سليمان لـ "مكة" : الأزمة مع السعودية سحابة صيف ولبنان يعيش مهزلة لإبقائه بيد إيران

الاثنين - 22 فبراير 2016

Mon - 22 Feb 2016

بدا الرئيس السابق للجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان مقتنعا بأن تأزم العلاقة بين بلاده والسعودية سحابة صيف عابرة، وأن لبنان يقع في قلب وعقل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو الأمر الذي دفع بالملك إلى توقيع عقود دعم الجيش اللبناني لـ 6 سنوات مقبلة في إطار هبة الرياض، قبل أن يتم اتخاذ قرار وقفها.

لكن سليمان، أشار في سياق حديث هاتفي أجرته معه «مكة» بوضوح إلى أن لبنان يعيش مهزلة، وأن مساعي تعريته من سيادته تتوالى، مشددا على أن المستفيد من حال الفراغ الرئاسي الذي يعيشه هو أن يبقى بيد سوريا وإيران، داعيا وزراء الحكومة والذين يمثلون غالبية الكتل النيابية ـ إن كانوا عقلاء - للتوجه إلى المجلس النيابي في 2 مارس المقبل أو قبله لاختيار رئيس وإنهاء حالة الفراغ.

ولم يجد الرئيس اللبناني الأسبق أية تعليقات يمكن أن يدلي بها، على حالة التأييد السياسي الذي أبداه الدكتور سمير جعجع لترشيح الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وسببه في ذلك مقاطعة فريق الأخير لجلسة الاقتراع الماضية رغم الحصول على التأييد. وقال «يمكن أن نفهم أن جعجع مؤيد لترشيح عون، ولكن غير المفهوم أن يقاطع فريق الأخير جلسة الانتخابات».

وشدد سليمان، على أن بلاده عربية الهوية والانتماء، مستغربا من المطالبات المتكررة التي تدعو السعودية والدول العربية أن تتفهم وضعها الداخلي، دون أن يطلب من إيران أو أية دولة معنية أخرى ذلك، منتقدا حالة التردد في هذا الاتجاه.

وأقر سليمان بأن إيقاف الهبة السعودية سيكون له تأثير كبير جدا على جهوزية الجيش بالعتاد والسلاح للقيام بمهامه، لكنه أشار إلى أن العلاقات السعودية اللبنانية تتجاوز هذا الملف، فهي عبارة عن تاريخ سياسي قديم من الدعم وعروبة متأصلة، مهيبا بضرورة ضبط بوصلة السياسة اللبنانية وقال «يجب أن نكون حازمين في موقفنا ولا نترك لأي كان أن يتردد ويعمل على سياسة لبنان كيفما يريد».

1 بصفتكم رئيسا سابقا للبنان وقائدا سابقا لجيشها، ما مدى تأثير قرار قطع المساعدات السعودية على الجيش اللبناني وقوى الأمن؟

أكيد هناك تأثير كبير على جهوزية الجيش بالعتاد والسلاح للقيام بمهامه، وبخاصة أنه منذ الآن وحتى 6 سنوات يمكن أن نتصور وضعية سلاح الجيش الحالي كيف ستكون، إذا لم يعاد تجهيز الجيش سيكون الجيش في حالة ضعف، هذا لا يعني أنه فقط يجب أن يجهز الجيش من خلال الهبات، ولكن المملكة أرادت أن تعبر عن محبتها وتأييدها ودعمها للبنان بصيغته المعروفة عبر دعم الجيش، وهو ما يؤكد تعلق المملكة بلبنان بصيغته التي نص عليها في الطائف، هو تجديد ثقة بلبنان، وهذه كانت إرادة المملكة، حيث أعاد الملك سلمان توقيع العقود على مدى 6 سنوات.

هذا عن موضوع السلاح والجيش، ولكن الموضوع الأبعد منهما يتعلق بعلاقاتنا مع السعودية فلا يجب أبدا بالنسبة لي أن أربط أي موقف لبناني بتقديمات المملكة لنا أو بترحاب المملكة واستقبال اللبنانيين الذين يعملون بالمملكة والخليج، نحن لنا مع السعودية تاريخ سياسي قديم من الدعم، وهناك عروبة متأصلة.

أنت تعلم أنه في السابق كان يحصل جدال على عروبة لبنان، وكانت التساؤلات المثارة هل لبنان عربي أو ذو وجه عربي، وفي الماضي القديم قالوا لا شرق ولا غرب، ولكن كل هذا حسم في الدستور الجديد الذي أتى بعد اتفاق الطائف بأن لبنان عربي الهوية والانتماء، هذا أمر مفروغ منه.

أيضا في إعلان بعبدا الذي نص على تحييد لبنان عن الصراعات الدولية والإقليمية، استثنى القضية الفلسطينية وقضايا الإجماع العربي، إذن نحن لسنا أبدا ضد الإجماع.. وأنت تعلم أنه تم شطب إعلان بعبدا من قرارات الجامعة العربية الصيف الماضي وبطريقة غير واضحة، فرئيس الحكومة لم يكن لديه علم بذلك وشطبها وزير الخارجية اللبناني، ويجب إعادة إعلان بعبدا في الاجتماع القادم المنعقد في أبريل، وأعتقد أن رئيس الحكومة سيعيد هذه العبارة التي أدرجت في القرار والإعلان الذي اتخذ وثيقة رسمية بالجامعة العربية.

الأمور متكررة، ومساعي تعرية لبنان من سيادته تتوالى بدءا بتعطيل انتخاب الرئيس، ومحاولة شطب إعلان بعبدا، ودفع المملكة لإلغاء الهبة، حتى لا نلجأ إلى إقرار الاستراتيجية الدفاعية، حتى بعد بضع سنوات نقول للمقاومة شكرا الجيش وحده من يحمل السلاح، وأصبح معه السلاح المناسب، وعدم متابعة قرارات المجموعة الدولية لدعم لبنان التي عقدت بنيويورك لـ3 مرات وأعطت قرارات دعم لاستقرار لبنان الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي، وأقرت دعم الجيش دون أن تقدم الأموال، وطالبت بفتح صندوق ائتماني لمساعدة لبنان تعويضا عن أضرار البنى التحتية من جراء الحوادث في سوريا، هذه كلها أمور لصالح لبنان، نرى أن هناك تساقطا كتساقط ورق الخريف تسقط ورقة تلو أخرى، ولا أعلم ما الهدف من تعرية لبنان من هذه المقومات العربية والدولية التي تسانده.

أنا قلت وأقول وأردد.. نحن عرب فلماذا نطلب من المملكة والدول العربية أن تتفهم وضعنا الداخلي، لا بالعكس، فلنطلب من إيران أو من أي دولة معنية أخرى أن تتفهم أننا عرب ومع الموقف العربي، لماذا هذا التردد.

رغم كل ذلك.. أعتقد أن لبنان في قلب السعودية وفي قلب وعقل الملك سلمان.. نحن نعتقد بأن ما حدث هو عبارة عن غيمة صيف.. ونحن يجب أن نكون حازمين في موقفنا ولا نترك لأي كان أن يتردد ويعمل على سياسة لبنان كيفما يريد، وعندما يكون هناك رئيس جمهورية لا يوجد إرباك بالسياسة الخارجية لأن الدستور يعطي رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة حرية التفاوض والمواقف في الندوات الدولية ومع الدول الخارجية، ولكن رئيس الحكومة لا يمكنه أن يتفرد فهو مضطر لأن يتحدث مع رئيس الجمهورية وهو يمثل رئيس الجمهورية في حال الفراغ، وبصفته رئيس الجمهورية عليه أن يشاور الوزراء جميعهم عندما يتخذ قرارا وهنا الطامة الكبرى، لذلك أصبح وزير الخارجية هو من يعبر عن هذه السياسة بطريقة غير مناسبة لمصلحة لبنان.

2 ذكرتم بأن ما يحدث هو عبارة عن سحابة صيف ستمر بين السعودية ولبنان، ولكن ماذا عن لبنان الداخل، فاليوم بدأت أزمة تعصف بشكل الحكومة باستقالة الوزير ريفي وتلويح المشنوق بها كذلك، ماذا عن بعد، هل الحل باستقالة الحكومة وإيجاد حكومة تصريف أعمال، أم ماذا؟

للأسف حكومة تصريف أعمال لا تختلف كثيرا عن وضع الحكومة الحالي، لأن أي وزير لا يمكن أن يوقع قرارا قبل رفعه لرئيس الحكومة بصفته رئيسا للجمهورية وعندها كرئيس للجمهورية مضطر أن يأخذ تواقيع الوزراء جميعهم، التعقيدات هي نفسها وأكثر... أنا أفضل أن تجتمع الحكومة وتطرح الموضوع الذي حصل في السياسة الخارجية، وتأخذ قرارا بشأن العلاقة مع الدول العربية وتثبت قضية الإجماع العربي والتوافق معه وعدم الخروج من صداقات مع الدول العربية وتصحيح موضوع النأي بالقرار المتعلق بالمملكة، بحيث يكون نحن مع القرار، الحكومة يجب أن تتخذ هذا الموقف، وعندها تسلم من الاستقالة، وتتابع العمل. ممثلو الحكومة الحاليون معظمهم في الكتل النيابية، فإذا كانوا عاقلين فليذهبوا للمجلس النيابي في 2 مارس وربما قبل، وينتخبوا رئيس الجمهورية وتنتهي هذه المهزلة في لبنان، لا يجوز أن نلتزم بمرشح واحد، هناك الآن 3 مرشحين، وربما خلال الجلسة يبرز مرشح رابع، فلماذا لا يذهبون إلى المجلس وينتخبون رئيسا للبلاد، هذه المقاطعة غير مقبولة، هل أحد يقاطع الديمقراطية؟ من يقاطع الديمقراطية في السياسة كمن يقاطع الرب في الديانة، عليه واجبات أن ينتخب، فليذهب ويقول لا.

3 من المستفيد من وجهة نظركم من تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية؟

حتى يبقى لبنان ورقة في أيدي محور الممانعة سوريا إيران إلى آخره، ولمنع لبنان من قول كلمته عندما يقترب الحل في سوريا فهو لديه ارتباط وثيق جغرافي سكاني مع سوريا، فحينما يوضع حل في سوريا يجب أن يكون هناك رئيس لبناني يستطيع أن يقول ويعبر عن مصلحة لبنان، أعود وأكرر ليس هذا عدم ثقة برئيس الحكومة فأنا أثق فيه، ولكنه هو مرتبط بالوزارة بكاملها حتى يستطيع أن يبدي موقفا أو رأيا، فإذا نسجت الحلول السياسية بغياب رئيس في لبنان، هذا مسيء للبنان، ومن أول الحلول التي يطلبها لبنان بعد استقرار سوريا هي مسألة ترسيم الحدود، فهذا أمر تاريخي، يجب أن يكون هناك رئيس لبناني للمطالبة بترسيم الحدود، وتكليف مراقبي الأمم المتحدة بالإشراف على هذا الترسيم، وإلا سنبقى دون ترسيم حدود واضحة بين لبنان وسوريا، ولكن عندما يكون حاضرا الرئيس يستطيع أن يعبر وبحرية وباتفاق مع رئيس الحكومة فقط عن المصلحة اللبنانية، فتغييبه ربما ليخرج أي حل على حساب لبنان أو دون التطلع لمصلحته.

4 هل سركم ما حدث من اتفاق بين جعجع وعون بتأييد الأول ترشيح الأخير لمنصب رئيس الجمهورية؟

هذا تأييد سياسي لعون، والتأييد يتكلم عن نفسه، ولكن أن تذهب كتلة نواب جعجع إلى المجلس النيابي ولا يذهب ميشال عون، فكيف يمكن أن أعلق على موضوع ناقص في شكله ومضمونه. هناك تأييد فهمنا، ولكن كيف ينزل جعجع ويقاطع عون هذا أمر غير سوي.

5 ما هي أبرز التحديات الأمنية التي تواجه الجيش وقوى الأمن الداخلي؟

الجيش لديه مهمة الدفاع عن الحدود الجنوبية ضد إسرائيل وهو تحت أنظار الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهناك قوات دولية تتعاون مع الجيش اللبناني في ضبط الأمن بهذه المنطقة وهو أمر يقتضي جهدا مستمرا، واليوم لدينا موضوع الإرهاب، بتعاون الأجهزة في لبنان وبالتفاف الشعب اللبناني حول الجيش تمكن الجيش من صد الاعتداءات الإرهابية منذ قديم الزمن، أثناء اشتباكات الضمنية وبعدها البارد، أصبح الجيش متمرسا في مكافحة الإرهاب وكشف مخططات الإرهابيين مسبقا وتوقيف شبكاتهم.

قال عن:

- إيقاف الهبة السعودية

»سيكون له تأثير كبير على جهوزية الجيش بالسلاح والعتاد.. ولكن علاقتنا مع المملكة تاريخية وعروبية«

- شغور كرسي الرئاسة

«من يقاطع الديمقراطية في السياسة كمن يقاطع الرب في الديانة وعلى وزراء الحكومة إن كانوا عاقلين أن يتوجهوا للمجلس النيابي في 2 مارس المقبل»

- سيادة لبنان

«هناك مساع متوالية تسعى لتعريتها حتى لا يلجأ لبنان لإقرار الاستراتيجية الدفاعية، وتبعا لذلك حصر السلاح بالجيش»

- تأييد جعجع لعون

«نفهم التأييد.. ولكن من غير المفهوم أن يقاطع فريق عون جلسة الانتخابات التي تلت ذلك»

- اختيار رئيس جديد

«ضرورة ملحة لكي لا يخرج لنا حل في سوريا دون أن يكون هناك من يطالب بترسيم الحدود»