محمد العقلا

القوة الناعمة

الاحد - 29 مايو 2016

Sun - 29 May 2016

‏وأقصد بالقوة الناعمة طلاب المنح الدراسية في جامعاتنا السعودية، وكانت التجربة ناجحة للغاية حيث خصصت الجامعات السعودية منذ نشأتها مقاعد دراسية لبعض الطلاب والطالبات من مختلف أرجاء المعمورة، بل وأكثر من ذلك تم إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1381هـ وتم تخصيص %85 ‏من إجمالي القبول للطلاب الوافدين، وتخرج في هذه الجامعة منذ نشأتها وإلى يومنا هذا أكثر من خمسين ألف خريج انتشروا في مشارق الأرض ومغاربها للدعوة إلى الله وأيضا لتعليم أبناء المسلمين، بل ووصل عدد منهم إلى مناصب قيادية في بلدانهم مثل الوزارات والسفارات ودور الإفتاء والقضاء وغير ذلك من المناصب الهامة.

ولم ينس هؤلاء الخريجون سواء من الجامعة الإسلامية أو باقي جامعات المملكة مثل الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأم القرى والملك سعود والملك عبدالعزيز وغيرها‏ ما قدمته المملكة لهم من دعم ورعاية وتعليم مجاني ومكافآت نقدية وعينية ‏قلما يوجد لها مثيل في دول العالم ‏الأخرى، وكانت لهم جهود كبيرة في الدفاع عن المملكة، وشرح وجهة نظرها في كثير من المواقف والقضايا الهامة ولا ننسى في هذا المقام ‏دورهم ‏الفاعل أثناء احتلال العراق للكويت بشرح موقف المملكة من استدعاء القوات الأجنبية لتحرير الكويت والدفاع عن المملكة أمام الحشود العراقية، لا سيما أن كثيرا منهم عادوا أساتذة في جامعاتهم ولا يخفى على الجميع مدى تأثر طلاب ‏الجامعات في تلك الدول بكثير من الأفكار المنحرفة وغير السليمة، وقام هؤلاء الخريجون بتوضيح الحقائق لهم، وبيان الدور الرائد الذي تقوم به المملكة في خدمة القضايا العربية والإسلامية، ‏وفي دعم اقتصاديات الدول العربية والإسلامية وكانوا خير سفراء للمملكة، وقد أشار شاعر الجامعة الإسلامية الطالب السنغالي محمد أبوبكر صو إلى ذلك في قصيدته العصماء التي ألقاها أمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أثناء زيارته للجامعة الإسلامية عام 1432هـ عندما كان ـ أميرا لمنطقة الرياض ـ ، ولاقت استحسان الحضور وإعجابهم وقد اخترت من قصيدته بعض الأبيات ومنها:

خَدَمْتُمُو عَالمَ الإسْلاَمِ.. دَعْمُكُمُو

للدين زال به جهل وطغيان

هَذِي الْمَجَامِعُ بَلْ هَذِي الْجَوَامِعُ بَلْ

فِي جَامِعَاتِ الْهُدَى، لِلدَّعْمِ برهان

فِي الشَّرْقِ فِي الْغَرْبِ.. فِي أَنحاءِ عَالمَنِاَ

قَدْ نَالَ مِنْ دَعْمِكُمْ بِيضٌ وَسُودَانُ

هَا نَحْنُ مِنْ دَعْمِكُمْ نَحْظَى بِمَعْرِفَة

وَنَنْثَنِي، وَلَنَا مِنْ بَعْدِ ذاَ.. شَانُ

نَدْعُو إِلَى الله بِالْحُسْنَى.. فَيَلْحَقُكُمْ

أَجْرٌ مِنَ الله، وَالرَّحْمَانُ دَيَّانُ

لا ترسلوا سفراء في مواطننا

فِي ذَاكَ جُهْدٌ وَتَكْلِيفٌ.. وَأَثْمَانُ

نَحْنُ الَّذِينَ لَدَى الدُّنْيَا نُمَثِّلُكُمْ..

وَنَحْنُ فِي ذاَكَ أَبْطَالٌ وَفُرْسَانُ

تَرَوْنَ مِنَّا وَفَاء لاَ مَثِيلَ لَهُ

فَالْمُسْلِمُونَ عُهُودَ الْحَقِّ.. قَدْ صَانُوا..

‏ولاستمرار هذه الرعاية ‏بهؤلاء الطلاب فقد صدرت التوجيهات الكريمة بأن تخصص كل الجامعة 5% من مقاعدها الدراسية للطلاب غير السعوديين، ومع ذلك فإن الملاحظ انشغال تلك الجامعات عن ‏هذا الأمر، ويتبين ذلك بعدم إرسال لجان لاختيار الموهوبين من أبناء وبنات العالم الإسلامي وتبنيهم والتوسع في ذلك فهم خير سفراء لبلادنا الغالية، وكنت أتمنى لو تضمنت رؤية المملكة 2030 لهذا الجانب وأولته اهتماما إضافيا، حيث ركزت الرؤية على مواصلة الاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد أبنائنا بالمعارف ‏والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل.

وهذا الأمر يمكن استدراكه بإذن الله. والله الهادي إلى سواء السبيل.

[email protected]