عبدالرزاق سعيد حسنين

رضا العميل..أولا!

مكيون
مكيون

السبت - 16 يوليو 2016

Sat - 16 Jul 2016

اطلعت على مقال أستاذ صحافة عكاظ/‏‏ خالد السليمان ليوم الثلاثاء السابع من شوال لزاويته الجهات الخمس في العدد 18217، بعنوان (الاعتذار للمستهلك)، الذي يسرد فيه قصته مع شركة تأجير السيارات بمطار إحدى الولايات الأمريكية، وما فاجأه من احترام وتقدير، والتعويض الفوري عن تأخرهم في تسليمه السيارة المحددة سلفا، بل وتعويضه بأخرى ذات الفئة الأرقى.

والجميل في الواقعة أن يحدث ذلك دون سابق شكوى منه، على اعتبار أنه ومن وجهة نظري ولثقافته العربية الموروثة، يعتقد أن لا جدوى من الشكوى، ولم يخطر بباله أن العميل أو المستهلك في تلك الدول، يعي جيدا ما له من حقوق، وبالتالي ما عليه من حقوق تجاه السلعة أو التاجر أيا كان مستواه الاجتماعي.

وما شدني للكتابة عن الموضوع نفسه، أن كنت برفقة العائلة في إحدى الدول الخليجية، وكعادة السائح السعودي حرصت على الاستئجار المسبق لسيارة من الفئة A، وبالطبع موديل العام الحالي، وبمجرد خروجي من صالة المطار، وجدت مندوب الشركة يستقبلني بحفاوة ويسلمني مفتاح السيارة دون تعطيل، وما لفت انتباهي أن السيارة كانت من الفئة الأرقى درجة، وبثقافتي العربية خاطبته بلهجة الرفض لأي زيادة في الإيجار، باعتبار أنني لم أطلب تلك الفئة العالية الثمن، فما كان من مندوب الشركة إلا أن بادر بالاعتذار مبتسما عن عدم تحقيقهم طلبي، بل ويبادلونني الاحترام بسيارة أرقى وبنفس قيمة إيجار الفئة الأقل، حرصا منهم على رضا الزبون الذي يعتبرونه رأسمالهم الحالي والمستقبلي.

ولم تنته المفاجآت هنا، إذ صادفتنا بعد يومين أمطار غزيرة لم تشهدها تلك الإمارة منذ سنوات، وفي تجوالنا المعتاد، صادفنا تجمع لمياه أمطار ندر أن تحدث في تلك الإمارة الخليجية، لحرصهم على تنفيذ مشاريع البنية التحتية لتصريف السيول من قبل شركات عالمية تحرص أيضا على رضا العميل، وفي تلك الجولة ومن لطف الله تعالى أن تعطلت السيارة بالقرب من الفندق، وتم فعلا الاتصال بشركة الإيجار وإبلاغهم بالحالة، وهنا بيت القصيد، إذ توقعت منهم أن أسمع عبارات التوبيخ وتحمل مسؤولية تعطيل السيارة الفارهة، بل ودراسة الحالة لتحديد مقدار ضررها والقيمة التقديرية للإصلاح، وتحديد موعد الكشف وحضور الفني المختص خلال خمسة عشر يوما، ونسبة الضرر الذي سأتحمله، وغير ذلك من الإجراءات التي توقعتها، لما أحمله من ثقافة موروثة عن شركات التأمين، ومماطلاتها التي أصبحت وأمست مألوفة، رغم تنامي قيمة التأمين المتسارع في السنوات الأخيرة.

ورغم أن الوقت متأخر من الليل، خاطبني على الهاتف مندوب شركة التأجير، وكأنني في حلم وردي اللون، بعبارات مجملها الاعتذار باعتبار أن الساعة متأخرة، مردفا القول بما أزاح عني تلك الأوهام والتوقعات المألوفة، بل الموروثة في ثقافتي المعلوماتية عن شركات التأمين، إذ بادر بالاعتذار عن العطل والوعد بإحضار سيارة أخرى، بدلا عن تلك التي تعطلت، إلى مقر الفندق الذي أسكنه، مع بزوغ شمس اليوم التالي.

ولا غرابة أن بعد كل ذلك التعامل الراقي أن أزيد من الشعر بيتا من الغزل، في حرص تلك الشركات على رضا الزبون أو العميل، إذ تم خصم جزء من قيمة الإيجار عن الساعات التي تعطلت فيها السيارة الفارهة، والسؤال الذي أتوجه به لشركات التأمين المعنية، أليست لوائح التأمين واشتراطاتها دولية ملزمة التنفيذ وبلا اعتبارات جغرافية، أم إن بعض تلك الشركات لا يزال يقلب في صفحات المطبوعات القديمة؟

وقد يكون لجهلنا بالثقافة الحقوقية المتعلقة بالتأمين دور تستفيد منه تلك الشركات، إذ تعودنا أن نمضي عقد التأمين دون أن نقرأ بنوده وما بين السطور، لفرحتنا باستلام السيارة ولوحاتها، وهنا يأتي دورنا لنشر الثقافة المجتمعية العامة، والحث على القراءة باعتبار أننا أمة اقرأ.