أنقرة تخوض حرب استنزاف مع داعش

السبت - 28 مايو 2016

Sat - 28 May 2016

u0645u0634u0647u062f u0639u0627u0645 u0644u0645u062fu064au0646u0629 u0643u064au0644u064au0633 u0627u0644u062au0631u0643u064au0629 u0627u0644u062du062fu0648u062fu064au0629                                                                                              (u0631u0648u064au062au0631u0632)
مشهد عام لمدينة كيليس التركية الحدودية (رويترز)
وصل عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا في تركيا نتيجة الهجمات الصاروخية التي شنها داعش أخيرا رقما مزدوجا.

ومنذ يناير، استهدف نحو 70 هجوما من هذه الهجمات العابرة للحدود الأراضي التركية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصا، وإلحاق أضرار نفسية جسيمة، وتعطيل الحياة اليومية في مدينة كيليس الحدودية إلى حد كبير.

وبالتالي، تجد أنقرة نفسها الآن منزلقة في حرب استنزاف غير محددة وتبذل جهودا من أجل طمأنة الجمهور الذي يعاني بالفعل من الهجمات الإرهابية الكبيرة التي يشنها التنظيم في إسطنبول وأنقرة.

ووفقا لتقرير صادر عن معهد واشنطن، فإنها بحاجة إلى التحلي بمزيد من القدرات لتغيير قواعد اللعبة على الصعيدين الدفاعي والهجومي لمواجهة تهديد الصواريخ الملح.



قدرات صواريخ داعش



تعد منظومات الإطلاق المتعددة لصواريخ كاتيوشا هدية رديئة السمعة من المجمع الصناعي العسكري السوفيتي للكثير من ساحات المعارك المعاصرة، بشكل يشابه إلى حد كبير بندقيات «إيه كيه-47».

ففي أواخر أربعينات القرن الماضي، بدأ العمل على تطوير أشكال متعددة للكاتيوشا أصبحت تستخدم غالبا اليوم، وهي «بي إم-21 جراد» عيار 122 ملم البديل لنموذجي 82 ملم و132 ملم واللذين لعبا دورا هاما خلال الحرب العالمية الثانية.

يذكر أنه يمكن للكاتيوشا أن تحمل مجموعة متنوعة من الرؤوس الحربية مثل الأجهزة المتشظية الشديدة الانفجار وقنابل الدخان والقنابل العنقودية، وحتى الألغام المضادة للدبابات، وبشكل عام، يبلغ مداها العملياتي نحو 20 كلم.

وقد حصل داعش على غالبية ترسانته من صواريخ الكاتيوشا من خلال استيلائه على هذه الأنظمة من القوات الحكومية في سوريا والعراق، على الرغم من أنه يمتلك أيضا خط تعديل وإنتاج مزدهر خاص به.

ويستند هذا المنطق التكتيكي الكامن وراء حملة الصواريخ قصيرة المدى التي يشنها التنظيم ضد تركيا على تنقلية القوة النارية وتركيزها.

كما أن الصواريخ ذاتها تتمتع بإشارات منخفضة نسبيا، بحيث يصعب كشف عمليات الإطلاق، حتى إنه يمكن أن يتم إطلاق الكاتيوشا من قاذفات مجهزة تسير على سكك حديدية مع جهاز توقيت، بحيث لا تشمل العملية أي فريق إطلاق.



تهديدات كيميائية وحرارية



على الرغم من أن تهديد الصواريخ التقليدية يتسبب بالفعل بمشكلات ضخمة، إلا أن أنقرة لم تواجه بعد أسوأ السيناريوهات.

أولا: لا ينبغي التقليل من خطر استخدام داعش للصواريخ التي تحمل رؤوسا كيميائية، إذ تم تصميم بعض تشكيلات الرؤوس الحربية لصاروخ «بي إم-21 جراد» خاصة لتوفير غازي الأعصاب «في إكس» و «السارين»، وكذلك سيانيد الهيدروجين، كما وأنه من المسلم به إلى حد كبير أن اتفاق نزع الأسلحة الكيميائية ما بين واشنطن ودمشق لم يحقق هدفه، إذ إن جزءا من الترسانة الكيميائية لنظام الأسد لا يزال سليما، وقد سبق أن أثبت داعش أنه يطرح تهديدا ملموسا بالأسلحة الكيميائية من خلال استيلائه على مخزون الكلور في سوريا وغاز الخردل في العراق.

ثانيا: إذا كان داعش قادرا بطريقة أو بأخرى على الاستيلاء على الرؤوس الحربية الحرارية في سوريا، فإن عدد الضحايا في تركيا يمكن أن يزداد إلى حد كبير. فالقنابل الفراغية تعمل بطريقة مختلفة جدا عن الرؤوس الحربية التقليدية شديدة الانفجار.

وهذه الأسلحة الوقودية تسبب أضرارا قاتلة من خلال سحب الأكسجين من المنطقة المستهدفة، مما تحدث حرق قوي وضغط زائد مكثف.



كيفية مواجهة التهديد الصاروخي



من وجهة نظر عسكرية، تحتاج تركيا إلى مزيج جيد من القدرات الهجومية والدفاعية لمواجهة إطلاق الصواريخ من قبل تنظيم داعش وردعه من القيام بذلك، فحماية القوات العسكرية والسكان المدنيين من القذائف قصيرة المدى يتطلب رد فعل ممتاز في الوقت المحدد فضلا عن قدرات قوية في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. وتحتاج أنقرة أيضا إلى تعزيز قدراتها الهجومية بصورة أفضل، إذ إن منع الهجمات الصاروخية التي يشنها داعش يستلزم نهجا بسيطا ولكنه يتطلب الكثير في مرحلتين.

أولا: يجب على القوات التركية أن تستهدف بشكل استباقي تشكيلات محددة تابعة للتنظيم ضمن مدى الصواريخ، الأمر الذي قد يشكل تحديا نظرا إلى الوجود المرجح لوحدات صغيرة مع عدد قليل من الصواريخ.

ثانيا: يجب على هذه القوات أن تعمل على إخراج جميع عناصر التنظيم من منطقة الخطر بشكل دائم.



تركيا تحتاج إلى شركاء



التطورات الأخيرة في الحرب في سوريا أظهرت من جديد لأنقرة قيمة التحالف الاستراتيجي التركي - الأمريكي.

ففي ظل غياب رادع جوي تركي فوق سوريا، كانت الطائرات الأمريكية المسلحة من طراز «إي-10» و« إم كيو-1 بريداتور» من دون طيار تقلع من قاعدة إنجرليك الجوية لضرب أهداف داعش عبر الحدود، كما تنشر الولايات المتحدة منظومات صواريخ مدفعية ذات قدرة عالية على الحركة من طراز هيمارس في تركيا للرد على هذا التهديد.

وسواء اعتمدت أنقرة على الشركاء الأجانب أو على عمليات البحث والتطوير المحلية أو على مزيج من الاثنين، تحتاج أنقرة إلى الرد بسرعة على التحدي الإرهابي الذي يتحول من صراع غير كثيف إلى تهديدات بخوض حرب هجينة، فخصوم تركيا من غير الدول يعملون على تحسين قدراتهم بمنظومات صواريخ متحركة وصواريخ موجهة مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي محمولة على الكتف.

وفي ظل هذه الظروف، فإن عمليات التكيف الاستراتيجي مع البيئة الأمنية الجديدة وتنفيذ التغييرات المطلوبة في القوات المسلحة التركية هي أمور في غاية الأهمية.