فاتن محمد حسين

التحول الوطني 2020م والسياحة الدينية بمكة المكرمة

الثلاثاء - 26 يوليو 2016

Tue - 26 Jul 2016

لقد أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد -حفظه الله - رؤية المملكة 2030م ثم لم يلبث أن أعلن عن التحول الوطني 2020م والذي بدأت أولى خطواته بإعلان مبادرة التطوير التي قدمها 13 وزيرا في إطار المرحلة الأولى للتحول الوطني والتي شملت 500 مبادرة و24 جهة مشاركة؛ هي بمثابة وثائق وشهادات تاريخية للعالم وللوطن لتحقيق التغيير الاستراتيجي الذي ننشده.

ولعل أهم تلك المبادرات والتي يعطي لها العالم الإسلامي جل اهتمامه هي مبادرات (الحج والعمرة) حيث إن حكام هذه البلاد لا يتوانون عن تقديم الغالي والنفيس لقاصدي قبلة الإسلام، ومسجد رسول الله.

وبناء على مبادرة التحول الوطني فإن الاهتمام بمشروعات البنى التحتية لمكة المكرمة - وكما أسلفت سابقا بتاريخ الأربعاء 8/‏10/‏1437هـ - أمر في غاية الأهمية؛ من تسريع لتشغيل قطار الحرمين ومترو الأنفاق، ونظافة الطرقات وتوفير المياه في المواضئ ودورات المياه، لمواجهة زيادة أعداد المعتمرين إلى 15 مليونا في كل عام.. وكل ما يتعلق بسلامة الغذاء والبيئة والمواصلات وبالكفاءة والجودة العالمية.

وسأتحدث اليوم عن عناصر أخرى هامة في البنى التحتية في المشاعر المقدسة وهي: دورات المياه والمواضئ.. فما هو موجود حاليا في مشعري منى وعرفات لا يتناسب مع زيادة الأعداد، وكثيرا ما نرى طوابير الحجاج وبالمئات على دورات المياه وتحت الشمس الحارقة، فضلا عما يحدث أحيانا من انقطاع للمياه مما يجعل الحجاج يمسكون بتلابيب (المطوف الغلبان) ظنا منهم أنه المسؤول عن ذلك ولا يعلمون أنه لا ناقة له ولا جمل في ذلك وإنما جهات أخرى تلقي بالحمل على غيرها لتتنصل من المسؤولية وهو تماما ما يحدث عند انقطاع الكهرباء أو أعطال في التكييف أو غير ذلك..!!

كما أن (مشعر المزدلفة) يفتقر تماما لبنى تحتية تتناسب للأعداد المتزايدة من الحجاج فما هو موجود حاليا لا يكفي ولا لنسبة 20% من الحجاج مع أن المبيت بمزدلفة واجب، وهو شعيرة من شعائر الحج..! وممكن أن نجعل من مزدلفة موردا اقتصاديا عاليا بوضع فرص استثمارية وشركات مساهمة في بناء مدينة متكاملة يتوافر فيها المطاعم السريعة والبقالات ودورات المياه حتى ولو بأسعار رمزية على غرار دورات المياه في المدن المتقدمة. وكذلك مواقف للحافلات وغير ذلك.. حيث إن من الأهداف الخاصة للتحول الوطني: «إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء وتعزيز توافقاتهم باقتصادنا ودعم الشراكات الوطنية».

كما أن إنشاء (قرية عالمية في مكة المكرمة) تكون موردا للسياحة ما زال من أضغاث الأحلام ولم يتحول بعد إلى حقيقة! وأقترح أن تكون هناك شركة عالمية على غرار شركة (ديزني لاند) في إنشاء هذه القرية وتتبناها شركات من القطاع الخاص، وتكون ممثلة لكل تراث الشعوب الإسلامية وحضارتهم.

بل أن يخصص أكبر جزء منها لبناء مكة المكرمة حسب الحقبة التاريخية للرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين: مكة بأسواقها وأزقتها ومساجدها القديمة ودور الصحابة رضوان الله عليهم والبساتين التاريخية بما فيه بيت السيدة خديجة، وبيت أم هانئ، ومكان ولادة الرسول صل الله عليه وسلم.. ودار الأرقم.. وغيرها من المعالم. فهي مورد اقتصادي وسياحي لا ينضب معينه خاصة إذا أقيمت على مستوى عال من التقنيات والفنيات الصوتية والضوئية. مع الاهتمام بإنشاء مواطن جذب سياحي في منطقة جبل النور وغار حراء وغار ثور وتزويدهما بالتسهيلات والتقنيات اللازمة.

ومن يظن أن ذلك مدعاة لنشر البدع فإن هذا الكلام مردود عليه لأن الوسائل التقنية لا بد أن تشمل توعية للحجاج والمعتمرين وبكافة اللغات بعدم جواز ذلك وأنها ليست سوى أماكن للتعرف على هذا الدين العظيم الذي أسس حضارة قامت عليها البشرية في نهضتها وتقدمها.

كما لا زلنا نتساءل عن الأرض التي منحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله - إلى أهالي مكة لتكون مقرا ترفيهيا لهم.. أين هي؟! فلم نسمع عن إقامة أي مشروع ترفيهي سياحي عليها!!

بتلك المعطيات السياحية نحقق التحول الوطني الذي يقود للرؤية 2030م. حيث إن الهدف (الزيادة في الإيرادات من 80 مليونا إلى 190 مليارا للحج والعمرة) يتطلب خطة تشغيلية وتنفيذية مقننة لتطوير مدن الحج وإنعاش الحركة الاقتصادية بها.