فراس الحربي

نقاهة رقمية!

الخميس - 12 مايو 2016

Thu - 12 May 2016

ذات يوم قررت أن أبتعد عن العمل، أخلفت مواعيدي ومنحت نفسي إجازة استثنائية لأعيد توازني وأصفي ذهني، ولكن إجازتي انقضت دون أدنى شعور بالنقاهة، لم؟ رغم أنني تفرغت لمشاهدة العربية صباحا وقراءة صحيفة مكة بتمعن وأنا أتناول قهوتي الصباحية! أتصفح تويتر وغيره من برامج التواصل الاجتماعي خاصة! التي شغلت حيزا من تفرغي لنفسي، هناك خلل، لم أشعر بإجازتي!

وكلت أمري إلى الله وعدت لممارسة عملي، أراجع القضايا وتارة أخرى أهرول حتى أصل للجلسة مبكرا رغم عنائي بالبحث عن أي متسع بجوار المحكمة لأركن سيارتي، وأنا أرى أعمال مترو الرياض هناك وأتفقد بسرعة إلى أين وصل إنجاز الأعمال، ربما هانت!

انغمست في العمل تماما ونسيت أمر النقاهة، ولكن أمرا ما يحدث! رغم ضغط الأعمال إلا أنني أشعر بالراحة، لم ألتفت لشاشة الجوال منذ فترة، لم أهتم بأمر التكنولوجيا أو حتى أطلع على آخر صراعات وسائل التواصل الاجتماعي، وأدركت بأنني أحتاج لنقاهة من تلك البرامج التي أعادت تشكيل الساحات وافتعلت الخلافات وأججت الصراع الفكري على مستوى العالم، تشعر للحظة أن الجميع في صراع واختلاف وتوتر وتبادل للتهم إما عنجهية أو عنصرية وو..إلخ، رغم أن هناك أراء ناضجة وعلمية وتسعى لتبادل معرفي واسع، إلا أن الحياة بعيدا عن ذلك الصخب الرقمي لها قيمة، النفوس راضية والقلوب صافية، بساطة دون تكلف كالذي نراه ليوثق أحدهم كوب القهوة في صورة مخملية، تعكس واقعا آخر لا وجود له.

مجاراة التطور ضرورة ولغة جديدة نحتاجها لمواكبة المحيط، ولكن بحدود نضعها وفترات تفصلنا بين الحين والآخر، ليستعيد الإنسان الرقمي قدرته على المواصلة.