عمر طلال بافقيه

هل تعلم القطاعات الحكومية بمكتبة الأبحاث الرقمية؟

الاحد - 01 مايو 2016

Sun - 01 May 2016

مخرجات الابتعاث والقطاعات الحكومية والخاصة في موضوعي هذا الذي أطرحه بين أيديكم والذي يتطرق إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، لن أتحدث عن أهمية هذا البرنامج العظيم والذي لن أكون مبالغا إن قلت إنه واحد من أفضل بل أكبر الاستثمارات التي قامت بها الدولة حفظها الله، فلا يخفى على عاقل أنه لا خسارة في العلم، فجميع الدول المتقدمة والرائدة لم تصل إلى هذا المستوى إلا عن طريق العلم وتسليح أبنائها بالمعرفة، ولا أعتقد أن هناك من يخالف هذا الرأي لذلك لن أتطرق لهذه النقطة.

الملحقيات الثقافية ممثلة لوزارة التعليم في دول الابتعاث تقوم بعمل رائع حينما تجعل شرطا من شروط التخرج وإغلاق الملفات في الملحقية والمصادقة على شهادة التخرج، خصوصا لطلاب الدراسات العليا، أن يقوموا برفع أبحاثهم المتعلقة بدرجتهم العلمية على المكتبة الرقمية السعودية، بحيث تكون متاحة للجميع وتكون رافدا من روافد العلم يستقي منه كل مهتم.

فالفائدة من هذا الأمر أن جميع الطلاب المبتعثين بمختلف تخصصاتهم وأبحاثهم يشاركون ثمرة رحلتهم العلمية وآخر ما توصل إليه العلم في هذا المجال أو ذاك في تلك الدول التي ابتعثوا إليها.

ومثل هذه المكتبة الرقمية أمر متعارف عليه في أغلب الدول تقريبا، فمثلا من المكتبات الرقمية Ohiiolink فهذه المكتبة تشمل كتبا وأبحاثا في مجالات مختلفة، وكثير من الجامعات شرط من شروط إنهاء متطلبات التخرج هو أن يقوم الطالب برفع بحث التخرج الخاص به على هذه المكتبة الالكترونية، فزكاة العلم نشره، وكون وزارة التعليم أقرت ذات المنهج فهي خطوة تستحق عليها الشكر الجزيل.

لكن السؤال الفعلي الذي يتبادر دائما إلى ذهني هو هل القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة على علم ودراية بهذه المكتبة الالكترونية؟ هل هذه المنشآت تعلم أنها بمجرد البحث في هذه المكتبة الالكترونية قد تجد أن هناك ابنا من أبناء هذه المملكة العظيمة قد قام ببحث أو وصل إلى نتيجة قد تفيد هذا القطاع أو ذاك في حل مشكلة معينة أو تطوير منتج ما أو تطوير خدمة معينة؟

إن كانت هذه القطاعات على علم فهذا أمر جميل، وإن لم تكن على علم فهنا يجب أن نطرح السؤال لماذا؟. فهم ليسوا على علم ودراية بسبب فقد المعلومة أو بسبب ضعف التواصل بينهم وبين وزارة التعليم؟ أو ضعف التواصل بين وزارة التعليم وبين هذه المنشآت؟

نسمع أن هذا القطاع أو ذاك استقدم مستشارين من هذه الدولة أو تلك وصرفت الأموال والملايين من أجل الحصول على استشارة لتطوير خدمة أو منتج أو استحداث منتج أو حل مشكلة معينة، بينما بعض من أبنائنا الخريجين قد كان بحثه لدرجة الماجستير أو الدكتوراه يتعلق بهذا الموضوع الذي استقدمت تلك المنشأة وجلبت الخبراء من أجله من الخارج، لكن لا يتم التواصل مع ابن البلد والذي قضى أعواما يعمل على بحثه والذي حصل بموجبه على الدرجة العلمية.

سأطرح هنا مثلا، زميل لي الدكتور أحمد بكر خشيم أستاذ مساعد بجامعة أم القرى كلية الهندسة قسم الهندسة الميكانيكية، حاصل على درجة الدكتوراه في هندسة الإنتاج وهو نفس التخصص الذي أعمل عليه رسالتي لدرجة الدكتوراه، وكان مشرفه وهو نفس مشرفي الدراسي أيضا، ويعد واحدا من أشهر الباحثين في مجاله في الولايات المتحدة الأمريكية وهو Ioan.Marinescu .

كانت رسالة الدكتور خشيم تهتم بتطبيق تقنية جديدة للتعامل مع «SiC» وهي واحدة من مواد السيراميك Ceramics materials، والمتخصصون يعلمون مدى صعوبة وكلفة التعامل مع هذه المواد، وذات التقنية أطبقها في بحثي على مادة «Sapphire»، ومواد السيراميك هذه تستخدم في صناعات كثيرة مثل الصناعات العسكرية، الطيران، البصريات...الخ، والدكتور خشيم ربما يكون المتخصص الوحيد في المملكة العربية السعودية في هذه التقنية حاليا.

استخدمت الدكتور أحمد خشيم فقط كمثال لأشخاص قاموا بعمل أبحاث تعتبر مهمة جدا في مجالهم ولكن لم يستفد منهم، فسؤالي لماذا لا يستفاد من مخرجات الابتعاث بالشكل المطلوب ومن الأبحاث التي قاموا بها وبموجبها حصلوا على الدرجة العلمية؟ هذا سؤال أراه مهما جدا وأتصور أنه يجب أن تقف عليه وزارة التعليم ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة الاقتصاد والتخطيط وغيرها من الجهات ذات العلاقة.

فلا أتصور أبدا أن الهدف من الابتعاث هو الحصول فقط على الدرجة العلمية، وإلا لما اختار البعض أبحاثا تعتبر مهمة وتتطلب جهدا كبيرا، ولحرصوا على أن يحصلوا على الدرجة العلمية من جامعات مرموقة أو تحت إشراف أساتذة لهم وزنهم في مجالهم. ختاما أبناء هذا البلد كنز ثمين فقط يحتاج لمن يبحث عنه.