من اعتدل طعامه حسن قوامه

تفاعل
تفاعل

الاحد - 26 يونيو 2016

Sun - 26 Jun 2016

في القرن الـ20 كنا نتداول العبارة «البطنة تذهب الفطنة»، وكنا نفهمها على أنها تصف شخصا سمينا، وأنه مرشح للانضمام لفئة بطيئي التعلم وقاصري الذهن.

ومؤخرا صرنا نسمع عن لفظة «البدانة»، بل ونشاهد تكاثرها منذ نعومة الأظفار وسن الصغار، وهذا أمر محزن، ويلزم تلافي تفشيه في المجتمع.

فإن السمنة (البطنة، البدانة) دخلت باب ساحة غير مستقرة، وتحولت الحالة من الاستثناء إلى الكثرة، ومن الاعتناء بالقوام والهندام إلى ظاهرة جسدية متمثلة في قميء المنظر، ومأسوف الأسقام.

تكاثرت حالات البطنة (السمنة) في وتيرة متزايدة، وتعددت المشاكل الصحية الناتجة، حتى وصلت إلى 11خللا صحيا ذا علاقة بالسمنة، بما يشمل مرض السكري، آلام المفاصل، الكوليسترول، هشاشة العظام، ضغط الدم، ضيق التنفس، «عناءات» الأسنان، اختلالات البصر، أمراض القلب، وحالات التجلط والإجهاد والإعياء.

ومع أن كلمة وفكرة «الرجيم» قد انتشرت منذ فترة ليست وجيزة، وخاصة مع استخدام هذه اللفظة الفرنسية، وهي في الواقع تعادل كلمتنا في العربية منذ آلاف السنين «الحمية»، إلا أنه لا يزال يلاحظ موقف الناس تجاهها على أنها اسم لحالة استثنائية، وكأن الحمية مطلوبة فقط عند حدوث خلل صحي عارض، كما في حالة إجراء عملية جراحية، أو اختلال توازن معين، خاصة عندما يضطر الطبيب ليأمر مريضه باتباع هذا واجتناب ذاك، فتكون فكرة الحمية وقتها علاجا مؤقتا!

لكن الأوان قد آن لتبني الحمية كشيء أساسي، وكسلوك شخصي وكنمط حياة، وليس فقط كحالة آنية مؤقتة، ولا كعلاج مرتبط بعلة معينة، بل يلزم تبنيها بانتظام في الحياة اليومية بعامة، وفي مجال تحاشي السمنة والتعامل مع الطعام، وحينما نقصد الصحة ونأمل حسن القوام.

ولتجدن نمط ساعات العمل التقليدية في هيكلية الدوام، في المجال العام، بما لا يسهل الانتظام والالتزام، بل تجده يساهم بقلة الالتزام بحمية أو رجيم.

فافتراض دوام في 7ساعات مشكوك أصلا في تنفيذه، بداية ونهاية، من صباح باكر 7:30، إلى ما بعد الظهر 2:30، مع عدم تجهيز فاصل رسمي موحد لقهوة أو نحوها، صار يدفع موظفينا عبر السنين لتناول الشاي وصواحبه على مدار الدوام، وبكمياته وبسكرياته.

ثم تجد الموظف يعود للبيت لتناول وجبة الغداء في وقت متأخر، فيجمع بين التهام الطعام «دردبا»، والشراب «سرسبا»، ثم يتبعه بالنوم قبل مضي وقت كاف للهضم.

ويلزمنا مراجعة حياتنا وأسلوب تعاملنا مع الأكل، ففي الغالب الأعم تجدنا نميل إلى النشويات ونحبذ الأرز، وخاصة ما كان دسما، والمقليات، وخاصة ما كان «مقرمشا»، والحلويات، وخاصة ما كان «مشيرا». وفي نفس الوقت ترانا نلمس السلطة لمسا مترفعا، ونقتصر على ذواقة الخضراوات تذوقا، فتأتي الوجبة مختلة التوازن، مفرطة السعرات، وبما يجعل الدم معمرا بالدهنيات!

ولقد صعقت أن شاهدت ذات مرة تقديم وعاء عميق (كروانة) من الأرز وعليه رشات من الدهن أضافت إليه لونا أصفر، وكان على السطح نصف دجاجة فقط. وقد يجد الزبون على الطاولة قارورة شطة، لعلها للتحديق، وكبديل للسلطة! فأنى لقوام مثل هذا أن يترشق؟

فالإفراط في المأكل والمشرب لا يترك للتغذية المفيدة بابا، ولا للقوام القويم محفزا وأسبابا.

وإفراط كهذا لا يكون مآله إلا إلى التخمة والبدانة والقوام غير اللائق، ويلحقهما ويصاحبهما عدد من الأمراض كالسكري، والسرطان، وأمراض القلب.

فيحسن الشروع بجد واجتهاد في تبني أسلوب حياة يومية متوازنة تبعد الأسقام وترعى نعمة الصحة في الأجسام، وذلك بتوازن يجمع بين تحقيق اللذة والمتعة في الأكل، مع الشعور المتجدد الجميل بعد الانتهاء من حركات رياضية يومية منعشة ومسلية في آن.

فمقترحي ألا تمنع نفسك أو تمتنع متحسرا عن تناول طعام معين يكثر إعجابك به أو رغبتك فيه، ولكن خذ منه لقمات وقضمات، وشريحة في لقيمات، ثم عوض وشيكا عن ذلك بأداء نشاط حركي، ولا تبخل في زيادته، بل ولا تتقاعس عن مضاعفته!

بالتالي، وفي مضمار توازن كهذا ثمة قاعدة أقترحها خلال الأحوال العادية، في غير الظروف العلاجية، وأود مشاركتك إياها هنا:

كل ما يعجبك وقلل

ثم تريض و(دبل)!