكانها استيعاب كل التجارب شرط أن تسمى الأجناس الأدبية بمسمياتها، وأنا لا أصادر حق أحد في التجريب، ولكن أريد التأكيد على مكانة الشعر بالصيغة التي وجد عليها.

5 هل تتفق مع الرأي القائل بأن الثقافة والفن في الكويت تراجع تأثيرها ومستواها؟

الثقافة في الكويت لا تزال رائدة، ودعني أعطك مثالا حتى لا يبقى الكلام مجرد تنظير، يوجد عدد من المؤسسات الثقافية قد لا يوجد مثلها في أماكن أخرى، فهناك مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وهناك المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ودار سعاد الصباح ومكتبة البابطين المركزية للشعر العربي إلى جانب المكتبة الوطنية طبعا، وغيرها، وجميع هذه المؤسسات تمنح جوائز قيّمة ورفيعة ليس فقط للكويتيين بل ولمبدعين من خارجها، لذلك لا أظن أن هناك تراجعا بل ربما أن العالم اليوم بما يحمله من اضطرابات شغل أنظار الناس لبعض الوقت عن هذه الحركة الثقافية كما هو حاصل في العالم أجمع.

6 هل تعتقد أن الجوائز الشعرية في أنحاء الوطن العربي استطاعت أن تقدم شريحة مميزة من الشعراء الشباب الجدد؟

هذا الأمر يتبع مصداقية وأخلاقية الجهة المانحة للجوائز، فإذا تحلت بالموضوعية والإنصاف والدقة العلمية من خلال لجان متخصصة وعلمية، فالأكيد أن هذه الجوائز سوف ترفد المشهد الشعري بالنخبة الشعرية الشبابية، وحتى الآن أرى أن هذه الجهات قدمت للساحة شعراء على درجة من التميز.

7 لماذا أصبح صوت الرصاص ولون الدم أكثر بروزا من الثقافة في عالمنا العربي؟

ليس هذا فقط ما أخشاه، بل الذي أخشاه هو أن يتحول الرصاص إلى «ثقافة شعوب»، فمن المؤسف أننا أصبحنا نتآلف مع مشاهد القتل لدرجة أنه يكاد يصبح اعتياديا للكثير من الناس، والذي أدى إلى هذا هو تكرار المشهد بالمئات يوميا، وهنا نعود لنقطة البداية التي بدأت بها هذا الحوار عن أهمية الثقافة في إسكات صوت الرصاص بين الشعوب وإعلاء دور الكلمة، وهو أمر ليس مستحيلا يحتاج إلى عودة المثقف إلى دوره في صنع القرار.